
شيركو حبيب
كاتب
الجزء الثامن.. حركات بارزان الوطنية في عدد من وثائق الأرشيف الوطني البريطاني

ليس من السهل الكتابة عن منطقة بارزان والبرزانيين؛ فـ «بارزان» منبع النضال والتضحية، ومدرسة الوطنية وعرين الأسود منذ حرکة الخالد الشيخ عبد السلام بارزاني. لقد رفض شجعنها وأبطالها الظلم والطغيان، وكانت مهدًا للثورات وانتصارًا للمظلوم، وتحدت كل الظالمين من أجل العيش الكريم، وإرساء أسس العيش المشترك والتآخي.
في هذه الوثائق تظهر مدى أهمية بارزان ومحاولة الحكومات ليست فقط العراقية، بل الإيرانية والتركية والبريطانية، السيطرة على بارزان ورجالاتها، إلا أن صمودها وثبات رجالها كان أقوى من المؤامرات والنوايا الخبيثة لهذه الحكومات.
تظهر الوثائق التي يتضمنها هذا الكتاب مدى إصرار قادة بارزان على إحلال السلام والأمان في المنطقة. كما تظهر شجاعة وبسالة البارزانيين وتصديهم لحكومات أربع دول، وكيفية وصول مصطفى بارزاني الخالد وأتباعه إلى حدود الاتحاد السوفيتي السابق بجدارة وفي ملحمة بطولية لا مثيل لها.
وتتحدث الوثائق أيضًا عن دور البارزاني الخالد في إعلان أول جمهورية كوردية في عام 1946م والتي سميت بجمهورية «كوردستان» وعاصمتها «مهاباد».
إن تعاليم بارزان مدرسة في الحب، والوطنية، والتسامح، والاحترام، والمساواة، وتقاسم الثروات، والحصول على المعرفة، والإصلاح الاجتماعي وحماية البيئة.
نستخلص من تاريخ بارزان الدروس والعبر من نضال وشجاعة البارزانيين.
حقا إنها مدرسة النضال، والفداء، والتضحية والبسالة.
أتمنى أن نكون قد تمكنا من تعريف جزء يسير عن بارزان إلى القراء الكرام
عمليات بارزاني
ملا مصطفى بارزاني كوردي عراقي من شمال العراق، في صيف عام 1945م ثار ضد الحكومة العراقية، وتم إخماد ثورته، وهرب إلى الجزء الجنوبي من آذربيجان الفارسية، التي كانت آنذاك تحت سيطرة السوفيت، سُمح له بالبقاء هناك، وشارك في حركة الحكم الذاتي الكوردية المستوحاة من السوفيت.
عندما استعادت الحكومة الفارسية السيطرة على أذربيجان في ديسمبر 1946م كان الملا مصطفى قد ترك المنطقة، حاولت الحكومة العراقية دون جدوى إقناع الحكومة الفارسية بنزع سلاحه وأتباعه وتسليمهم لهم، الفرس لم يكونوا مستعدًين للقيام بذلك لأنهم لم يرغبوا في شن حملة ضد الملا مصطفى، لكنهم عرضوا عليه وأتباعه منطقة بالقرب من طهران([1]) يمكن أن يستقروا فيها بشرط أن يتخلوا عن أسلحتهم ويصبحوا رعايا فارسيين، رفض الملا مصطفى هذه الشروط وقرر التوجه إلى شمال العراق مع أتباعه (يقدر عددهم بنحو 1500 رجل مسلح)، بدأت جماعته في التحرك نحو مفترق الحدود العراقية والفارسية والتركية، يبدو أن سبب القتال الحالي هو أن الملا مصطفى حاول تغيير مساره واختراق الطوق الفارسي.
وزارة الخارجية
1 نيسان/أبريل 1947م
السفارة البريطانية
طهران
No. 154/37/47
No 119
16th April 1947
رسمي
سيدي
1- يشرفني أن أنقل إليكم طية تقريرًا في "جورنال دي طهران"، في 11 نيسان/أبريل، حول بيان أدلى به رئيس الأركان العامة الفارسي في مؤتمر صحفي في اليوم السابق بشأن العمليات العسكرية ضد البرزانيين.
