
د. ريبوار هادي
نائب عراقي
الحزب المليوني

تعدُّ الديمقراطيةُ، أبرز المكتسبات السياسية في إقليم كوردستان منذ عام 1992، وهي تسبق التجربة الديمقراطية في العراق بنحو 11 عاماً.
حاولَ الإقليمُ طيلة السنوات الماضية إثبات نجاح هذه التجربة، وكان ذلك من خلال الانتخابات الدورية التي تعدّ من أبرز صور الديمقراطية في النظم السياسية.
وقد شهد إقليم كوردستان آخر انتخابات برلمانية في العام 2018، ونتيجة لظروف معنية يعرفها الجميع، لجأ هذا البرلمان إلى تمديد دورته، بعد أن كان من المقرر أن تجرى الانتخابات في عام 2022.
وثمة متغيرات قد جرت من خلال قرارات قضائية متتابعة، بدأت ببطلان تمديد عمل برلمان إقليم كوردستان، إلى الحكم بعدم دستورية مواد تتعلق بالعملية الانتخابية، من ضمنها تقليل عدد أعضاء البرلمان وحجب كوتا الأقليات، واعتماد الدوائر الانتخابية المتعددة.
كان من الممكن القبول بأغلب هذه القرارات رغم ملاحظاتنا عليها، لكن حقوق الأقليات تشكل للحزب الديمقراطي الكوردستاني أهمية كبيرة، لأننا نعيش معهم في أرض واحدة وتجمعنا روابط مختلفة، فلا يمكن التفريط بحقوقهم.
هذا جعل الحزب يقرر مقاطعة الانتخابات، قبل أن يعود إلى الاشتراك فيها بعد أن وضعت حلول لضمان حقوق الأقليات بقرارات قضائية أيضاً، وإن كانت هذه الحلول ليست بالمستوى المطلوب.
إزاء تلك المتغيّرات، ظهرت تصريحات إعلامية كانت تتوقع بأن حظوظ الحزب الديمقراطي الكوردستاني قد تراجعت، وأن شعبيته في انخفاض واضح.
استمر الحال حتى وصل إلى التشكيك بقدرة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الحصول على مقاعد تساعده لتحقيق نسبة مقبولة في البرلمان القادم.
لكن الحقيقة ظهرت في الميدان، فالحزب الديمقراطي الكوردستاني أثبت العكس، وأكد للقاصي والداني أن جمهوره في تزايد مستمر، وقد أظهرت الإحصاءات الرسمية التي سبقت إعلان النتائج النهائية بأن أصوات الحزب في الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل أيام قد ازدادت بنحو 230 ألف صوت مقارنة بالانتخابات السابقة.
ولولا المشكلات الفنية التي رافقت التصويت البايومتري في بعض المناطق، لكان عدد أصوات الحزب قد وصل إلى أكثر من ذلك، حيث وصلت الأصوات الصحيحة المسجلة لدى المفوضية إلى 810 ألف صوت.
ورغم ذلك، فإن شعبية الحزب خلال هذه الانتخابات، ومعها أصواته في محافظتي كركوك ونينوى التي حصل عليها بموجب انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم، قد وصلت إلى مليون صوت.
فقد أثبت الحزب الديمقراطي الكوردستاني مرة أخرى، بأنه صاحب الشعبية الأولى في إقليم كوردستان، وأنه يحظى بالقبول الأكبر للناخبين الكورد.
وهذا لم يأت من فراغ، بل نتيجة سياسة حكيمة اتبعها الرئيس مسعود بارزاني في إدارة مختلف الملفات في أشد الأوقات التي واجهت الإقليم.
ونتيجة لذلك فإن الحزب اليوم أمام تحدٍ جديد، إذ أن زيادة الأصوات في الانتخابات تضاعف المسؤوليات من أجل الحفاظ على المكتسبات الدستورية لشعب كوردستان، ومن أجل تحقيق تطلعات جمهورنا المليوني.