زمن الذباب الإلكتروني

زمن الذباب الإلكتروني
زمن الذباب الإلكتروني

في زمن ليس ببعيد، كان يتصدر المشهد الإعلامي والثقافي قادة العلم والمعرفة وزعماء الفكر والمثقفين. أسماء لامعة مثل طه حسين، علي أمين، مصطفى أمين، ونجيب محفوظ  كانت تضيء سماء الأمة بفكرها وإبداعها. هؤلاء القامات العظيمة كانوا يشكلون وجدان الأمة ويؤثرون في حركتها وتوجهاتها.

عباس محمود العقاد، الذي كان له تأثير كبير في الأدب والفكر العربي، وتوفيق الحكيم، الذي أثرى المسرح العربي بأعماله الرائعة.

وجبران خليل جبران و علي الوردي هؤلاء المثقفون كانوا يشكلون وجدان الأمة ويؤثرون في حركتها وتوجهاتها.

لكن اليوم، نجد أن الأمة تتأثر بذباب إلكتروني ينشر الفساد والسباب والإساءة والوقيعة والفتن. هذا الذباب الإلكتروني يعمل بإشراف مباشر من الوحدة ٨٢٠٠ في مكتب الموساد، ومعلمهم أيضًا شخصية إعلامية معروفة على تويتر أو موقع إكس. يتابعونه ويبثون سمومهم على شكل تعليقات تحت ما ينشر من تفاهات مقصودة لنشر الوقيعة والرعب والسيطرة والنفوذ وغسل الأدمغة. أحيانًا تشعر أنه أشرف المعلقين بعد أن تقرأ تعليقات المذبذبين والمنبطحين ومساحي الجوخ، الذين حين يأتي دورهم لن يبكي عليهم أحد لأنهم باعوا الكرامة.

لو عدنا إلى الذباب الإلكتروني الجاهز تحت كل منشور، أقوى من الشدة، أحد من السين، أسرع من لمح العين، تجده أول المعلقين حتى يلحق به قطيع الغنم.

و الذي تسبب بتحويله لقطيع غنم هو التجهيل وقلة الثقافة وقلة العلم ونشر التطرف والكراهية عمدًا وبانسيابية شديدة حتى لا تشعر أنك تحت تأثير المخدر وأنك تحت إشراف الخلية إياها وتوجيهاتها. ومرة على مرة، مبروك أنت جاهل بامتياز، ومن ثم يسهل السيطرة عليك وتوجيهك.

غيروا مفاهيم العلم وتعريفاته، فتجد أصحاب الشهادات العلمية وبرؤوس فارغة من الفكر والفهم والتحليل والتقدير.

 ولعب الفقر دورًا هامًا في ذلك، ولكن الذي اوصلنا إلى الفقر هو توجيه المجتمع لصرف كل ما في جيبه لشراء المواد الاستهلاكية غير الضرورية التي صنعوها من أجل جعلك سوقًا لهم وإفقارك. ناهيكم عن منع الزراعة وابتداء من تقسيم الأراضي الزراعية إلى قطع صغيرة بحجة الإصلاح الزراعي الذي من حينها لم تقم لنا قائمة.

عن ماذا أقول وأشكي؟ آه يا أمة ضحكت عليها الأمم بفضل ذبابة.

الذباب الإلكتروني ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو جزء من استراتيجية متكاملة تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمعات وتوجيه الرأي العام. يتم استخدام الذباب الإلكتروني لنشر الأخبار الكاذبة والشائعات، مما يؤدي إلى خلق حالة من الفوضى والارتباك بين الناس. 

هذا النوع من الحروب النفسية يمكن أن يكون له تأثيرات خطيرة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

إضافة الى تعليقات سلبية و منشورات فتن ووقيعة و تعدي على الآخرين وتوجيه التهم وإلصاق الصفات السلبية والسيئة 

اضافة لظهور شخصيات مجهولة او حتى غير مجهولة تتكلم بإسم مجموعة معينة و تعطي عنهم المعلومات الخاطئة و تتكلم بإسمهم و ذلك لتشويه صورتهم و خلق مشاكل ووقيعة و بالتالي سيرد الطرف الاخر و بهذه الحالة ستجد الأطراف الحقيقية تلبست المشاكل والفتن و اضطرت المشكلة الوهمية ان تصبح حقيقية بعد ان تم إشعالها من قبل المجهول الذي ربما يكون فعليا هو تعلم اللغة العربية ليستخدمها في عمله الذي سخروه من اجله او ربما شخص معروف ولكن قبض الثمن أموال وفوائد شخصية ليقول و يكمل دوره للوصول للأهداف 

ومن هنا يأتي دور المثقف و القاريء و المطلع الذي سيفرق فورا بين الحقيقة و الباطل لانه يعرف كل بلد و كل فئة وكل جماعة و كل حزب وكل طائفة وكل مجموعة مالها و ما عليها فعليا قبل تدخل الذباب الكاذب، ولمواجهة هذه الظاهرة، يجب على المجتمعات تعزيز الوعي الثقافي والتعليمي بين أفرادها. 

التعليم هو السلاح الأقوى ضد الجهل و التفاهه والعيش كتابع لمجموعة استطاعت ان تخطف عقلك الفارغ والتعليم هو السلاح النافذ ضد التعصب الاعمى والعنصرية والتطرف وايضاً ضد البطالة والفقر والفساد .

 يجب على الحكومات والمؤسسات التعليمية العمل على تقديم برامج تعليمية تهدف إلى تعزيز التفكير النقدي والوعي الرقمي بين الشباب.

كما يجب تعزيز دور الإعلام المستقل والنزيه في تقديم المعلومات الصحيحة والموثوقة. الإعلام الحر هو أحد الأعمدة الأساسية للديمقراطية والاستقرار الاجتماعي.

فالإعلام مقبوض الثمن من الجهات التخريبية اياها قد ملأ الفضاء الإعلامي وصوتهم اصبح في كثير من المحطات ولكن الإعلام الحر الغير موجه الذي ينقل الحقيقة الغير مبنية على اجندات و توجيهات هو المنقذ الحقيقي في زمن الذباب الإلكتروني، يجب أن نكون أكثر وعيًا وتحصينًا ضد محاولات التلاعب والتضليل. يجب أن نعود إلى قيم العلم والمعرفة والفكر النقدي التي كانت تشكل أساسًا قويًا لمجتمعاتنا. فقط من خلال تعزيز الوعي والتعليم يمكننا مواجهة هذه الظاهرة وحماية مجتمعاتنا من الجهل وقلة التربية و الحقد و الفساد والتطرف.