تمديدٌ آخر لمجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات

تمديدٌ آخر لمجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات
تمديدٌ آخر لمجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات

بينما أوشكت ولاية مجلس المفوضين للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات على الانتهاء، وجّه السيد رئيس مجلس النواب الدكتور محمود المشهداني دعوة إلى النواب لعقد جلسة استثنائية تناقش طلب مجلس المفوضين بتمديد ولايته، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عن دستورية وقانونية وواقعية هذا الطلب.

نصت المادة (3) من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (31) لسنة 2019 المعدل على الآتي ((يتكون مجلس المفوضين من تسعة أعضاء وعلى النحو الاتي: أولاً: خمسة من قضاة الصنف الأول يختارهم مجلس القضاء الأعلى من بين مجموع المرشحين مع مراعاة العدالة بين المناطق الاستئنافية.

ثانياً: أثنان من قضاة الصنف الأول يختارهم مجلس القضاء الأعلى من بين مجموع المرشحين يرسلهم مجلس القضاء في إقليم كوردستان مع مراعاة توزيعهم على المناطق الاستئنافية في الإقليم.

ثالثاً: اثنان من أعضاء مجلس الدولة من المستشارين حصرا والمرشحين من مجلس الدولة يختارهم مجلس القضاء الأعلى.

رابعاً: يتم اختيار المذكورين في البنود (أولا وثانياً وثالثاً) بالقرعة المباشرة في مجلس القضاء الأعلى بحضور ممثل الأمم المتحدة ومن يرغب من وسائل الإعلام والمنظمات والنقابات.

خامساً: يراعى تمثيل المرأة في اختيار مجلس المفوضين للأعضاء التسعة)).

ونصت المادة (7/ أولاً) من القانون قبل تعديلها على الآتي ((تكون ولاية أعضاء مجلس المفوضية لمدة (4) أربع سنوات غير قابلة للتمديد تبدأ من تاريخ إصدار المرسوم الجمهوري...)).

وسبق لمجلس النواب أن أجرى تمديدين على عمل مجلس المفوضية الحالي، والتمديد الأول بموجب القانون رقم (34) لسنة 2023، حيث نصت المادة (1) من هذا القانون على الآتي:

((أولاً : تكون مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضين للدورة الحالية (54) أربعة وخمسين شهراً تبدأ من تاريخ 7/ 1/ 2020 وعلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات خلال هذه المدة أنجاز عملية انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم وانتخابات برلمان إقليم كردستان / العراق للدورة السادسة)).

وتبعها بتمديد آخر، بموجب القانون رقم (13) لسنة 2024، حيث نصت على الآتي ((يلغى نص البند (أولاً) من المادة (7) من القانون ويحل محله ما يأتي:

أولاً: تكون مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضين للدورة الحالية (5) خمس سنوات تبدأ من تاريخ 7/ 1/ 2020 وتنتهي 6/ 1/ 2025 قابلة للتمديد بناء على طلب مجلس المفوضين وبموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب...)).

وأي تمديد آخر يعني: اننا سنكون أمام ولاية رابعة لمجلس المفوضين وهذه حالة غير صحية وتجاوز على المبادئ الدستورية المتعلقة بتحديد ولاية المسؤولين عن الهيئات العامة.

ومن الصحيح أن أعضاء مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد حققوا نجاحاً واضحاً لاسيما في انتخابات مجالس المحافظات وانتخابات برلمان إقليم كوردستان، وهذا بشهادة الجميع من المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بالانتخابات والناخبين، لكننا أمام حالة قانونية ذات طابع دستوري يتعيّن حلّها.

وبناء على ما تقدم، نجد عدم وجود الحاجة من هذا التمديد، ويتعيّن أن يتم تشكيل مجلس جديد للمفوضين على وفق المادة (3) من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النافذ، أما بمناسبة القول إن اختيار مجلس جديد للمفوضين سوف يؤدي إلى ارباك الانتخابات المقبلة، باعتبار أن الاعضاء الجدد ليست لديهم الخبرة، فهذا يمكن معالجته من خلال اتخاذ الجهات التي تتولى عملية ترشيح اعضاء مجلس المفوضين إجراءات تضمن إعادة ترشيح جزء من هؤلاء الأعضاء.

كما أن المدة المتبقية من عمر الدورة الانتخابية تكفي لتمتع الاعضاء الجدد بالخبرة المناسبة في إجراء العملية الانتخابية، حيث أن الذهاب إلى التمديد مرة أخرى سوف يُضعف من ثقة المجتمع الدولي والناخب العراقي بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ويفتح الباب أمام تساؤلات عن عدم اختيار أعضاء جدد لمجلس المفوضين.

كما أنه يتعارض مع المبادئ الدستورية المتعلقة بالتداول السلمي للسلطة التي اشارت إليها المحكمة الاتحادية العليا عندما قضت بعدم دستورية تمديد ولاية البرلمان ومجالس المحافظات في إقليم كوردستان، كما أكدت المحكمة الاتحادية العليا في أكثر من قرار عدم جواز تمديد عمل مجلس النواب الاتحادي أو تأجيل الانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.

لذا نجد أن أي سعي لتمديد ولاية مجلس المفوضين الحالي سيكون مهدّداً بالحكم بعدم دستوريته بناء على طعن يقدمه صاحب مصلحة أمام المحكمة الاتحادية العليا، التي رسخت في أحكامها موضوع التداول السلمي للسلطة وعدم جواز التمديد لولايات الهيئات العامة.

وقد يكون الموضوع أكثر خطورة إذا ما تم الطعن خلال الأيام الأخيرة من عمر الدورة الانتخابية الحالية وهذا سيترك فراغاً في المفوضية ولن يتم الالتزام بما نصت عليه المادة (56) من الدستور التي أكدت أن عمر الدورة الانتخابية هو أربع سنوات تقويمية، وأن الانتخابات تجري قبل 45 يوماً من انتهاء ولاية مجلس النواب السابق.

وعليه، نشدد على الالتزام بالمواقيت الدستورية والقانونية، والحل هو اختيار الاسماء من الجهات التي تتولى عملية الترشيح، حتى نكون أمام ولاية جديدة حتى لو قامت تلك الجهات بإعادة ترشيح ذات الاسماء في مجلس المفوضين الحالي.

وهذا يعني: اننا لسنا بحاجة الى عقد جلسة استثنائية لمعالجة موضوع انتهاء ولاية مجلس المفوضية، ويمكن للجهات المنصوص عليها في المادة (٣) من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اختيار اعضاء جدد او اعادة اختيار الاعضاء الحاليين، كلهم او جزء منهم، من دون الرجوع إلى مجلس النواب.