ماذا بعد قرار المحكمة الاتحادية بحل البرلمان..؟؟!!
هذه المرة ايضاً أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراراً ضد إقليم كوردستان وذلك بالحكم بعدم دستورية قانون استمرار الدورة الخامسة لبرلمان كوردستان - العراق رقم (١٢) لسنة ٢٠٢٢ الصادر عن برلمان كوردستان - العراق في جلسته الاعتيادية رقم (١١) في ٢٠٢٢/١٠/٩ واعتبار مدة الدورة الخامسة لبرلمان إقليم كوردستان - العراق منتهية بانتهاء المدة القانونية المحدد لها بموجب المادة (٥١) من القانون رقم (١) لسنة ١٩٩٢ المعدلة بموجب المادة الثالثة من قانون رقم (٥) لسنة ١٩٩٨ قانون التعديل الأول لقانون رقم (١) لسنة ١٩٩٢، واعتبار كل ما صدر من برلمان إقليم كوردستان العراق بعد تلك المدة القانونية باطلا من الناحية الدستورية استنادا لأحكام المادة (١٣/ ثانيا) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥.
في هذا المقام لن اتحدث عن مدى صحة ما ذهبت إليه المحكمة الاتحادية وهل اصابة أم اخطأة في قرارها لأن القاصي والداني يعلم بأن هذه المحكمة ومع الأسف مسيّسة وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة تصدر المحكمة قرارا ضد الاقليم, لكن سأحاول أن أسلط الضوء على تداعيات هذا القرار القانونية والسياسية على كوردستان العراق, لأن المحكمة أصدرت القرار بدون أن تضع أي آلية لمرحلة ما بعد القرار وكيف سيقوم الإقليم بإجراء الانتخابات وبأي قانون وترك الكل في حيرة من أمره. وذلك لأن الإقليم ليس لديه دستور ولديه مفوضية انتخابية غير مفعّلة وبرلمان منحل, وعلى الرغم من أن القرار قد نوه بأنه من الممكن أن تقوم المفوضية المستقلة للانتخابات في العراق إجراء الانتخابات في كوردستان ألا أنه من الناحية العملية والفنية فإنه يصعب عليها القيام بذلك لأن المفوضية على موعد لإجراء انتخابات مجالس المحافظات وكذلك فإن المفوضية المستقلة في العراق هي الأخرى ستنتهي صلاحيتها في 7 كانون الثاني من عام 2024 وبذلك سيكون من الصعب إجراء الانتخابات في العراق والإقليم معاً وبنفس الوقت.
ومن ناحية أخرى فإن الإقليم الآن في فراغ دستوري ومن الصعب إخراج اقليم كوردستان من هذا المأزق القانوني وكل ما يطرح هو من قبيل اجتهادات وآراء لا أكثر لأنه لا يوجد أي نص صريح يستند إليه أي قانوني لتدارك الوضع وإنهاء هذه الحالة والوصول إلى بر الامان وإجراء الانتخابات وإرجاع الشرعية إلى مؤسسات الإقليم. ويستند بعض القانونيين بقانون رئاسة الإقليم المعدل رقم (1) لسنة 2005 الذي ينص على (ثانيا: اصدار مرسوم باجراء الانتخابات العامة للمجلس الوطني لكوردستان - العراق وتحديد موعدها خلال خمسة عشر يوما من تأريخ حله أو قبل ستين يوما على الأقل لانتهاء الدورة الانتخابية على ان لا يتعدى موعد الانتخابات مدة ستين يوما التالية على تأريخ حله او خلال الستين يوما السابقة على تأريخ انتهاء دورته الانتخابية.) القانون واضح ولا ينطبق على حالة كوردستان وحتى المادة (64) من الدستور العراقي التي تنص على (ثانيا : يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة اقصاها ستون يوما من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلا ويواصل تصريف الامور اليومية .) فهي ايضاً بنفس المعنى ولا يمكن البناء عليه لأن ما ذكر في قانون رئاسة الاقليم والمادة (64) من الدستور العراق هي في حال انتهت المدة القانونية للبرلمان أو حل البرلمان نفسه او بطرق أخرى والذهاب إلى انتخابات مبكرة وحالة برلمان كوردستان هي مختلفة تماماً حتى أن المرسوم الذي اصدر رئيس الاقليم يعتبر غير صالح لأنه كان موجها إلى مفوضية الاقليم.
لذلك ليس أمام القوى السياسية في الإقليم إلا خيار واحد فقط لا غير وهو اتفاق القوى السياسية والوصول إلى حل يرضي الجميع والأتفاق على إجراء الانتخابات في اقرب وقت ممكن, لكن مع الأسف هذه الإرادة لا نراها عند الاتحاد الوطني الكوردستاني لأنها من جهة تدعوا إلى إجراء الانتخابات وتدّعي أنها على استعداد لفعل كل شيء من أجل إجراء الانتخابات ومن ناحية أخرى تعمل على عرقلة اي خطوة لإجراء الانتخابات, ولمسنا هذا من الاتحاد عددة مرات قبل إصدار قرار المحكمة الاتحادية ولكن الغريب هو حتى بعد إصدار قرار المحكمة الاتحادية مازالت مصرة على عرقلة أي خطوة نحو إجراء الانتخابات وخير دليل على ذلك الطعن التي قامت به على القانون القديم للإنتخابات إلى المحكمة الاتحادية وإذا لم يسحب هذا الطعن فمن الصعب جدا أن يستطيع الإقليم إجراء الانتخابات خلال هذا العام. وفي بداية العام القادم ستنتهي صلاحية المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وبذلك وسندور حول هذه الدوامة إلى ما شاء الله.