الجزء الرابع عشر.. بارزان في المصادر البريطانية

الجزء الرابع عشر.. بارزان في المصادر البريطانية
الجزء الرابع عشر.. بارزان في المصادر البريطانية

1- في 9 يناير/ كانون الثاني عام 1932م عقد مؤتمر في وزارة الداخلية [العراقية] عندما أدت الأحداث الجارية [ بالخسارة الكبيرة للفوج العراقي في بلى عندما حاول اعتقال الشيخ أحمد البارزاني] إلى وصول مسألة (بارزان) إلى ذروتها، وأكدت الحكومة عزمها على وضع إقليم (بارزان) بأكمله تحت الإدارة المنتظمة بمجرد أن تبدأ الخطط العملية لتحقيق هذه الغاية نتيجة عقد المؤتمر الاتنف الذكر، وتمت صياغة النوايا السياسية والإدارية للحكومة العراقية، وتم التوضيح بأنه مع الإنتهاء المرتقب للانتداب في سبتمبر/ ايلول عام1932م ، ستكون هذه الفرصة الأخيرة حيث يمكن للعراق أن يعتمد فيه على دعم القوات الجوية الملكية[البريطانية] في تعزيز السيطرة الإدارية داخل حدوده، لذلك كان من المخطط إنشاء إدارة نظامية قبل سبتمبر أيلول في كامل المنطقة الخاضعة الآن لسيطرة الشيخ أحمد، وهي منطقة النواحي الثلاث الجديدة المقترحة والموضحة أدناه: وتحسبا لنجاح العمليات العسكرية تقرر تشكيل ثلاث نواحي جديدة: 

أ- ناحيتان ضمن لواء (الموصل) تعرفان (بمزوري بالا و به روژ).

ب- ناحية جنوب شرق (روكوجك)، تعرف باسم (شيروان)، كانت المنطقة التي تغطيها ناحية (شيروان) حتى الآن جزءًا من( لواء الموصل)، ولكن كان من المقرر الآن نقلها إلى قضاء (رواندوز) في لواء (أربيل)، يتم تعديل الحدود بين اللوائين قانونيا لتتبع خط (روكوجك) والزاب الأعلى. وتظهر حدود لواء القضاء والناحية الجديدة المقترحة في الخريطة المرفقة بهذا التقرير. وعليه يكون المقر الإداري لكل ناحية على النحو التالي:

أ-  شیروان - گه وره توو وتم تغيرها فيما بعد الى ميرگه سور.

ب - مزوري بالا -  شیروانه مه زن.

ج- به روژ -  بارزان.

2- في فبراير/ شباط عام ۱۹۳۱م أثناء مناقشة الخطط، وافقت الحكومة في الأصل - على خطة لإطلاق ثلاث وحدات تلتقي في (بارزان) من الشمال الغربي والجنوب الغربي والجنوب الشرقي، إن الهجوم المتقارب من هذا النوع كان لديه الكثير ليوصي به كانت هناك عيوب، ولكن استبعدت ذلك نظرا للطبيعة الجبلية للمنطقة، لن تتمكن الوحدات الثلاث من دعم بعضها البعض، وأبطا نظرًا لمحدودية الموارد المتاحة وقلتها وكونها معرضة للتأخير بحيث لا يمكن التنسيق بين تحركات الوحدات كما سيصعب ن التعاون الجوي. اخيرا كما سبق أن أوضحنا، كانت المنطقة الرئيسية (بارزان) محمية بحواجز هائلة من الانهر والجبال، وكانت نقطة الدخول العملية الوحيدة هي من الجنوب الشرقي عند المعبر فوق (روكجوك)، كانت عمليات الاقتراب وكذلك الدخول من الشمال الغربي عبر نهر (شة مدينان) صعبة للغاية. وتقرر التخلي عن اقتراح إرسال وحدة من ( العمادية) باتجاه نهر (شة مدينان)، ومع ذلك، فإن الرغبة في حراسة المعابر فوق هذا النهر والتهديد الرئيسي ل(بارزان) من هذا الجانب كانت تؤخذ في الاعتبار دائمًا، وفي الواقع تم وضعها حيز التنفيذ بمجرد وصول القوات إلى مرحلة لاحقة من العمليات.

