طارق السويدان: من حق الكورد أن يقرروا مصيرهم مثل كل الشعوب

لقد أدهشني مستوى العلم الشرعي الموجود لدى علماء كوردستان

الباحث والمفكر والداعية الإسلامي العربي الدكتور طارق السويدان
الباحث والمفكر والداعية الإسلامي العربي الدكتور طارق السويدان

أربيل (كوردستان 24)- شدد الباحث والمفكر والداعية الإسلامي العربي الدكتور طارق السويدان، أنه من حق الكورد أن يقرروا مصيرهم مثل كل الشعوب، مشيراً إلى أن الكورد شعب له لغة وهوية وتاريخ عظيم.

جاء ذلك خلال مشاركته في الحقلة الثانية من برنامج "الكورد في عيون معاصرة" الذي يقدمه الدكتور علاء الدين آل رشي.

وقال الدكتور طارق السويدان، "إنها لفرصة طيبة أن أكون مع جمهورنا الحبيب في كوردستان"، مشدداً على أن "الأحباب في كوردستان لهم محبة خاصة، وأنا دائماً سعيد عندما أزور كوردستان، وإن شاء الله قريباً سأزور كوردستان مرةً أُخرى".

وأضاف: "مما أدهشني هو مستوى العلم الشرعي الموجود لدى علماء كوردستان، لكن هذا ليس غريباً لتاريخ كوردستان المعروف، كما أن الذي أدهشني وأعجبني أكثر هو عمق علماء كوردستان بدراسة اللغة العربية، إلى درجة لم أكن أتخيلها أن تكون موجودة لدى شخصٍ غير عربي".

وتابع: "أنا أعرف أن علماء اللغة العربية العرب دخلوا في الأعماق، وغير العرب دخلوا لكنهم لم يستطيعوا أن يصلوا إلى الأعماق، إلا الكورد والأمازيغ استطاعوا أن يصلوا إلى أعماق اللغة العربية حتى صاروا أساتذة فيها".

وأشار إلى "أننا أمة تخلفت 400 سنة، وللأسف خلال فترة تخلفنا تمزقنا وأصبحنا دويلات ورجعنا إلى أيام الطوائف مرةً أخرى"، مبيناً "أما اليوم فبدأنا ننهض، وخلال فترة غيابنا، البشر تقدموا ووصلوا إلى معادلات يستطيعون من خلالها معالجة مشاكلهم، ومن هذه المعادلات التي استقرت في البشر اليوم هي الأنظمة السلمية لحل المشاكل، مثل محكمة العدل الدولية، والأمم المتحدة".

وأردف: "لكن ضمن هذه الأنظمة التي رأيتها بعيني عدة مرات هي مسـألة التصويت (القرار الشعبي) الناس تختار مصيرها، وحق تقرير المصير هذا هو حق مكفول لكل الشعوب".

وذكر السويدان أن "كندا دولة عريضة، والولايات التي فيها ليست مثل أمريكا متوزعة وإنما متوازية، وفي واحدة من الولايات التي في الوسط واسمها كويبيك، هذه ولاية فرنسية تطالب بالاستقلال، فكيف يكون حل هذه المشكلة؟، حلها هو بالتصويت، وأثناء زيارتي إلى هناك كانت عملية التصويت جارية، فكانت النتيجة أن الذين وافقوا على الاستقلال 45 بالمئة، ولو صوت 51 بالمئة بنعم كانت ستصبح هناك دولة جديدة اسمها كويبيك، وهذه الدولة كانت ستقسم كندا إلى قسمين، وهذا هو قرار الناس، وأنا أعتقد أن هذا هو النظام المتطور العاقل لمعالجة مشاكلنا".

وشدد على أن "الكورد شعب من حقه أن يقرر مصيره مثل كل الشعوب، ومن حقهم أن يصوتوا على هذا المصير، وبناء على هذا سيتحملون نتائج قرارهم، فهذه هي الفكرة التي أدعو إليها باستمرار".

