تراتيل كورديَّة

تراتيل كورديَّة
تراتيل كورديَّة

أخذ يُدندن (جوان حاجو) : "بريندار كرم غريبيي" لتتحرك الأشواق في قلوب الكُورد حول العالم رغم ما حملتهُ لهم رفاهية الشتات والهجرة ، وابتسامة (الملا مصطفى) سافرت، وصدى صوت (الشيخ الحفيد) ذهب مع الريح.

حُزنٌ جميلٌ يجمع الكورد ، وقلقٌ وجوديٌّ يدفعُ حتى الأطفال لمتابعة نشرات الأخبار، والخوض بأحاديث سياسية فيما بينهم.

امرأةٌ خمسينية بكت بعد أن أطالت النظر لعجوزٍ في يدها اليسرى خاتمٌ أصبح جزءاً منها بعد أن رافقها زمناً يمتدُ لأكثر من قرن، فهل يُدفنُ معها؟ أم يُنزعُ من يدها إذا فاضت الروح إلى بارئها؟!.

كهلٌ هرمٌ دائمُ النسيان لمن قابلهم يحمل السكاكر معهُ ويوزعها على الأطفال في المسجد، وقارورةُ عطرٍ في جيبه يُخرجها بين الحين والآخر ليمسح بها فوق أيادي المُصلين.

حبالٌ صوتيَّة خلف تفاحة آدم لطاعنٍ في السن تقطَّعت وهي تُنادي على طفلةٍ ظُلِمت في (مهاباد)، وزيتونةٍ حُرِقت في (عفرين)، وتُفاحةُ (نيوتن) لم تسقُط بعد في (حلبجة)، وظلَّ التفاحُ جمراً في (حلبجة) يمنحُ الدفءَ للكُورد في كُل عاصفةٍ والضوءَ في كُل عُتمةٍ، ورمادهُ لا يُذَّرُ إلَّا في عيون أهله.

رائحةُ اليأسِ تعصفُ بالكُورد وتقول لهم : أضغاثُ أحلام !.

همسَ (كورك) في أُذنِ (أزمر)، وصرخت معهما جبال كُوردستان، فإذا بالمطرِ ينهمرُ بقوَّةٍ، وأخذت تفوح روائحُ الأعشاب والنباتات البريَّة لتبعثَ برائحةٍ جديدةٍ كُلُّها أمل.

أنغامُ طبيعةٍ دون أغلال وأصفاد في الرقص دون خوفٍ تحت المطر ، و(مم وزين) يولدان كل يوم في حكاية غرام تُخبرنا بأن الحُب الحقيقي لا زمن له.

سافرت ذاكرة ُ شابٍ عاشقٍ لتُخبرهُ بما قرأهُ عن لذة الحُريَّة تحت المطر والمعنى المجازي لغسل الروح بماءٍ طاهرٍ جاء من السماء، وفي زاويةٍ أخرى كانت الفكرة ذاتها قد داهمت مُخيلة فتاة كورديَّة يغارُ الجمالُ من سحر عينيها.

وضعت الكورديَّة مظلتها جانباً ، وقررت عبور الشارع في الخيال واليقين دون مظلة، ونزع الشابُ الكورديُّ عمامته وأخذ نفساً عميقاً قبل أن يُخالف عقارب الساعة بدورانٍ حول نفسه لا حدود لما يمنحهُ من تجليَّاتٍ ومشاعر نبيلة.

قبل أن يتوقف المطر ، وفي المقهى القديم أدار رجلٌ إبرة المذياع ليسمع تلاوةً لسورة الأنفال من القارئ البلبل (رعد الكوردي) وهو يقول : "إنَّ الله مع الصابرين" تارةً ، و"الله مع الصابرين" تارةً أُخرى.