إسرائيل توسع هجومها البري في غزة والأمم المتحدة تدعو لوقف "المذبحة"

أربيل (كوردستان24)- وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في مدينة غزة التي تتعرّض لقصف متواصل في إطار هدف الدولة العبرية المعلن للسيطرة الكاملة على كبرى مدن القطاع التي تعتبرها آخر معاقل حماس، فيما دعت الأمم المتحدة إلى وقف "المذبحة".
وأتى هذا التصعيد فيما اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة من الأمم المتحدة، إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة خلال الحرب التي بدأت عقب هجوم حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وهي المرة الأولى التي تخلص فيها لجنة كهذه الى أنّ إسرائيل ترتكب إبادة جماعية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ إسرائيل عازمة على "الذهاب حتى النهاية" في حملتها العسكرية في غزة وليست منفتحة على محادثات سلام جادة.
في الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي مهاجمة "بنى تحتية عسكرية" للحوثيين في ميناء الحديدة في اليمن بعيد توجيهه إنذارا بالإخلاء. ومساء الثلاثاء، أكد الجيش اعتراضه صاروخا أطلق من اليمن بعدما دوت صافرات الإنذار في أنحاء مختلفة من البلاد.
وتعرّضت مدينة غزة، وهي الأكبر في القطاع، لقصف عنيف ومكثف، بحسب ما أفاد شهود عيان وكالة فرانس برس.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي للصحافيين "ما بدأناه الليلة الماضية هو الخطوة الأساسية نحو مدينة غزة"، مشيرا الى أن الجيش يقدّر وجود ألفين الى ثلاثة آلاف مقاتل من حماس في المدينة.
وأكد أن القوات تتقدم نحو وسط المدينة التي تعرّضت لقصف إسرائيلي مكثّف على مدى الأسابيع الأخيرة.
وأوضح "وسّعت قيادة المنطقة الجنوبية العملية البرية في المعقل الأساسي لحماس في غزة، وهو مدينة غزة".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن مدينة غزة "تحترق"، مشيرا الى أن الجيش "يضرب البنى التحتية للإرهاب بقبضة من حديد والجنود يقاتلون بشجاعة لتهيئة الظروف أمام إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس. لن نتوقف ولن نتراجع حتى ننجز مهمتنا".
وأتى الاعلان عن هذه المرحلة الجديدة غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لإسرائيل بعد أيام من استهداف الدولة العبرية قادة حماس في الدوحة. وحذّر روبيو قبيل توجهه الى قطر من أن أمام حماس "مهلة قصيرة جدا" لقبول اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأضاف "لم يعد أمامنا أشهر، قد تكون أياما، أو بضعة أسابيع".
من جهته، حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء حركة حماس من مغبة استخدام الرهائن "دروعا بشرية"، وقال ردّا على سؤال بشأن الهجوم "سننتظر ونرى ما سيجري".
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء أنّه سيلتقي ترامب في وقت لاحق من هذا الشهر بعد إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أطفال تحولوا إلى أشلاء
وتحوّل معظم مدينة غزة إلى أنقاض جراء الضربات الإسرائيلية المتواصلة منذ نحو عامين.
وقال أحمد غزال أحد سكان المدينة، "هناك قصف كثيف بشكل كبير على مدينة غزة لم يهدأ والخطر يزداد".
وأضاف الشاب البالغ 25 عاما والذي يقيم قرب ساحة الشوا أنّه فجر الثلاثاء "سمعنا صوت انفجار هزّ الأرض بشكل مرعب"، مشيرا إلى أنّ الجيش الإسرائيلي "استهدف مربّعا سكنيا يضمّ منازل العديد من العائلات.. لقد دمّرت ثلاثة منازل بشكل كامل".
وأكّد أنّ "أغلب المنازل التي دمّرت حتى الآن مأهولة بالسكّان.. وعدد كبير من المواطنين تحت الأنقاض ويصرخون".