2- على العموم، فإن البيان العام للجنرال (رازمارا) يتوافق مع المعلومات الموجودة لدى ملفات استخبارات الملحق العسكري للسفارة.
ا- عدد عائلات البارزاني والرجال المقاتلين مرتفع للغاية عند 2000 - 3000 على التوالي. 1500 و1500 على التوالي ستكون أقرب إلى الهدف.
ب- من الغريب في الفقرة الثالثة من الفصل 2 أن رئيس الأركان العامة الفارسي لم يذكر الحرب بين البارزانيين والجيش العراقي التي أدت إلى لجوء البارزانيين إلى بلاد فارس، تقرير صحفي يشير إلى فكرة قدومهم إلى بلاد فارس كانت بدعوة قاضي محمد فقط.
ج- قد يكون إنكار الجنرال (رازمارا) للتدخل الأجنبي مبررًا جيدًا فيما يتعلق بالعمليات الحالية، ولكن هناك الكثير من الأدلة التي تظهر أن الروس ساعدوا البارزانيين مع الأسلحة، الذخيرة والملابس حتى وقت انهيار آذربيجان الديمقراطية وحركة الاستقلال الكوردية في تشرين الأول/نوفمبر 1946م.(في بعض المراجع تاريخ سقوط الجمهورية هو 17 ديسمبر/ كانون الأول، وقد تأسست في كانون الأول 1946 وانهارت بعد 11 اشهر وفي بعض المرجع تاريخ السقوط هو تشرين الأول 1946-المترجم)
أرسلت نسخ من هذه المرفق إلى سفارة صاحب السعادة في موسكو وبغداد.
لي الشرف مع فائق الاحترام سيدي
خادمكم المتواضع المطيع
من بغداد إلى وزارة الخارجية
Sir H. Stenehewer
No 376
22nd April 1947
برقية طهران رقم 488
البارزانيون
1- عدد الضباط العراقيين الذين التحقوا بملا مصطفى 12 من بينهم 2 حاليًا(1) رهن الاعتقال في بغداد.
2- أعلنت مديرية الدعاية في التاسع عشر أنه حتى الآن استسلم 1550 رجلاً بارزانيًّا (بمن فيهم الشيخ أحمد) 1686 امرأة و1329 طفلًا، وتم إرسالهم إلى مناطق الاستقبال حسب الأصول.
نسخة أرسلت إلى دائرة الحرب.
من طهران إلى وزارة الخارجية
Mr. Le Rougetel
No. 512
23rd April 1947
مكرر إلى بغداد
برقية بغداد المرقمة 376
رحلة البارزانيين
مستعجل
رئيس الأركان العامة الفارسي قدم المعلومات الإضافية التالية للملحق العسكري:
ملا مصطفى بارزاني مع 500 رجال من المسلحين مع 6 من ضباط الفرس غادروا يوم 18 نيسان/أبريل بلاد فارس متجهين إلى بارزان، تم القبض على أحد الضابط الهاربين في القتال الأخير، واثنين من ضباط الصف العراقيين استسلما، والآن تم ترحيلهما إلى طهران للاستجواب، رئيس الأركان العامة يعتقد أن جميع البارزانيين قد غادروا بلاد فارس.
من بغداد إلى طهران
Sir H.Stonehewer Bird
No 120 25th April 1947
ملا مصطفى مع 200 من أتباعه المسلحين دخل العراق من خلال تركيا، كان هناك اشتباك طفيف مع الشرطة العراقية، لقد انسحب الآن إلى منطقة مجاورة (لقرية اركوش) شمال بارزان، حيث حاصره العراقيون بالتعاون مع الأتراك.
يبدو أن هناك إمكانية أن يكون قادرًا على العودة إلى بلاد فارس، الحكومة العراقية واثقة من أنه سيتم القبض عليه قريبا وقد طلب العفو، ولكن قيل له إنه يجب أن يستسلم دون قيد أو شرط
أرسلت نسخة إلى سكرتارية الشرق الأوسط
[1] - منطقة ورامين او فرامين التي تبتعد عن طهران حوالي 30 كم-
(1) كانوا اربعة سلموا انفسهم للحكومة العراقية خلافاً لرغبة البارزاني، فأعدموا في 19/6/1947. (بوتاني)