رداً على مغالطات سلام عادل

رداً على مغالطات سلام عادل
رداً على مغالطات سلام عادل

لقد كتب  السيد "سلام عادل" الذي يكتب مع اسمه (كاتب وصحافي عراقي) في احد المواقع الالكترونية وفي صفحته على الفيسبوك، مقالا تحت عنوان "الديمقراطي الكوردستاني، الحزب الذي تأخر عن الدولة" ومقاله هذا عبارة عن نص تلفيقي مليء بالمغالطات والهجوم على الحزب الديمقراطي الكوردستاني. 

في البداية لا بد من التأكيد أن قراءة التاريخ السياسي للأحزاب الكبرى لا يمكن اختزالها في مقولات سطحية أو انتقادات لا تستند إلى حقائق ثابتة. الحزب الديمقراطي الكوردستاني ليس حزبا عاديا يمكن أن يُنظر إليه بعبارات عامة، بل هو مؤسسة سياسية وطنية عميقة الجذور، بنى عبر عقود من النضال والمشاركة السياسية، مشروعا وطنيا للكورد وللعراق معا.

هذا الحزب العريق الذي تأسس وفق أفكار ورؤى الأب الروحي للأمة الكوردية مصطفى البارزاني في 16 آب/أغسطس 1946 برؤية واضحة لبناء الحركة الكوردية وفق أسس الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، مستلهما من تجارب الحركة التحررية الكوردية ومن التراث الوطني للنضال الكوردي. 

من هذه المبادئ نشأت استراتيجية الحزب في نضاله السياسي على امتداد ما يقارب ثمانية عقود، مناهضا للدكتاتوريات والأنظمة القمعية، ساعيا لتحقيق الحقوق المشروعة للأمة الكوردية ضمن إطار الدولة العراقية الحديثة، وضامنا لحياة سياسية تعتمد على التعددية الديمقراطية. 

فالحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يكن يوما طرفا خارج العملية السياسية العراقية، بل كان شريكا فاعلا في تأسيس عراق ما بعد 2003 على أساس الدستور الفيدرالي، الذي أقر نظام الحكم الديمقراطي والتشاركية بين المكونات. هذا الدستور، الذي وافق عليه أكثر من 80% من العراقيين، جاء نتيجة توافقات وطنية شارك فيها الحزب بكل وضوح وتمسك بمبادئه. 

هذا الحزب لم يسع يوما إلى "صناعة المشاكل ثم تسويقها" كما يدّعي السيد سلام عادل ، بل عرض هموم إقليم كوردستان ومصالح شعبه ضمن إطار دستوري واضح، مطالبا بتنفيذ نصوص الدستور، خصوصا تلك المتعلقة بالفيدرالية والحقوق المالية والإدارية للإقليم، وهي مطالب لا تُعتبر انقلابا على الدولة بل تطبيقا لنص دستوري أقره العراقيون جميعا. 

أما عن الادّعاء بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني "تراجع شعبيا" فهو ادعاء لا يمتّ للواقع بصلة. في آخر انتخابات عامة، حصل الحزب على أكثر من (1,100,000) مليون ومائة ألف صوت وحافظ على موقع متقدم في المشهد الانتخابي، وفاز بعدد كبير من المقاعد البرلمانية بمفرده دون تحالفات، مما يدل على استمرار الدعم الجماهيري والثقة الكبيرة التي يضعها المواطنون في الحزب وبرنامجه السياسي.

هذا ليس فقط تكرار نجاح انتخابي، بل تأكيد على أن الحزب هو قوة سياسية مركزية قادرة على تمثيل إرادة المواطنين وإعادة إنتاج شرعية شعبية ديمقراطية صافية، لا تُبنى على العلاقات الطائفية أو الزعامات المشخصنة، بل على برامج سياسية واضحة وثقة الجماهير.

أما فيما يخص الخدمات، فإن الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يكتفِ بالنشاط السياسي فحسب، بل شارك في إدارة مؤسسات الحكم في إقليم كوردستان وتقديم الخدمات الأساسية، من البنية التحتية والتعليم والصحة وصولا إلى الاستقرار الأمني والرفاه الاجتماعي، رغم التحديات التي فرضتها الأوضاع المالية والسياسية الصعبة، والعرقلات من المركز في بغداد أحيانا، وحتى تقلبات الأسواق العالمية.

إنَّ تقدم حزب في انتخابات سياسية بعدد كبير من الأصوات ويكسب مقاعد وبرامج هو دليل على الشعبية الحقيقية وعلى النتائج الواقعية للخدمات والسياسات التي يرتبط بها المواطنون.

إن الديمقراطية ليست شعارا يُعلَن في المقالات، بل ممارسة مستمرة داخل الحزب وخارجه. تداول الأجيال داخل الحياة الحزبية هو جزء من العملية الديمقراطية التي يعمل الحزب على تطويرها، بالتوازي مع احترام إرادة الشعب، وليس الانكفاء داخل بنية مغلقة كما ورد في المقال المُغرض للسيد سلام عادل.

الحزب الديمقراطي الكوردستاني لطالما دعم سياسات الحوار والتفاهم وشجع على شراكة فعلية بين جميع القوى السياسية داخل الإقليم وخارجه، مدركا أن استقرار كوردستان واستقرار العراق هما وجهان لعملة واحدة.

من جانب آخر، الحزب لم يعطل المؤسسات ولم يترك "الفراغ السياسي" خيارا ثابتا؛ بل كان دائما داعما للحوار المؤسساتي مع بغداد وملتزما بالدستور، حتى عندما واجه قضايا دستورية وخلافات عميقة حول الفيدرالية والتنفيذ، إلا أنه ظل يؤمن بأن الحلول الديمقراطية والسياسية هي السبيل الوحيد لبناء الدولة؛ لا الانعزال ولا العنف ولا خلق أزمات مفتعلة.

في الختام، أقول إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني يمثل قوة سياسية تاريخية ذات مشروع واضح لبناء ديمقراطية تعددية وفيدرالية في العراق، وقد أثبت حضوره وتأثيره على الأرض وفي صناديق الاقتراع كسند حقيقي للشعب الكوردي ولشركائه في العراق. إن التقليل من شأن دور الحزب أو تصويره بإطارات غير دقيقة هو تبسيط غير موضوعي يبعد القارئ عن فهم الحقائق السياسية ومسار التحولات الحقيقية في العراق المعاصر.