المسموطة.. "وجبة سومرية" تزيّن موائد العراقيين في الأعياد

صورة إرشيفية - مسموطة
صورة إرشيفية - مسموطة

أربيل (كوردستان 24)- يُعتقد أن وصفة المسموطة ترجع إلى العهود الأولى من حضارة ما بين النهرين القديمة في منطقة الأهوار في جنوب العراق وتعتمد على تجفيف السمك المملح لمدة عشرة أيام قبل طهيه كحساء.

والمكونات مهمة في هذه الوصفة التي تصنع بأنواع مختلفة من الأسماك، حيث يعد ملح البحر الخشن مكوناً أساسياً وفق ما يقول سعيد فاضل الخبير في عمل المسموطة وهو يتفقد الأسماك المعلقة لتجف في خلفية منصة البيع الخاصة به في أحد أسواق مدينة البصرة المطلة على الخليج.

والمسموطة تاريخياً أكلة سومرية ولا تزال تؤكل في جنوب العراق. فبعد صيد السمك ينشر في الهواء أو تحت أشعة الشمس، ويستخدم الخيط لربط بعضه ببعض، ثم يتم خزن الأسماء المجففة، وإذا أُريد استخدامها في الأكل يضاف إليها الماء والبهارات والبصل.

وقال فاضل إن ملح البحر يبقي السمكة كاملة وطازجة.

ويقول حمزة (40 عاما) وهو بائع آخر للمسموطة في البصرة إنهم توارثوا هذه الأكلة منذ عهد الأهوار قبل مئات السنين، وأردف "اعتدنا عليها منذ زمن أجداد أجدادي".

ومن المرجح أن تكون وصفة المسموطة تغيرت على مر القرون وحسب المناطق إذ تعد هذه الأيام باستخدام أنواع معينة من البهار ومنها الكاري الذي جلبه تجار هنود أقاموا سوقاً للبهارات في البصرة بعد الحرب العالمية الأولى.

وعلى الرغم من شهرتها وتداول اسمها في الكثير من المدن والمحافظات العراقية، فإنها بقيت تحافظ على بصمتها وطريقة إعدادها الخاصة في موطنها الأصلي، بلاد سومر.

وعادة ما تؤكل المسموطة في أول أيام عيد الفطر ويقول فاضل "المسموطة عادة الناس ترغبها بداية العيد، فهم يرغبون في التعويض عما فقدوه في شهر رمضان من أملاح".

وأضاف أن الناس يتناولون المسموطة في صبيحة العيد، حسبما نقلت عنه رويترز.

وتابع "نغسلها ثم نملحها وبعدها نشبكها ونضع عليها كاري وبعد ذلك نضع ملح البحر الذي سيبقيها كاملة ويبقي لحمها كما هو".

ولا تؤكل المسموطة في المنازل فحسب بل يعد اجتماع الناس حول حساء المسموطة مناسبة اجتماعية وطقساً من طقوس عيد الفطر.

ويستغرق تجفيف المسموطة، في الوقت الحاضر، ما يقارب عشرة أيام، يتم عملها أولاً بغسلها وتنظيفها، ثم شق السمكة وتنظيفها من الداخل، ويوضع ملح البحر في باطنها، وتربط في خيط مع مجموعة أسماك، حيث توضع تحت الشمس لتجفّف.

وقال الحاج صادق بينما كان يتذوق أول ملعقة من الحساء وهو جالس إلى الطاولة على الأرض في بيت عبد الله الذي يستضيفهم كل عام في صباح اليوم الأول لعيد الفطر على إفطار المسموطة "لقد اعتدنا أن نأتي إلى هنا في كل عام.. الناس كانت أكثر لكن تراجع العدد بسبب الجائحة".

ويتعدى مفهوم المسموطة من كونها أكلة تقليدية يفضلها الناس في الأعياد على وجه الخصوص، لتكون جزءا من حياة السكان، إذ لا تزال تحظى بالاهتمام الواسع على مدار السنة، رغم التطور والأكلات الحديثة التي دخلت إلى المطبخ العراقي منذ سنوات عديدة.

وتظل المسموطة تعّبر عن تراث وهوية سكان جنوبي العراق، وما يمثله هذا الإرث القديم، كما يعرّف الناس هنا بأهمية مثل هذا التراث، ويخلد تاريخهم الحضاري على مدى قرون طويلة.