صناعة بيئة محفزة لتبدل الدولة

صناعة بيئة محفزة لتبدل الدولة
صناعة بيئة محفزة لتبدل الدولة

من افضل ما يدل على اعمال خلق بيئة محفزة على التمسك بالمواطنة سرعة التعامل الحكومي مع الطواريء، خاصة ما قامت به حكومة اقليم كوردستان، وهذا الواجب لا يصح ان يكون عليها فعلى الحكومة الاتحادية واجبها من خلال الاستعداد و التلبية الفورية و المستدامة و التنسيق بين كل الاجهزة في الحكومتين و مع منظمات الغوث لمساعدة مواطنيها على تجاوز الازمة بسرعة و بتعويضات مجزية.
فالعمل الحكومي و التقصير بارزان ظاهران للعيان وجودا و عدما، عملا بقانون الدفاع المدني ٤٤ لسنة ٢٠١٣.
هذه الفقرة الاستهلالية مهم تطبيقها من قبل حكومة بغداد بالتنسيق مع حكومة اقليم كوردستان حتى يلمس المتضررون من كوارث السيول التزام بغداد بحقوق مواطنيها.

يقع على الحكم واجب متجدد، صناعة بيئة إدامة الدولة.
ولهذا العمل حركات تشبه دوران تروس الماكنة، حركات تكاملية، بحيث تدار فيها اجهزة الدولة بينها بين بعض، و تتداخل معها حركة الخدمات، و إنماء و تقوية الاقتصاد، والانسان طبعا، و تتكامل الحركة في مسار للعلاقات المفيدة.
هذه بيئة محفزة للدولة، نشأة- عراقة و بقاءََ.
مثل هذه البيئة لا تحقق مصادفة، بل تكون مقصودة، مطلوبة، واعية واقعية، لا تحتمل البناء الهش على فراغ، او المكابرة او الادعاء بغير صدق.
التخطيط لهذا العمل الاستراتيجي الهائل، لايكون الا بفهم البيئة الاجتماعية، وتقسيماتها، و تحديد وجودها و انتشارها و وزنها و تأثيرها و جعل ارتباطها بأقليم الدولة ارتباطا متقدما في الولاء الاختياري و الثقة بمنظومة الحكم، من حيث كفاءة الادارة و عدالة التعامل، و استقرار المسار و وضوحه.
ثمة دول تاريخيا و آنيا عملت على هذه المفاهيم و نجحت، و صمدت امام الازمات و الحروب، و مثلها ايضا امثلة تاريخية و معاشة، انتهجت تخطيطا  انماء بيئة محفزة لبقاء سلطتها، فزالت او تضاءلت، او هي باقية بسبب قبضة خانقة و ضمن معادلة توازن قوى، لكن عمرها قصير، فهذه طبيعة الاشياء.
ليس اخطر على السلطة في الدولة من احد ثلاثة، الكذب، الوهم، الاستقواء على حساب السيادة، فأن اجتمع الثلاثة، فهو اشبه بأجتماع ثلاثة امراض منهكة على جسم.
اذا شفي منها بقي منه ما لا يرتجى لجهد.
يقال- صدقا كانت الرواية ام خيالا لكنها هادفة- ان عبدالله الاكبر بن محمد( ابو جعفر) المكنى بالمنصور، ثاني خلفاء العباسيين، سأل احد الامويين: ثرنا عليكم فكيف زلتم؟
رد عليه: امور صغار دفعناه لكبار
و امور كبار اسندناها لصغار
قربنا العدو لا سكاته و دفعنا الحليف يقينا بوفائه.
هذا الكلام- ان صح حدوثه- و ان جاوز عمره اكثر من الف سنة، الا انه كلام عامل ينتج عين الحدث اذا ما اشتغلت عليه سلطة لا تريد ان تغادر عقلية الحكم القديم.
سلطة تقيم بيئة محفزة لزوالها، فهي مضطربة القرار، مفككة المواقف، متصارعة بين اعلان و خفاء، هاربة من الواقع، تريد ان لا تحاسب، تبحث عن الرضا عند اقوياء يعرفون ضعفها و انهم سبب الضعف.
ان الذي لا يريد ان يجهد نفسه بدراسة الاقتصاد، و الذي يعتبر التخطيط ترفا فكريا، و الذي يتخيل ان طبقات المجتمع تقوى بمؤتمرات اعلامية لمكاسبه، و الذي لا يسأل عن مسار قيمة عملته، و يريد المنصب لحلاوة تنقص فمه، مثل هؤلاء حرام ان تنهك الشعوب اكتافها بحملهم.