مسرور بارزاني... عندما يتحوّل الإصلاح إلى مشروع وطني حقيقي

مسرور بارزاني... عندما يتحوّل الإصلاح إلى مشروع وطني حقيقي
مسرور بارزاني... عندما يتحوّل الإصلاح إلى مشروع وطني حقيقي

في زمن تتصدر فيه الفوضى والفساد مشهد الحكم في العراق، يخطو إقليم كوردستان، بصمت وثبات، نحو بناء تجربة سياسية واقتصادية مختلفة، لا تدّعي الكمال، لكنها تسعى إليه.

وفي قلب هذه التجربة، يبرز دور رئيس حكومة الإقليم، السيد مسرور بارزاني، كأحد أبرز القادة الذين ربطوا القول بالفعل، وجعلوا من مفهوم "الإصلاح" أداة عملية لتغيير واقع المواطن الكوردستاني، لا مجرد شعار انتخابي.

منذ تسلّمه رئاسة الحكومة في 2019، واجه دولة الرئیس مسرور بارزاني تحديات غير مسبوقة، منها أزمات اقتصادية خانقة، تفاقم الخلافات مع بغداد، قطع المیزانیة و رواتب موظفي الإقلیم، وانقسام داخلي سياسي طال حتى بعض المؤسسات.
لكن، ورغم ذلك، اختار طريق الإصلاح المؤسساتي والبنية التحتية والاستثمار في الإنسان، بدلاً من العبارات الشعبوية والقرارات الترقيعية.

لقد أطلق السيد مسرور بارزاني برنامجاًحكومياً واقعياً هدفه إصلاح قطاعات الإدارة، والتعليم، الاقتصاد، الصناعة، الزراعة، السياحة، والخدمات. فمن أبرز ملامح هذه الإصلاحات هي محاربة الفساد الإداري والمالي من خلال رقمنة الأنظمة الإدارية وربط الوزارات إلكترونياً و تعزيز الشفافية المالية عبر تفعيل ديوان الرقابة المالية و إطلاق مشاريع استراتيجية في الزراعة والصناعة والطاقة لتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية.

لكن الإصلاح في كوردستان لم يكن تقنياً فقط، بل كان سياسياً ووطنياً في جوهره؛ فقد سعى دولة الرئیس مسرور بارزاني إلى تعزيز الشعور بالمواطنة والانتماء، وفتح أبواب الدولة أمام الشباب والخريجين الجدد، لا سيما في القطاعات الحيوية.

إن قرار رئیس الحكومة الأخير بدمج 775  من خريجي الكليات الطبية في مؤسسات القطاع الصحي لا يُعد مجرد توظيف روتيني، بل رسالة سياسية واجتماعية عميقة مفادها: "المواطن أولاً، والكفاءات هي الأساس.”

في ظل بطالة خانقة تعمّ العراق، وغياب فرص العمل في أغلب المحافظات، تأتي هذه الخطوة لتعكس اهتماماً عملياً من الحكومة بالطاقات البشرية، وحرصاً على تحسين واقع الخدمات الصحية، خاصة في المناطق التي عانت من التهميش سابقا.

الإجراءات القانونية التي اتُخذت لتسريع عملية الدمج تُثبت أن هناك إرادة حقيقية للعمل، لا تسويف ولا بيروقراطية مقيتة. وهذا ما يميّز الحكومة الحالية: القرار فيها ليس سياسياً فقط، بل تنفيذياً وفعّالاً. 

في الوقت الذي ما تزال فيه بغداد غارقة في تعقيدات المحاصصة والطائفية والشلل التشريعي، يُحاول إقليم كوردستان، عبر قيادة مؤمنة بالإصلاح، أن يبني نموذجاً مختلفاً يُحتذى به.

قد لا يكون النموذج كاملاً لكنّه يتطوّر ويتحسّن، وينبع من رؤية استراتيجية واضحة.
رئيس الحكومة لا يُخفي التحديات، لكنه لا يهرب منها. يواجهها عبر العمل المؤسساتي و بناء جسور الثقة مع المواطني و. تعزيز العلاقات الاقتصادية مع العالم وفرض الانضباط الإداري داخل مؤسسات الدولة.

و ختاماً  ، إن نجاح أي تجربة حكم لا يُقاس بالخطابات، بل بالنتائج على الأرض.
وحكومة السيد مسرور بارزاني أثبتت في أكثر من موقف أنها حكومة فعل، لا وعود.
دمج الخريجين، تحسين الخدمات، الرقمنة، محاربة الفساد، كلها أجزاء من مشروع وطني شامل يسعى إلى بناء دولة مؤسسات في كوردستان، لا دولة أشخاص.

والأهم: أن ما يحدث اليوم في الإقليم يُعيد تشكيل الثقة بين المواطن والدولة، تلك الثقة التي فُقدت في أغلب مناطق العرا تجاه الحکومة الإتحادية.

لهذا، فإن دعم هذا المسار الإصلاحي هو واجب وطني وأخلاقي، ليس فقط لحماية مكتسبات و المصالح العليا لكوردستان، بل لصناعة نموذج يمكن أن يُلهم باقي أجزاء العراق، وربما المنطقة بأكملها.