
د. سامان سوراني
أكاديمي كوردي
الرئيس مسعود بارزاني والوحدة الوطنية.. مناداة الحکمة في زمن الانقسام

رغم التحديات المتراكمة التي يشهدها إقليم كوردستان، ما زالت بوادر الأمل معقودة على حكمة القادة ووعي الشعب الكوردستاني في تجاوز الأزمات والعبور نحو مستقبل أكثر استقراراً ووحدة. ومع مرور أكثر من عام على تعثر تشكيل حكومة جديدة، تزداد الحاجة إلحاحاً إلى حكومة وحدة وطنية شاملة، تعكس إرادة الجميع وتستند إلى المصالح العليا للإقليم، بعيداً عن الحسابات الحزبية الضيقة والانقسامات السياسية التي أرهقت كاهل المواطن.
إن مفهوم الوحدة الوطنية لا يعني إلغاء الاختلافات السياسية أو التنوع القومي والديني والمذهبي، بل يعني إدارتها بعقلانية، وتحويلها من مصدر للصراع والتناحر إلى طاقة إيجابية تُوظف في البناء والتقدم.
فالخلافات في المجتمعات الحية أمر طبيعي ومشروع، بشرط أن تُدار ضمن أطر ديمقراطية تحترم قواعد الحوار السلمي، وتحفظ للمواطن كرامته وحقوقه.
لقد أثبتت تجارب الشعوب أن وحدة الصف الوطني هي الضامن الأول للاستقرار السياسي والاجتماعي، وهي الحصن المنيع في وجه التدخلات الخارجية ومشاريع التقسيم، التي لطالما كانت تتغذى على الفراغات السياسية والتباعد بين مكونات المجتمع. وفي هذا السياق، فإن تأخر تشكيل حكومة فعالة وقادرة على الاستجابة لتحديات المرحلة الراهنة، لم يعد ترفاً سياسياً يمكن تحمله، بل أصبح خطراً حقيقياً على وحدة إقليم کوردستان وتماسكه.
في هذا السياق، يضطلع الرئيس مسعود بارزاني بدور محوري ومشهود له كقائد تاريخي حکیم وزعيم وطني، في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية، وفتح قنوات الحوار الفعّال في سبيل الحفاظ على وحدة البيت الكوردستاني. لقد أكد الرئيس بارزاني في أكثر من مناسبة أن المصالح الحزبية لا يمكن أن تتقدم على المصلحة الوطنية، وأن وحدة كوردستان هي خط أحمر لا يمكن المساس به.
هذا الدور الوسيط والجامع الذي يقوم به الرئيس بارزاني ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لمواقفه الثابتة في دعم الاستقرار السياسي، والسعي لخلق بيئة من التفاهم السياسي والعمل المشترك، على قاعدة الاحترام المتبادل والتشارك في المسؤولية.
الشعب الكوردستاني اليوم، وبعد سنوات من التضحيات، يستحق قيادة موحدة تتبنى خطاباً وطنياً جامعاً، وتسعى لإيجاد حلول عملية وواقعية لمشكلات البطالة، والخدمات، والرواتب، والعلاقات مع الحكومة الاتحادية، فضلاً عن ملف العلاقات الإقليمية والدولية الحساسة. وهذه الملفات لا يمكن التعامل معها بمنطق التشتت والانقسام، بل تتطلب برنامج ً وطنياً موحد ً ، وإرادة سياسية حقيقية تتجاوز الخلافات وتضع مصلحة كوردستان أولاً.
إن المطلوب الآن، وبشكل عاجل، هو حكومة وحدة وطنية تضم القوى السياسية الکوردستانية الفاعلة، وتنبثق عن رؤية کوردستانیة جامعة تستوعب الجميع، لا تُقصي ولا تُهمش، بل تبني على المشترك وتُحسن إدارة المختلف. حكومة ترتكز على مبدأ الشراكة الحقيقية، لا على تقاسم النفوذ والمغانم، وتعمل بشفافية وكفاءة على استعادة ثقة المواطن الکوردستاني وتعزيز مكانة الإقليم في محيطه الداخلي والخارجي.
في الختام، نقولها بوضوح: إن الوحدة الوطنية ليست شعاراً يُرفع عند الأزمات فقط، بل هي خيار استراتيجي يجب أن يتحول إلى ممارسة يومية في كل مؤسسات الحكم والإدارة. وكما كانت الوحدة في الماضي مصدر قوة للكورد وكوردستان، فإنها اليوم أيضا السبيل الوحيد لعبور المرحلة الراهنة، وبناء مستقبل يليق بتضحيات هذا الشعب الأبي. فكوردستان بحاجة إلى حكومة یرأسها السيد مسرور بارزاني و التي استوعبت في سنوات إدارتها الجميع ولم تقصي أحداً، فهي التي قامت بالبناء و العمران و إستطاعت أن توحّد ولم تفرّق و إحترمت التعدد السياسي و کانت ملتزمة برؤية وطنية موحدة. وهذا سوف يتحقق مرة أخری بفضل وجود إرادة سياسية صادقة تخرج من رحم الحوار، وتتسلح بدعم شعبي، وتستند إلى قيادة قوية وموثوقة، مثل القيادة التي يجسدها الرئيس مسعود بارزاني.