وقال مواطن آخر ويدعى أبو عبد زقوت "انتشلنا الأطفال بعدما تحوّلوا إلى أشلاء".
من جهته، قال محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، لفرانس برس إنّ "القصف ما زال مستمرا بشكل كثيف على مدينة غزة وأعداد الشهداء والإصابات في ازدياد".
وأفاد الدفاع المدني في غزة بأنّ 44 شخصا قتلوا الثلاثاء في القطاع.
وتحول القيود المفروضة على وسائل الإعلام في غزة والصعوبات في الوصول إلى العديد من المناطق من دون تمكّن فرانس برس من التحقّق بشكل مستقلّ من الأرقام والتفاصيل التي يعلنها الدفاع المدني أو الجيش الإسرائيلي.
حملة تدميرية
وقال فولكر تورك مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان لفرانس برس ورويترز إنّ "العالم كلّه يصرخ من أجل السلام. الفلسطينيون والإسرائيليون يصرخون من أجل السلام".
وأضاف "من الواضح تماما بأن على هذه المذبحة أن تتوقف".
واعتبر الاتحاد الأوروبي أنّ توسيع العملية الإسرائيلية سيسبّب "مزيدا من الدمار والموت والنزوح.. ويعرّض حياة الرهائن للخطر".
كذلك، دانت الخارجية البريطانية الخطوة الإسرائيلية "المتهوّرة والمروّعة" التي اعتبرتها برلين أيضا "في الاتجاه الخاطئ تماما".
ودانت فرنسا الهجوم البري الإسرائيلي، ودعت حكومة نتانياهو إلى "وضع حدّ لهذه الحملة التدميرية التي لم يعد لها أيّ منطق عسكري".
كما دعت باريس إلى "رفع جميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة فورا".
بدوره، دان ملك إسبانيا فيليبي السادس "المعاناة التي تفوق الوصف لمئات آلاف الأبرياء" في غزة و"الأزمة الإنسانية التي لا تحتمل".
من جانبها، اعتبرت حركة حماس أنّ توسيع إسرائيل لعملياتها العسكرية في المدينة ليس إلا "فصلا جديدا من فصول حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الممنهج بحقّ أهلنا في غزة".
من جهة أخرى، خلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة الى أنّ إسرائيل ترتكب "إبادة جماعية" هدفها "القضاء على الفلسطينيين".
إبادة جماعية
وقالت رئيسة اللجنة نافي بيلاي لفرانس برس "خلصنا إلى أنّ إبادة جماعية تحدث في غزة ولا تزال جارية، وأن المسؤولية تتحملها دولة إسرائيل".
ورفضت الخارجية الإسرائيلية "هذا التقرير المنحاز والخاطئ"، داعية الى "حلّ لجنة التحقيق هذه فورا". واتهمت معديه بالعمل "كوكلاء لحماس"، وبأنهم "معروفون بموافقهم العلنية المعادية للسامية".
وزار وزير الخارجية الأميركي قطر الثلاثاء عقب الهجوم الإسرائيلي على الدوحة.
وأشاد روبيو الذي التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس وزرائه الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بجهود قطر في الوساطة للتوصّل الى وقف لإطلاق النار في غزة.
وأوردت الخارجية الأميركية في بيان أنّ روبيو "شكر قطر على جهودها لإنهاء الحرب في غزة وإعادة جميع الرهائن"، مؤكّدا قوة العلاقات بين واشنطن والدوحة.
واتّهم نتانياهو الثلاثاء قطر بتمويل حماس، معتبرا أنّ الضربة التي استهدفت قادة الحركة الفلسطينية في الدوحة الأسبوع الماضي كانت "مبرّرة".
وأسفر هجوم حماس في جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا للأرقام الرسمية.
وأودت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة بحياة ما لا يقل عن 64964 شخصا، معظمهم أيضا من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة التابعة لحماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.