الجزء السابع عشر.. بارزان في المصادر البريطانية والكوردية

الجزء السابع عشر.. بارزان في المصادر البريطانية والكوردية
الجزء السابع عشر.. بارزان في المصادر البريطانية والكوردية

1- في 27 – 29 فبراير/ شباط تم إرسال حامية سميت فيما بعد (عاقول) إلى (عقرة) للسيطرة على عشائر السورجي والزيباري الواقعة بين (عقرة) و(الموصل)، في نهاية شهر مارس أذار، بدأ قدر معين من الغارات والغارات المضادة بين الزيباريين والبارزانيين، كان هناك شعور بأنه ما لم يتم القيام بشيء لمنع البارزانيين من عبور الزاب إلى منطقة الزيباريين، فإن الزيباريين سوف يصرون عاجلاً أم آجلاً على اتخاذ خطوات  للدفاع عن أنفسهم، وقد يكون الموقف محرجا، كما أن حامية ( بلئ) التي كانت تتألف فى ذلك الوقت من كتيبة واحدة[فوج واحد] لم تكن قوية بما يكفى للتأثير على الوضع، ولكن مع إضافة (عاقول) فإنه سيصبح تهديدا حقيقيا لعاصمة الشيخ أحمد قرية (بارزان) وقد تجبره على الأقل على تخفيف الضغط على الجيش العراقي في منطقة (شيروان) من خلال استدعاء جزء من قوات الثوار للدفاع عن بارزان. وبناءً على ذلك، فى ٤ أبريل نيسان أمرت عاقول المكونة من الكتيبة الخامسة وسرب فرسان واحد وقسم واحد من بطارية جبلية بالانتقال من (عقرة) إلى (بلئ) حيث وصلت في 7 أبريل نيسان، وأطلق على القوة المشاركة اسم (بازكول).

2- في23 مارس/ آذار[1932م] تم توجيه الإنذار النهائى إلى الشيخ أحمد عن طريق وسيطه (علي محو) الذي جاء إلى (بلي) فى ٢٩ آذار/ مارس، وذكر أن الشيخ أحمد وعائلته سيأتون بأنفسهم إلى (بلى) خلال الأيام الثمانية القادمة للاستسلام والتوجه الى الموصل وفقاً لتعليمات الحكومة، ولكن لم يتم الوفاء به أبداً، واصبح من الواضح أن هدف الشيخ أحمد الوحيد من إطالة أمد المفاوضات كان لكسب الوقت حتى يتعرفوا على نتيجة تقدم الجيش العراقي إلى ناحية (شيروان) واحتمالات الانسحاب إلى تركيا.

3- في 3 ابريل/ نيسان كان من المفترض في الأصل أن قوة بحجم ديكول ستكون كافية تمامًا لغرض إنشاء الإدارة في منطقة (شيروان) إن نجاح الثوار ( البارزانيون) في تلك المنطقة، وما تلا ذلك من احباط معنويات القوات العراقية المشاركة أقنع الحكومة العراقية بأن قوات أكبر ستكون ضرورية، وأنه يجب العثور على قوات إضافية لتخفيف الكتائب المنكوبة ولتوفير التعزيزات حسب الطلب، وبموجب هذا القرار تم نقل الكتيبتين الرابعة والسابعة من (البصرة) و(كركوك) الى منطقة (شيروان) على التوالي، بينما تم نقل الكتيبة الثامنة بدون سرية واحدة من الموصل الى ( بلى)، هذه الزيادة الاضافية في القوات لقوات ( بلى) لاطلاق كتيبتين للعليات ضد قرية (بارزان). ومع ذلك، أدرك الشيخ أحمد بلا شك أن منطقة السهل  نسبياً حول (بارزان) لم تكن ملائمة بما يكفي لتمكينه من قتال الجيش العراقي المعزز في هذه المنطقة مع احتمال للنجاح، فاتخذ المسار الجريء لاخلاء وادي (بارزان) بأكمله، وينسحب عن طريق مضيق (گلى سولي) شديد الانحدار إلى المنطقة خلف صخور (جبل شيرين) غير القابلة للعبور، حيث طالما احتفظ بالممر كان آمنا تماما من أي هجوم من اتجاه (بارزان).

4- في 8 نيسان ولوضع حد لتبادل الرسائل غير المثمرة، أبلغ[ الشيخ أحمد] بأنه واتباعه سيعتبرون من الآن فصاعدا خارجين عن القانون، ولضمان وصول هذه المعلومات إلى أتباعه، أسقطت منشورات تحمل رسالة مماثلة من الجو على قرى مختارة في (بارزان).

5- أكدت وزارة الخارجية التركية في أنقرة في وقت لاحق أن الشيخ أحمد قد قدم نداء إلى تركيا للحصول على الحماية، ولكن لم يتم الرد عليه من قبل الحكومة التركية، وفي الواقع صدرت أوامر إلى مسؤول الحدود التركي ببذل قصارى جهده لمنع الشيخ أحمد من دخول الأراضي التركية، وفي حالة نجاحه في ذلك فسيتم القبض عليه ونقله إلى مكان بعيد عن الحدود العراقية، كما أثبتت الأحداث اللاحقة أن السلطات التركية تعاونت بكل إخلاص مع الحكومة العراقية خلال فترة الحملة.

