
مهند محمود شوقي
محرر
التشكيلة التاسعة لحكومة إقليم كوردستان: من "روناكي" إلى الإصلاحات الشاملة

يشهد إقليم كوردستان في السنوات الأخيرة تحولاً نوعياً تقوده التشكيلة التاسعة للحكومة برئاسة مسرور بارزاني، واضعة الإصلاح والتنمية المستدامة في صميم أولوياتها. ويبرز مشروع "روناكي" (الإنارة) كأحد أبرز ثمار هذه الرؤية، حيث نجحت الحكومة في إيقاف عمل أكثر من 3,222 مولدة كهرباء أهلية كانت تسيطر على الأحياء والأسواق. هذه الخطوة لم تكتفِ بتخفيف الأعباء المالية عن المواطنين، بل أسهمت أيضاً في تقليل الانبعاثات الملوثة بأكثر من 600 ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، في إنجاز يجمع بين البعد البيئي والاقتصادي، ويعكس التوجه الجديد نحو الكهرباء المستمرة والطاقة النظيفة.
لكن "روناكي" لم يكن سوى جزء من برنامج إصلاحي واسع. فمنذ تشكيل الحكومة، وضعت التشكيلة التاسعة هدفاً استراتيجياً يتمثل في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، عبر الاستثمار في قطاعات بديلة مثل الزراعة والسياحة والصناعة، فضلاً عن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي خلقت فرص عمل جديدة للشباب وأسهمت في تنشيط الاقتصاد المحلي.
وفي موازاة ذلك، أولت الحكومة اهتماماً ملحوظاً بملف الرقمنة والإدارة الإلكترونية، فتم إدخال أنظمة الدفع الإلكتروني وتوسيع نطاق الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، ما عزز الشفافية وساهم في تقليل الروتين الإداري الذي أثقل كاهل المواطنين لعقود.
أما في القطاع الصحي، فقد شهدت كوردستان تحديثاً في البنية التحتية للمستشفيات وبرامج تدريب للكوادر الطبية، إضافة إلى إدارة جائحة كورونا بخطط استباقية نالت إشادة محلية ودولية. وفي مجال التعليم، عززت الحكومة الشراكات مع جامعات عالمية واستقطبت مؤسسات تعليمية دولية إلى الإقليم، ما انعكس إيجاباً على مستوى النظام التعليمي وفتح آفاقاً أوسع أمام الطلبة.
ولم تغفل الحكومة جانب الأمن والاستقرار، حيث عملت على إصلاح وتطوير قوات البيشمركة عبر برامج تدريب وتسليح حديثة، مع استمرار تعزيز التنسيق مع التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، مما عزز موقع الإقليم كعامل استقرار إقليمي وشريك أساسي في الملفات الأمنية.
كذلك، حظيت القضايا البيئية بأولوية واضحة، فإلى جانب إيقاف آلاف المولدات ضمن مشروع "روناكي"، عملت الحكومة على خفض نسب التلوث والضوضاء، في انسجام مع أهداف التنمية المستدامة وحماية الطبيعة.
لقد أثبتت التشكيلة التاسعة بقيادة مسرور بارزاني أن الإصلاح في كوردستان ليس مجرد شعار سياسي، بل مشروع عملي متكامل يطال مختلف القطاعات. فنجاح "روناكي" في ملف الطاقة يتكامل مع الإصلاحات الاقتصادية والرقمية، ويتناغم مع خطط الصحة والتعليم والأمن والبيئة. ومن خلال هذه الرؤية الشاملة، تضع الحكومة أسس مرحلة جديدة عنوانها: الخدمات المستمرة، الإصلاح العميق، والتنمية المستدامة، بما يجعل كوردستان أكثر قوة واستقراراً، وأكثر استعداداً لمواجهة تحديات المستقبل.