في ذكرى ثورة أيلول الكوردستانية.. بارزاني الخالد وتاريخٌ لا يُمحى

في ذكرى ثورة أيلول الكوردستانية.. بارزاني الخالد وتاريخٌ لا يُمحى
في ذكرى ثورة أيلول الكوردستانية.. بارزاني الخالد وتاريخٌ لا يُمحى

في مثل هذا الیوم من عام 1961، انطلقت شرارة ثورة أيلول الكوردستانية المجيدة، بقيادة القائد الخالد ملا مصطفى بارزاني، لتُشكّل علامة فارقة في التاريخ السياسي والنضالي لشعب كوردستان. لم تكن تلك الثورة مجرّد انتفاضة مسلّحة ضد الظلم، بل كانت مشروعاً وطنياً كاملاً، حمل في جوهره قضية شعب يناضل من أجل حقه في الحياة، والهوية، والعدالة.

إن الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني لم يكن مجرّد قائد ميداني، بل كان رمزاً للوحدة الكوردستانية في أحلك الظروف، وصوتاً حراً لشعبه في وجه أنظمة القمع والاستبداد. 

فقد تصدّى بشجاعة لحكومات العهد الجمهوري في العراق، بدءاً من حكومة عبدالكريم قاسم، مروراً بعهدي الأخوين عبدالسلام عارف وعبدالرحمن عارف، وصولاً إلى المواجهة المفتوحة مع النظام البعثي البائد، الذي حاول طمس الهوية الكوردية بكل الوسائل.

فمن أبرز ما ميّز ثورة أيلول هو أنها استطاعت أن توحّد الصف الكوردستاني سياسياً وعسكرياً، في وقتٍ كانت فيه الانقسامات الداخلية أحد أبرز معوقات نضال الشعوب. 

نعم، بقيادة الزعیم بارزاني وُضِعَت الخلافات جانباً، وتحوّل النضال إلى جبهة موحّدة تؤمن بعدالة القضية وتقاتل في سبيلها. وقد شكّلت هذه الوحدة صمام أمان للثورة ومصدر قوّتها الحقيقي، إذ نجحت الثورة بإرساء أساس راسخ للنضال والكفاح المشترك بين مختلف مناطق كوردستان وبمشاركة جميع المكونات والشرائح المجتمعية في كوردستان، دفاعاً عن القضية العادلة وحقوق شعب كوردستان.

وبعد سنوات من القتال والصمود، أثمرت ثورة أيلول عن توقيع اتفاقية 11 آذار عام 1970 بين قيادة الثورة الکوردستانية والنظام العراقي، وهي أول اعتراف رسمي من بغداد بالحقوق القومية للشعب الكوردستاني. ورغم أن هذه الاتفاقية لم تُنفَّذ بالكامل، إلا أنها شكّلت سابقة تاريخية، واعترافاً واضحاً بأن الصوت الكوردي لا يمكن تجاهله، وأن الكفاح لا يذهب سدى.

وفي زمنٍ كانت فيه السياسات الإقصائية تطغى على المشهد السياسي في العراق والمنطقة، كان بارزاني ينادي بأن كردستان بيتٌ للجميع، وأن العدل لا يُجزّأ، والحرية لا تُمنح لقومية دون أخرى، لقد عمل بارزاني الخالد على ترسيخ مبادئ التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين والإيزيديين والكاكائيين وغيرهم من المكوّنات الدينية، كما حافظ على العلاقات الأخوية بين الكورد والعرب والتركمان والآشوريين والأرمن وكل من عاش على أرض كردستان.

وفي حدیث له حول ثورة أیلول المجيدة وصف الرئیس مسعود بارزاني هذه الثورة العظیمة بأنها "صفحةٌ ذهبيةٌ في نهج الحركة التحررية الكوردستانية، وهي أعظم ثورة سياسية ومسلحة وجماهيرية شاملة في كوردستان، إذ استوحى منها شعبُ كوردستان القوة للمضي بعزيمة وخطوات واثقة نحو أهداف جديدة وآفاق أوسع، لتقطع قضيةُ شعب كوردستان أشواطاً كبيرة وتتقدم إلى الأمام".

لقد ترك القائد ملا مصطفى بارزاني إرثاً سياسياً ونضالياً عظيماً، أصبح منارة تهتدي بها الأجيال، وبُني عليه المشروع الوطني الكورستاني الحديث بقيادة الرئیس مسعود بارزاني. واليوم، ونحن نعيش في ظل تجربة ديمقراطية فريدة في إقليم كردستان، لا يسعنا إلا أن نستذكر تلك الثورة التي مهّدت لهذا الواقع، وذاك القائد الذي زرع البذرة الأولى للحلم الكوردستاني الكبير.

و ختاماً: في ذكرى ثورة أيلول المجيدة، نقف بإجلال أمام تضحيات الشهداء، ونتذكّر بفخر دور القائد والزعیم الروحي لشعب کوردستان ملا مصطفى بارزاني، الذي لم يساوم على كرامة شعبه، ولم يتخلّ عن مبادئه رغم كل المغريات والضغوط. 

إن أمانة هذه الثورة لا تزال في أعناقنا جميعاً، والوفاء لها يكون بالتمسك بوحدة الصف، وتعزيز المكتسبات، والمضي قدماً نحو تحقيق الحلم الذي ناضل من أجله بارزاني الخالد: "كوردستان حرّة، فدرالية، ديمقراطية".