اللامركزيّة وسؤال الشراكة؟
تطرق الرئيس مسعود بارزاني في خطابه التوجيهي والذي جمّع (وزراء وبرلمانيين وبرلمانيات في المركز قبل أيام) إلى ثلاثة مفاصل مهمّة، وهي مفاصل لها دلالاتٍ قانونيّة، وممارسة الصلاحيّات ولعب أدوار تُحقق الاستقرار والاستقلاليّة، ولعل المفاصل تلك هي: الضوابط، والتوازن، والشراكة.
ومن يُلمّ في القانون الدستوريّ يُدرك تماماً أهميّة هذه الكلمات الثلاثة، وإلى ماذا تؤدي وتشير وتحقق.
كمتابع للخبرات الدستوريّة كان لي وقعٌ مختلف، إذ فكرت بالأمر، وأعدت بذاكرتي ما قرأته في النظام الفيدرالي لأمريكا، والبرلماني في بريطانيا، وشبه الرئاسي في فرنسا؛ ونحن نعرف كيف إنّ النظام الرئاسي يعزز التوازن، والضوابط ويعزز الاستقلالية وبالتالي فصل السلطات، بينما البرلماني يعزز التوازن والضوابط، فيما شبه الرئاسي يعزز الإثنين معاً ويعزز الشراكة.
ما ذكره الرئيس بارزاني جاء كنتيجةٍ لخبرته السياسيّة وكمشاركٍ وموجّهٍ فاعلٍ في العملية الدستوريّة العراقية في ٢٠٠٥، وكِدتُ أسئل جنابه في لقاءنا الأخير عما ينصحنا به كي نصل بدستورٍ جيدٍ لبلادنا ويكون محل الرضى لدى الجميع.
والحق، أم المعضلةِ هنا هي "الشراكة"، ومن المستغرب القول إنّ الكثير من الأطراف وبالرغم من سنوات النار لا يصرفون مثقال ذرة لكيفيّة بناء دولة معززة بقوة الشراكة.
استطراداً .. لا يجب القفز على ما صدر من الرئيس بارزاني، وهو كلامٌ بالنسبة للسوريين والسوريّات جاء في وقته، إذ كيف لنا أن نصل إلى دولةٍ تكون مرتكزة أساساً على "الشراكة"؛ وهنا أتحدث عن الشراكة على مستوى الكُتل السياسيّة، وعلى مستوى التنوع القومي، بمعنى آخر القوميّات؟
ما يجب ذكره هنا هو إنّ الرئيس ينطلق من كون الدولة هي الاتحاديّة، وهي بالأساس أو من المفترض أن تكون عملية "الشراكة" منجزة، وأصبحت جزء من الثقافة السياسيّة؛ بيد أنّ هذه المسألة لو كانت فاعلة لما كان الرئيس يتطرق اليها أصلا! فهي موجودة نظرياً، وتُرددْ من منظور "الاستثمار السياسيّ" ومن يعمل في الشأن العام يعرف أنّ الشراكة في الحكومات تحتاج الى ركائز دستوريّة وقانونية ولا يقف عند هذا الحد بقدر ما إنّ لذلك موجبات وأول هذه الموجبات إرادة الشراكة والتسليم بالأمر بأن للناس، أفراداً، وأقوام، حقوق.
: وإنّ ذلك لا يتحقق إلا من خلال:
-التحرر من ثقافة القوميّة السيدة والقوميّة التابعة.
-القبول بالشراكة من خلال ركائز دستورية متوازنة في الصلاحيات وضابطة في توزيع الصلاحيات(الحصرية وغير الحصرية) وعلى أن تحكم بين الحكومة المركزية والإقليمية علاقة التوازن، ولهذا كان من المفترض أساساً تفعيل الغرفة التشريعية الثانية أي مجلس القوميات او الحكماء إلى جانب البرلمان وهذا ما اشار اليه الرئيس في اوقات سابقة.