ولفت إلى "أننا الآن 57 دولة إسلامية، و22 دولة عربية، وإن أصبح عدد هذه الدول 58 دولة هل هذا سيفرق بين أُمتنا؟!، وهل ستصبح أمةً عظيمة أو أمةً متخلفة"، مبيناً أن "العدد غير مهم، بل النوعية هي المهمة، وأحياناً دولة واحدة يكون لها مكان 20 أو 30 أو 50 دولة، فالولايات المتحدة الأمريكية كلها دولة واحدة في النهاية".

وأوضح: "أنا درست في أمريكا 17 عاماً، وجزء من هذه الأعوام درست الثانوية هناك، وأثناء دراستنا للثانوية كان هناك إلزام بأن ندرس تاريخ أمريكا ودستورها، والولايات المتحدة لم تكن ولايات، بل كانت دولاً، تكساس كانت دولة، وأوكلاهوما التي كنت فيها كانت يوماً ما دولة، وأوكلاهوما نفسها لم تنضم إلى الولايات المتحدة إلا في عام 1920".

وأكد أن "التقدم هو هذا الذي يسمح بانضمام دول جديدة، ويوجد في الدستور الأمريكي مادة تشير إلى أنه من حق كل ولاية أن تصوت على الانفصال وتصبح دولة مستقلة"، متسائلاً: "لماذا فعلوا ذلك؟ لأن البديل هو إما الحروب وقتل الناس بالقوة، أو الظلم والإجبار كالذي يحدث للكورد، وما يحدث للكورد اليوم هو من أكبر المظالم التي في العالم، فشعبٌ كامل ممنوع من ممارسة هويته بشكل حقيقي، إلا في الفترة الأخيرة سُمح لهم بشيءٍ من ذلك، لكن في دولٍ أُخرى هم ممنوعون حتى من هذه المسألة".

وفي جانب آخر من حديثه، قال الدكتور طارق السويدان، "نحن كأمة أمرنا الله تعالى برفع الظلم عن البشر، وأول من يجب أن نرفع الظلم عنهم هم المسلمون أنفسهم، فمن باب الظلم هذا لا يجوز، ومن باب العقل هذا سيؤدي إلى الحرب والصراع، والشيء الآخر أن الإنسان العاقل يتعظ بغيره، البشر وصلوا إلى مستوى عالٍ جداً في حل مشاكلهم، لماذا نبدأ من البداية، دعونا نبدأ من حيث انتهى الناس، والناس وصلوا إلى مستوى عال في أن حل هذا النوع من المشاكل (الاستقلال) هو التصويت وتقرير المصير، وهذا سيقرره الكورد في اعتقادي".

وبخصوص اتهام الكورد بأنهم انفصاليون، أشار السويدان إلى أنه "حتى لو كان الكورد انفصاليون، أين تكمن المشكلة؟!، هذا قرارهم هم وليس قرارنا، هذا شعب له لغته وهويته وتاريخه العظيم، وهو من سيقرر مصيره، لماذا نحن من سنقرر لهم مصيرهم؟!، لماذا هذا الحق مكفول للأمريكي والكندي وليس مكفولاً للكوردي؟!، أنا أعتقد أن هذه المسألة اليوم متروكة للكورد".

وأضاف: "في نفس الوقت الذي نقول فيه هذا الكلام، نقول لإخواننا الكورد أيضاً، أنتم ادرسوا مصلحتكم، هل من مصلحتكم هو الذهاب نحو الاستقلال؟، هل من مصلحتكم أن يكون لكم دولة ليس لديها منفذ بحري؟، هل من مصلحتكم أن تكونوا في صراع مع الدول المجاورة لكم؟".

وأكد أن "لكل شيء إيجابياته وسلبياته"، مشدداً على أن "الكورد شعبٌ عاقل، ولديه قيادات عاقلة تدرس المسألة، وتقرر هل الإيجابيات أكثر أم السلبيات، فالقرار عندهم أولاً وأخيراً وليس عندنا".