3-  في فبراير/ شباط عام ۱۹۳۱م تقرر ما إذا كان سيتم الهجوم الرئيسي من (عقرة) عن طريق ( بلي ) باتجاه قرية (بارزان)، وحول البلدات بين جبل شيرين ونهر الزاب الأعلى، أو من مضيق (رواندوز ) حتى وادي نهر (باليكيان) إلى (ميركه سور)، وهكذا عبر ناحية ( شيروان) إلى (مزوري بالا). وإن مساوئ البديل السابق هو أنه أدى إلى طريق مسدود، كما سبق أن أوضحنا أن قلب منطقة (بارزان) الرئيسية شمال شرق (جبل شيرين) لا يمكن الدخول إليها من هذا الاتجاه طالما أن الممرات والممرات الوعرة فوق الجبل يسيطر عليها الكورد، علاوة على ذلك كان الشيخ أحمد معتادًا على مغادرة قرية (بارزان) في الصيف إلى معسكر بارد بين الجبال، الاحتلال الدائم للقرية من قبل القوات الحكومية على الرغم من أنها ستكون بالتأكيد ضرية لهيبته لن تجبره على الاستسلام أو حتى الخضوع. وكانت الخطة التي تبنتها الحكومة أخيرًا هي القيام بالخطوة الرئيسية الأولى من سهل (ديانا) حتى نهر (باليكيان) إلى (شيروان) بهدف نهائي هو الاستيلاء على (وادي جامة)، وبالتالي تهديد السيطرة [على ] معقل الشيخ أحمد، وكان من المقرر تقسيم العمليات إلى ثلاث مراحل:

أولا: احتلال ناحية (شيروان) حتى (روكوجك)، وكان من المقرر احتلال المنطقة على مراحل وتعزيزها ببناء نقاط في (كورتا بيريا و ريزان) وبناء طريق سريع من رواندوز عبر ( قرية بيرسياو ) (۱) إلى (كاني رةش)، ومن أجل استكمال هذه المرحلة من العمليات لابد من توفير قاعدة آمنة للمراحل اللاحقة، ومن المأمول أن يبدأ التقدم من منطقة (رواندوز) في ١٥ شباط فبراير.

ثانيا: إجبار عبور (روكوجك) في (ضامة) واحتلال مجموعة قرى (شيروان بلي)، وبناء مركز للشرطة في المكان الأخير وجسر دائم في الأول. وستكون لهذه الخطوة تأثير على موقع الشيخ أحمد في وادي (كاني بوت)، وتهديد خط انسحابه إلى تركيا، ومن المعروف أن نهر (روكوجك) لن ينخفض مياه في العادة قبل منتصف شهر يوني/ حزيران.

ثالثا: احتلال قرية (بارزان) والوادي الواقع بين نهر الزاب الأعلى وجبل ( شيرين) من قبل عملية للوحدة الثانية من (بلي).

4- وبشأن الدعم من العمليات الجوية هذه هي الخطة العسكرية التي كان من المقرر أن يتم تنفيذها من خلال رحلة جوية تابعة للقوات الجوية الملكية (رقم) ۳۰( قاذفات) سرب (الموصل)، يقع في (ديانا) (بجانب قيادة قوات الجيش العراقي بمساعدة من القوات الجوية العراقية التي كان من المقرر أن تحصل الآن على أول تجربة لها في العملية النشطة وكان من المقرر الاحتفاظ بالرحلتين المتبقيتين من السرب رقم ٣٠ (ب) في الاحتياط في (الموصل) ليتم استدعاؤهما إذا لزم الأمر في أوقات النشاط غير الطبيعي.

5-  وبشأن التعاون بين الإدارات المدنية: كانت المساعدات الفعالة من الإدارات المدنية التابعة للحكومة العراقية ضرورية لبناء وتحسين الطرق والإصلاحات السريعة للمناطق التي تحتلها القوات من خلال الإنشاء الفوري لما يلي: كانت أهم المتطلبات في هذا الصدد: استعجال العمل على الطريق السريع من (بالكيان) إلى (كة ورة تو). واستخدام ضابط سياسي مع قوة شرطة قوية لمرافقة الوحدة العسكرية من أجل السيطرة على المناطق التي احتلتها القوات، وتقديم المشورة بشأن الإجراء العقابي (إن وجد) الذي سيتم اتخاذه ضد سكان قراهم.

6- خلال شهر فبراير - شباط  [1931م] أثارت وزارة الداخلية تساؤلات حول مدى الاستفادة من الاستعانة برجال قبائل صديقة [ الفرسان – الجتة] من أجل القضاء على الشيخ أحمد، وهذه الوسيلة التي يستخدمها الأتراك على نطاق واسع في العراق لها عيوب خطيرة. فهو يضع الحكومة تحت رحمة زعماء القبائل الذين هم انفسهم غير ملتزمين بالانضباط وبصفتهم هم الرؤساء المصرح لهم بالهجوم ومن الصعب السيطرة على الأصدقاء العشائريين. وهناك دائما خطر أنه في حالة حدوث تراجع للقوات الحكومية سوف تغير القبلية موقفها وتنتقل إلى العدو، ويؤدي ذلك دائمًا إلى نتائج حالات محرجة للتسوية. لقد كان رأي المفوض السامي ورأيي هو ضرورة التوقف بشدة عن استخدام رجال القبائل لدعم الحكومة، وعلاوة على ذلك نصح المفوض السامي الحكومة العراقية بذلك بشكل ودي، ويجب تحذير رجال القبائل من أن أي تجمع الرجال القبائل تحت أي ذريعة مهما كانت لن يسمح به، قبلت الحكومة العراقية هذه النصيحة وتم تجميد الاقتراح في الوقت الحالي. ينظر: الكورد في وثائق الارشيف الوطني البريطاني، الحملة العسكرية العراقية – البريطانية على منطقة بارزان 1931 – 1932، ج5، ص47.

