
نازنين مندلاوي
سياسية وعضوة سابقة في مجلس النواب العراقي
أن تكون حاضرًا لا حاكمًا فقط.. مسرور بارزاني إنموذجاً

في السياسة هناك من يتسلقون السلطة وهناك من يصعدون بثقة الناس ومحبتهم وخلال متابعتي لجولات السيد مسرور بارزاني في دور المواطنين ومناسباتهم فضلا عن مشاهد افتتاح المشاريع وغيرها الكثير ما لفتني ما هو أعمق من كونه رئيسًا لحكومة الإقليم بدا لي إنسانًا متواضعا قبل أن يكون مسؤولًا وقريبًا قبل أن يكون قائدًا
ما رأيته لم يكن طابعًا رسميًا مكررًا بل لقاءات صادقة مع الناس لم يكن محاطًا بجدران عالية أو عيون تراقب بتوجس جلس بين الناس بلغتهم ولهجتهم لا بروتوكول يعزله عنهم ولا حديث سياسي معقد يفصله عن مشاعرهم جلس كابن لهذا البيت الكبير يستمع يصغي يجيب ويدون
اللافت أن المواطنين كانوا يتحدثون إليه وكأنهم يعرفونه عن قرب بلا تكلف أو خشية لم تكن العلاقة علاقة مسؤول بمواطن بل أخ أكبر مع أهله وناسه وهذا ما يصعب أن يصنع بالكلمات أو التعليمات بل هو نابع من تربية وشخصية وتجربة في فهم الناس لا التكلف عليهم
جولاته لم تكن استعراضية ولم تأت لإرضاء الإعلام أو لملء العناوين بل كانت مليئة بالرسائل السياسية والاجتماعية أن يكون القائد جزءًا من الشارع يتنقل فيه يسمع صوت الناس يلمس مشاكلهم اليومية فهذا نمط من القيادة نفتقده كثيرًا
التفاعل الإنساني كان أبرز ما لفت انتباهي في كل لقاء كان ينصت ويبتسم ويجيب بصراحة ويعد بما يمكن تحقيقه لا بما يرضي اللحظة وهذا النوع من الصدق السياسي نادر لكنه أساس الثقة بين الشعب وقيادته حتى من لا يتفق معه سياسيًا لا يمكنه أن يتجاهل حضوره القريب وبلغته الواضحة ونظراته الصادقة
خطاب رئيس حكومة إقليم كوردستان بسيط دون أن يكون سطحيًا وعميق دون تعقيد لا يلجأ إلى التجميل أو الفرار من الإجابة ولا يخاطب الناس بشعارات بل بحقائق يعيشها معهم حين يتحدث عن الماء والكهرباء والخدمات لا يتحدث كمن يقرأ تقريرًا بل كمن يعرف تفاصيل الحياة اليومية
ورغم التحديات السياسية والاقتصادية الكبيرة لم يكن خطابه تهويليًا أو دفاعيًا بل متزنًا يعكس عقلية عملية تعرف أن الحلول تأتي بالعمل لا بالضجيج وهذا ما يميزه إذ لا يهرب من الأزمات بل يواجهها بخطوات واقعية
قبول الناس للسيد مسرور لا ينبع فقط من شخصيته بل من وضوح سياسته ركز منذ البداية على محاربة الفساد وتحقيق الاستقرار وتطوير البنية التحتية رغم كل العقبات وحتى في أحلك الظروف حافظ على لغة واضحة ومسار ثابت
الأهم من كل ذلك هذه الجولات أعادت شيئًا من الثقة بين المواطن والمسؤول لم أقرأ ذلك فقط في الكلمات بل رأيته في عيون الناس وفي انطباعاتهم العفوية لم يكونوا يتحدثون مع رئيس حكومة أو ابن الزعيم مسعود بارزاني فحسب بل مع شخص يعرفونه يحترمونه ويثقون بأنه يسمعهم
ربما ما نحتاجه اليوم ليس المزيد من الخطابات بل المزيد من القرب أن يكون المسؤول بين شعبه يستمع إليهم لا يتحدث عنهم فقط أن يعترف بالتحديات بدل أن يخفيها وأن يبذل الجهد الممكن بدل أن يختبئ خلف المبررات
في النهاية ليست المناصب ولا الألقاب ما يصنع القائد الحقيقي بل حضوره صدقه وشجاعته في قول الحقيقة
مسرور بارزاني من خلال كل ما تابعته يجسد هذا النموذج ببساطة ويمضي بثقة نحو بناء علاقة مختلفة بين الناس والحكم علاقة احترام مشاركة وثقة لا تشترى بل تبنى .