الرئيس بارزاني.. مواقف مشرّفة وداعمة للكورد في غرب كوردستان

الرئيس بارزاني.. مواقف مشرّفة وداعمة للكورد في غرب كوردستان
الرئيس بارزاني.. مواقف مشرّفة وداعمة للكورد في غرب كوردستان

منذ اندلاع الأزمة السورية وما رافقها من انهيار للمؤسسات الرسمية وصعود جماعات مسلحة متطرفة، ظلّ مصير الكرد في غرب كردستان مثار قلق دائم. وفي خضم هذه التطورات، برزت مواقف الرئيس مسعود بارزاني كمرجع سياسي وأخلاقي، ليس فقط للكرد في العراق، بل للكرد عمومًا في المنطقة. فقد عبّر في أكثر من مناسبة عن التزامه بالدفاع عن الشعب الكردي أينما كان، مع التركيز على دعم إخوتهم في غرب كردستان، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة قوى الإرهاب ومشاريع التهميش.

حماية قائمة على المسؤولية

أكد الرئيس بارزاني في تصريحات متكررة أن قوات البيشمركة، التي تشكل عماد الدفاع في إقليم كردستان، لن تتوانى عن القيام بواجبها إذا تعرض الكرد في سوريا لتهديد وجودي. هذه الرسالة لم تكن دعوة للتدخل العسكري بقدر ما كانت تعبيرًا عن الاستعداد لتحمّل المسؤولية التاريخية تجاه شعب يتقاسم الهموم والتطلعات عبر الحدود. وهنا تظهر أهمية البُعد الإنساني في خطاب بارزاني، الذي شدد على أن الدفاع عن النساء والأطفال والمواطنين الأبرياء هو أولوية تتجاوز أي حسابات سياسية.

الحذر من الانقسام والصراع

رغم هذا الالتزام الواضح، بقي الرئيس بارزاني حريصًا على عدم الانجرار إلى صراعات جانبية أو صدامات كردية–كردية داخل سوريا. فقد دعا الأطراف الكردية هناك إلى التفاهم والوحدة وتجنب الخلافات التي قد تُضعف الموقف الكردي أمام التحديات الكبرى. هذه الرؤية المتوازنة تكشف عن إدراك عميق لطبيعة المشهد السوري المعقد، حيث يتداخل المحلي بالإقليمي والدولي. من هنا، فإن سياسة بارزاني تقوم على الجمع بين الاستعداد الدفاعي والتمسك بالحلول السياسية، وهو ما ميّز خطابه عن الكثير من الخطابات الشعبوية أو الانفعالية في المنطقة.

رسائل إلى العشائر العربية

لم تقتصر رؤية الرئيس بارزاني على البُعد الكردي فقط، بل شملت إدراكًا لضرورة التعامل مع المكوّنات العربية في المناطق المختلطة. فقد وجّه رسائل واضحة إلى العشائر العربية بأن الأكراد لا يسعون إلى السيطرة أو الإقصاء، وإنما إلى التعايش المشترك والاحترام المتبادل. هذه السياسة ساهمت في تقليل التوترات وبناء أرضية للتفاهم، في وقت حاولت فيه بعض القوى المتطرفة استغلال الفجوات العرقية لإشعال الصراع.

استمرارية الموقف عبر السنوات

اللافت في مسيرة الرئيس مسعود بارزاني أنه لم يتبدل في مواقفه تجاه الكرد في غرب كردستان. فمنذ عام 2013، حين حذر من خطر الإرهاب على الكرد السوريين وأكد استعداد إقليم كردستان للدفاع عنهم، وحتى تصريحاته الأخيرة في عام 2025 التي جدّد فيها هذا الالتزام، ظلّ الخطاب ثابتًا وواضحًا. هذه الاستمرارية تدل على أن المسألة ليست موقفًا تكتيكيًا عابرًا، بل جزءًا من رؤية استراتيجية متكاملة لدور إقليم كردستان في محيطه الكردي والإقليمي.

الدور الكردي المتنامي وحكومة الإقليم

لا يمكن قراءة مواقف الرئيس بارزاني بمعزل عن الدور المتنامي لحكومة إقليم كردستان على الساحة الإقليمية. فالإقليم، الذي تحوّل خلال العقدين الماضيين إلى لاعب سياسي واقتصادي مؤثر، بات يُنظر إليه باعتباره سندًا أساسيًا للكرد في الأجزاء الأخرى. ومن خلال مؤسساته الرسمية وقواته المسلحة وتجربته السياسية، أصبح إقليم كردستان نموذجًا مرجعيًا في كيفية إدارة القضايا القومية ضمن توازنات معقدة. هذا الدور لم يأتِ من فراغ، بل من تراكم خبرة سياسية وعسكرية اكتسبها الإقليم بقيادة بارزاني ، وبدعم من مؤسسات الحكم فيه، في مواجهة تحديات الإرهاب والحصار والصراعات الإقليمية.

كلمة أخيرة

إن موقف الرئيس بارزاني تجاه الكرد في غرب كردستان يعكس مزيجًا من الوفاء والمسؤولية والحكمة السياسية. فهو يوازن بين الدفاع عن القيم الإنسانية وحماية الشعب الكردي من جهة، وبين الحرص على الاستقرار وعدم الانجرار وراء صراعات عبثية من جهة أخرى. ومع تنامي الدور الكردي إقليميًا، وخاصة عبر حكومة إقليم كردستان، يكتسب هذا الموقف بعدًا أكبر، إذ يشير إلى أن القضية الكردية لم تعد قضية محلية منعزلة، بل جزءًا من معادلة سياسية إقليمية باتت تحسب لها القوى الكبرى حسابًا. 

ومن هنا، يمكن القول إن ما يميز مسيرة بارزاني هو قدرته على أن يكون قائدًا ومرجعًا، دون أن يبتعد عن لغة الواقعية السياسية أو عن التزامه الأخلاقي الثابت تجاه أمته.