7- كان الاعتبار الأخير في استكمال الخطط هو ضمان أمن (عقرة) وشريط المنطقة الجبلية الواقع بين (عقرة) ونهر الزاب الأعلى، والتي ليس فقط على جانب تقدم الرتل الرئيسي، ولكن أيضًا عبر خط الاتصال من الموصل عبر (عقرة) إلى الكتيبة، وقيادة القضاء في (بلي). كانت هذه المنطقة مأهولة بقبائل الزيبار والسورجي) التي كانت معروفة بأنها على خلاف مع البارزانيين، لكنها مع ذلك لن تتردد في حل خلافاتهم والانضمام إلى حركة الثوار إذا أعطت هذه الحركة وعدًا معقولاً بالنجاح أو إذا قوبلت القوات الحكومية بعكس جدي، علاوة على ذلك، كان للشيخ أحمد عدد من الأقارب والأتباع الشخصيين في (عقرة) نفسها، ولم يكن مهتما في تحقيق الميزة التي يمكن اكتسابها من خلال الفوز بدعم هذه المنطقة. لذلك كان من الضروري إرسال قوة إلى (عقرة) للتغلب على رجال القبائل ومنع أي توغل في هذا المركز المهم من قبل رجال الشيخ أحمد، تتكون هذه القوة:

من سرب واحد وفرقة القيادة العامة وفوج الفرسان الثالث.

قسم البطارية الجبلية الثالثة

كتيبة المشاة الخامسة (أقل من سرية واحدة)

يسبقه عدد من مدرعات القوات الجوية الملكية مغادرا (الموصل) أيام ٢٧ و۲۸ و ۲۹ فبراير/ شباط، وبعد أن تأخرت بسبب الأمطار الغزيرة وصلت إلى (عقرة) بحلول الرابع من مارس/ اذار، عندما تم سحب قسم السيارات المدرعة التابعة للقوات الجوية الملكية. وفي نفس الوقت، وبناءً على طلب الحكومة العراقية وبموافقة المندوب السامي أذنت لقائد السرب رقم ۳۰ (قاذفات قنابل) بمهاجمة من الجو أي مجموعة من رجال العشائر يتم ضبطها متلبسة بمهاجمة الشرطة أو المعتصمين. ينظر: الكورد في وثائق الارشيف الوطني البريطاني، ج5، ص42 – 48.

8- في شهر آذار ۱۹۳۲ تحشدت قوات الحكومة في مراكز الاقضية الثلاث عقرة، عمادية، راوندوز ، وأخذت تستعد للمباشرة بشن هجومها ويصف عبد العزيز العقيلي في كتابه (حركات بارزان الاولى) هذا الاستعداد بالتحشد للتنكيل بالبارزانيين. وهو وصف دقيق. واتخذ مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في12/ 1/ 1932م قراراً بشن هجوم واسع على منطقة بارزان لتأسيس ادارة مدنية في منطقة بارزان .ان هذا مبرر لا أساس له اذ ان الادارة المدنية كانت قائمة في منطقة بارزان ولم يخالفها الشيخ أحمد ولكن كما يشهد هاملتون في كتابه ماذا كان على الحكومة ان تفعل بجيش صرفت عليه أموال طائلة . أن الهدف كان القضاء على بارزان بسبب مواقفها الوطنية الثابتة . مسعود البارزاني،البارزاني والحركة التحررية الكردية انتفاضة بارزان الاولى 1931 – 1932، كردستان- كانون الثاني 1986، ص 32.

9- يذكر السيد مسعود البارزاني بهذا الخصوص :"وأرى من الضرورة أن أنقل نص ما كتبه العقيلي في كتابه (حركات بارزان الأولى) عن التحشد للتنكيل بالبارزانيين ليتبين لنا حجم القوات التي تم تخصيصها للهجوم وسلاحها .[واستناداً الى] قرار مجلس الوزراء: بالنظر لتمادي الشيخ أحمد في تمرده واستمراره على مهاجمة قرى العشائر التي لم تذعن لنفوذه، ولا متناعه عن دفع الضرائب، ولغرض تأسيس ادارة مدنية منظمة في منطقة بارزان قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 12 / 1 / 1932م أن تشكل ناحية في كل من شيروان وباروش (بارزان) ومزوري بالا وأن يؤسس في كل منطقة من هذه المناطق بناية لمركز الناحية مع مخفري شرطة على أن تجري الحركات ضد الشيخ أحمد البارزاني في الوقت الذي تتفق عليه وزارتا الداخلية والدفاع...". ينظر: مسعود البارزاني، البارزاني والحركة التحررية الكردية انتفاضة بارزان الاولى 1931 – 1932، ص 32 – 33.