في دلالة افتتاح الرئيس بارزاني ممرًّا وحديقة باسم البيشمركة في باريس

في دلالة افتتاح الرئيس بارزاني ممرًّا وحديقة باسم البيشمركة في باريس
في دلالة افتتاح الرئيس بارزاني ممرًّا وحديقة باسم البيشمركة في باريس

أمران خطرا على ذهني للوهلة الأولى:

الأول: إنّ وجود الرئيس بارزاني، وأهميته، ومشاركته في هذا الحدث التاريخي لا يعطي صورة وقتية كمحطة من محطات علاقة الأمم أو الشعوب فحسب، بل يسجّل نصرًا للرئيس في سجلات انتصاراته. فقيمة هذا الحدث لا تقلّ أهمية عن نصر كُردستان على الطاغية، والظلم، والظلامية، والإرهاب، ثم الاستفراد بالحكم من قبل المركز، والذي تُوِّجَ في "الاستفتاء".

الثاني: مرّ على ذهني، وأنا أتابع التغطية الإعلامية لمراسيم افتتاح ممر وحديقة باسم "بيشمركة" في الدائرة (15) بباريس، ثلاث محطات هامة:

أولها: أنّ هذه الخطوة تاريخية ولا تقف عند حدود الرمزية، وليست مجاملة من فرنسا لكُردستان، فالدول العريقة لا تجامل، إنما هي دليل قاطع على أنّ البيشمركة قوة سعت وتسعى للدفاع عن العالم الحر؛

ثانيها: أنّ باريس ليست مدينة بحجم عاصمة فحسب، بل هي مدينة البهاء التي انتشرت منها ثقافة النور وخطاب الحريات، وبالتالي فهي الأقرب إلى القيم التي تسعى إليها البيشمركة؛

ثالثها: أنّ باريس كمدينة وضعت اللبنات الأولى للشراكة الأممية، وأقصد هنا نواة أو ملامح الأمم المتحدة، ما يدفعنا إلى تصور أنّ القيم التي تحملها الأمم يمكن رؤيتها في كفاحات البيشمركة.

والحال، ما جرى في باريس نهار الجمعة هو جزء من ردّ الجميل لما قدّمته البيشمركة ورئيسها الأول من جهود ونضال وكفاح جبّار ضد أعتى تنظيم إرهابي، من أجل خلاص العالم الحر كله من هذا الإرهاب. لم ينم رئيس البيشمركة في مقره، بل كان جنبًا إلى جنب مع رفاق درب الحرية، ينام في خنادق المعارك، ويسجد ويصلّي على أرضها. وبهذا المعنى، فإنّ تلك الخطوة شهادة ذهبية على أنّ البيشمركة وبقرار الرئيس استطاعت دحر الإرهاب وإبعاد شره عن العالم.

استطرادًا، قرأتُ مرة أنّ في الغرب ثمة صورة متخيّلة لبلاد فارس باعتبارها "بقعة أوروبية في الشرق". وفي هذه المراسيم تبيّن لي، أو تخيّلت، أنّ هذا التخليد يعني أنّ "البيشمركة قوى العالم الحر في المخيلة الغربية"، ولكن ليس على شاكلة "بلاد فارس" كما ذكر أحد الكتّاب، بل بحكم الواقع والوجود.

بعيدًا عن التاريخ، فإنّ الفرنسيين يعرفون أنّ الذين دقّوا مسمار نعش الإرهاب هم الكُرد، في روج آفا كُردستان، وما زالوا يلاحقون فلوله من وكر إلى وكر، وفي كُردستان أيضًا. ولذلك يستحق البيشمركة والكُرد هذا التتويج الذهبي.

بقي القول: إنّ هذه الخطوة تأتي في إطار الأمجاد التاريخية، وأصبح اسم البيشمركة مدوّنًا ليس في التاريخ الكُردي فحسب، بل في التاريخ العالمي أيضًا. ومن حسن حظنا أنّ البيشمركة الأول هو بنفسه من وضع كلمات التاريخ، كما يحكي التاريخ عن خطاب الخالد مصطفى ملا بارزاني في باكو.

شكرًا سيدي الرئيس، فبوجودك يتحقق نصر كُردستان، وتصبح البيشمركة مقاتلين عالميين من أجل العالم الحر، والذي، كما قلتَ، سيبقى يقاتل لأجل الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية.