بين عتاب الأمس وانتظار اليوم… بغداد تكرر خطأ التعامل مع رواتب الإقليم بمنطق سياسي

بين عتاب الأمس وانتظار اليوم… بغداد تكرر خطأ التعامل مع رواتب الإقليم بمنطق سياسي
بين عتاب الأمس وانتظار اليوم… بغداد تكرر خطأ التعامل مع رواتب الإقليم بمنطق سياسي

قبل أسابيع، كان الكثيرون يوجّهون العتب نحو أربيل بسبب تأخر تحويل 120 مليار دينار إلى بغداد، معتبرين أن أي تأخر في الإرسال سينعكس تلقائياً على رواتب موظفي الإقليم. وبالفعل، ما إن أرسلت حكومة الإقليم مستحقاتها المالية والتزمت بما طُلب منها، حتى تحرّك الأمل بأن تُصرف الرواتب خلال أيام قليلة.

لكن ما جرى بعد ذلك كشف مشكلة أعمق من مجرد مواعيد تحويل الأموال. فاليوم، وبعد أكثر من أسبوع على استلام بغداد لمستحقات الإقليم، ما زالت إجراءات التمويل معلّقة بلا تفسير واضح، لتتحول أصابع العتب هذه المرّة من أربيل إلى بغداد، التي يبدو أن ملف الرواتب لديها لا يُدار بميزان مالي كما يفترض، بل بميزان آخر لا يخلو من الحسابات السياسية.

منذ سنوات، يشكل ملف الرواتب واحداً من أكثر الملفات حساسية لدى المواطنين في إقليم كوردستان. ومع كل خطوة نحو تسوية، تظهر خطوة مضادة تعيد الأزمة إلى نقطة البداية. واليوم يعيش الموظفون أسبوعاً جديداً من الانتظار، رغم أن جميع الإجراءات المالية مكتملة من جانب الإقليم.

ما يثير التساؤلات هو أن الرواتب، التي يفترض أن تكون حقاً شهرياً منتظماً للمواطنين، تحولت تدريجياً إلى أداة ضغط تُستخدم في لحظات التوتر بين بغداد وأربيل. هذا الاستخدام السياسي للملفات المعيشية ينعكس مباشرة على حياة أكثر من مليون موظف وعوائلهم، ويدفع ثمنه المواطن البسيط الذي لا علاقة له بالخلافات السياسية.

لذا  نحن  نقول  وأستنادا  الى  ما  ذكرنا   أعلاه   أنه   لا يمكن لأي حكومة اتحادية، ولا لأي إدارة محلية، أن تبرر تأخير الرواتب بعد اكتمال جميع الإجراءات المالية، فحقوق الناس ليست مساحة لتصفية الملفات، ولا ورقة لموازنة القوى بين الحكومات. المطلوب اليوم هو موقف واضح من بغداد: فصل ملف الرواتب عن التجاذبات السياسية، وإطلاق التمويل بصفته التزاماً دستورياً وقانونياً تجاه المواطنين، لا تجاه أي طرف سياسي.

العتب الذي وُجه سابقاً نحو أربيل كان مبنياً على منطق واضح: عندما تتأخر الأموال، تتأخر الرواتب. لكن اليوم، ورغم التزام الإقليم، ما زال التمويل الاتحادي غائباً. وما لم تُعالج هذه السياسات، سيبقى ملف الرواتب دائرة مغلقة تدور فيها حياة الناس كل شهر.