
د. سامان سوراني
أكاديمي كوردي
الحزب الديمقراطي الكوردستاني بين تجديد الوجوه وتثبيت حقوق الإقليم في الدستور العراقي

انطلقت، يوم الجمعة (3 تشرين الأول 2025)، الحملات الدعائية الخاصة بانتخابات الدورة السادسة لمجلس النواب العراقي في کافة محافظات إقليم كوردستان، والتي من المقرر إجراءها بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 وستحدد الانتخابات أعضاء مجلس النواب العراقي الفدرالي البالغ عددهم 329 عضواﹰ، وهم المسؤولون عن انتخاب رئيس الجمهورية ومنح الثقة للحكومة الفدرالية، وسط أجواء سياسية مختلفة عن سابقاتها، تتميز بغياب التوتر الإعلامي الحاد وتراجع الحضور الرمزي للقيادات السياسية من الصف الأول في الأحزاب الكوردستانية.
في هذا السياق، تبرز قائمة الحزب الديمقراطي الكوردستاني 275 كواحدة من أبرز القوائم وأكثرها تأثيراً، فهو أكبر وأقدم الأحزاب السياسية الكوردستانية، سواء من حيث تاريخه النضالي أو من حيث حجم التأييد الشعبي الذي يحظى به في صناديق الاقتراع.
ورغم دخول الانتخابات هذه المرة بوجوه جديدة من الخطوط الثانية والثالثة، يظل الحزب يتمتع بقوة تنظيمية صلبة وتأثير سياسي متجذر، يعكسه حضوره في مفاصل الحكم في الإقليم ودوره المركزي في بغداد.
للحزب الدیمقراطي الکوردستاني رؤية واضحة نحو البناء من الناحیة الاقتصادية و الإجتماعیة، إذ يركز على مشاريع البناء والإعمار كوسيلة فعالة لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني و دعم التنمية الإقتصادية في في مختلف القطاعات (مثل الزراعة والصناعة والخدمات) و توفير فرص العمل للشباب من مختلف المكونات.
أما مايميز هذه الدورة الانتخابية للحزب الديمقراطي الكوردستاني هو توجهه نحو تقديم وجوه جديدة، أغلبها لم يسبق لها العمل النيابي أو السياسي المباشر في العاصمة العراقية. ويأتي هذا التغيير في إطار قراءة دقيقة لمتغيرات المرحلة، خاصة في ما يتعلق بضعف تمثيل القضايا الكوردستانية في مجلس النواب خلال الدورة السابقة، حيث فشل بعض النواب في القيام بدور رقابي وتشريعي فاعل لصالح الإقليم و السعي لضمان تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، المتعلقة بالمناطق الکوردستانية الخارجة عن إدارة الإقلیم، مثل كركوك، مما دفع الحزب إلى مراجعة خياراته.
نحن نری بأن الحزب يهدف من خلال هذا التغيير إلى تعزيز خطابه المعلن (الشراكة، التوافق، التوازن) لدى الناخبين، عبر التركيز على ملفات حيوية كالاتفاق النفطي مع بغداد، وتثبيت حقوق الإقليم في الموازنة العامة، وتأمين رواتب الموظفين، إلى جانب حماية حصة الإقليم من التعيينات الاتحادية وهي قضايا شكلت محور اهتمام الشارع الكوردستاني في السنوات الماضية.
القیادة الکوردستانية الحکیمة وجّهت دعوة لجميع الأطراف السياسية للالتزام بتعليمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وإدارة حملة انتخابية "حضارية" تعكس التعايش وقبول الآخر في كوردستان، بعيداً عن التوتر والانقسام. دعوة تعكس حرص القيادة السياسية الكوردستانية، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الكردستاني، على حماية السلم الأهلي ورفع مستوى الوعي الانتخابي، وجعل الانتخابات ساحة للمنافسة النزيهة لا للصراعات.
ختاماﹰ، بين تجديد الوجوه الانتخابية، وهدوء الحملات، وطموحات بتحقيق تمثيل أقوى في بغداد، يدخل الحزب الديمقراطي الكوردستاني غمار الانتخابات الجديدة بثقة التنظيم العريق، ورغبة واضحة في استعادة زمام المبادرة التشريعية لصالح حقوق و قضايا كوردستان المشروعة. ويبقى رهان الشارع الكوردستاني معقوداً على قدرة ممثليه في مجلس النواب المقبل على ترجمة مطالب الإقليم إلى قوانين وسياسات عادلة ضمن الدولة الاتحادية.
الدکتور سامان سوراني