6- في ١٥ أبريل/ نيسان [1932م] تم استطلاع قرية (بارزان) ووجدت خالية، وفي ١٨ أبريل/ نیسان تحرکت ديكول بالتعاون الجوي من    ( بلى) إلى قرية (بارزان) وأقامت معسكرا هناك، بعد بضعة أيام في ٢٦ أبريل/ نيسان تم إنشاء مركز في هوستان (قرية) لقيادة المخارج عبر ممر (گلى سولئ)، وبعد ذلك تم البدء في العمل في مركز الشرطة في قرية (بارزان). ينظر: الكورد في وثائق الارشيف الوطني البريطاني– الحملة العسكرية العراقية – البريطانية على منطقة بارزان (1931 – 1932)-، اعداد وترجمة : شيركو حبيب، ج5، ص61 – 63.

7- وفي بداية شهر نيسان قام رتل داي بقيادة العقيد الحاج سري أحمد بهجوم واسع وعنيف على المحور وشمل قرى ماميسك وژاژوك وفاژي وبيرسياف وبنى بيا وكوركى وباني الواقعة بين ميركه سور وشيروان .وبدلت القوة الجوية جهوداً عظيمة لاسناد المشاة سواء بتموينه من الجو أو اسناده في قتاله. وفي يوم 3 نيسان حدث ما لم يكن بالحسبان . فقد ترك البارزانيون الوادي الممتد الى بيرسياف خالياً أمام تقدم رتل داي وتحصنوا على المرتفعات فظن الرتل أنه احتل أهدافه بدون مقاومة ولكن سرعان ما تغير كل شيء وتحول فرحهم وغرورهم إلى كارثة وهزيمة .وكثيراً ما كان يروي لنا البارزاني ذكرياته عن تلك المعركة باعتزاز كبير ويؤكد بأن ذلك اليوم كان اختباراً قاسياً له وكان يشير بشكل خاص الى القصف الجوي العنيف والمتواصل والدقيق .

8- وفي ليلة ٤نيسان جمع البارزاني كل قوة المحور وشن هجوماً عنيفا على (رتل داي) الذي كان قد وصل الى بيرسياف. وتم عزله عن بقية قوات المحور وبعد معركة التحامية تم القضاء على الرتل بكامله ولم ينجو منه سوى عدد قليل جداً. فقتل عدد كبير بلغ (٢٥٣) قتيلاً وعدد كبير من الجرحى وأسر عدد آخر واستولوا على جميع اسلحة وتجهيزات الرتل . لقد سميت هذه المعركة الخالدة بمعركة (دولا فاري) وأصبحت مفخرة من مفاخر البارزانيين. وألفت الاشعار والاغاني الشعبية عن هذه المعركة .وقام الجنرال البريطاني (روبنسون) بالاشراف شخصياً على هذه المعركة وكان في مؤخرة القوات. ولدى ملاحقة فلول رتل داي المنهزمة وصلت طلائع قوات البارزانيين الى مقر روبنسون وجرح هو بنفسه ولكن لسوء الحظ لم يعرفوه آنئذ واستولوا على معدات المقر بكامله . وسمح البارزانيون للجرحى بالعودة الى ميرگه سور مقر قوة داي وساعدوا غير القادرين على المشي حتى وصلوا الى مقرهم في میرگه سور.كان وقع هذه المعركة كالصاعقة على الانكليز وعملائه ومهما حاولوا تعزيز قوة داي بوحدات اضافية سحبت من كركوك وبغداد ولكن فشلوا في استئناف أي هجوم آخر على هذا المحور. فلجأوا الى تكثيف الغارات الجوية في النهار والليل بشكل وحشي .

9- كان وقع هذه المعركة كالصاعقة على الانكليز وعملائه ومهما حاولوا تعزيز قوة داي بوحدات اضافية سحبت من كركوك وبغداد ولكن فشلوا في استئناف أي هجوم آخر على هذا المحور. فلجأوا الى تكثيف الغارات الجوية في النهار والليل بشكل وحشي .

10- غنم البارزانيون في هذه المعركة كميات كبيرة جداً من السلاح والعتاد والارزاق. حتى أن قافلة بكاملها وقعت بأيديهم وكانت تتألف من ٣٠٠ بغلاً وارتفعت معنوياتهم الى حد كبير وزاد من عزمهم وتصميمهم على الدفاع. وخسروا في هذه المعركة ١٢ شهيداً وهم :

1- عبد الله میرخان میرگه سوری

2- جاوشين كوراني.

3-  حسين محمد هوستاني.

4- بابكر بيخشاشي.

5-  شريف كاني ديري .

6- عزو سبينداري .

7- محمد كوري ماميسكي.

8- مصطفى حيدري دولومري.

9- خدر خه ره ی

10- ملاسلیم کوركه ى

11- ابراهیم شاوالی کورکه ی.

12-شيخ وسمان دولومري .

وجرح ٣٤ آخرين بجراح مختلفة. 

11- لقد لمع نجم ملا مصطفى البارزاني في هذه المعركة(دولا فاژي) بشكل عظيم . كان في الخط الامامي ومع المقاتلين وأثبت كفاءة عسكرية فائقة في قيادته للعمليات الدفاعية والهجومية على حد سواء مما عمق ثقة المقاتلين فيه أكثر. ولقي تشجيعاً كبيراً من شقيقه الشيخ أحمد البارزاني. ينظر: مسعود البارزاني، البارزاني والحركة التحررية الكردية انتفاضة برزان الاولى 1931 – 1932، ص36 – 38.