
أحمد الزاويتي
كاتب وإعلامي كوردي
زيارة مسرور بارزاني إلى واشنطن 2025.. الطاقة كمدخل لتعزيز التحالفات وفرض الشرعية

تحليل سياسي واقتصادي لتوقيع اتفاقيات بقيمة 110 مليار دولار بين حكومة إقليم كوردستان وشركتين أمريكيتين
في قراءة سريعة لمجمل نشاطات رئيس الوزراء مسرور البارزاني في واشنطن، وعقد اجتماعات مهمة مع اعضاء الكونغرس الامريكي، ووزراء: الخارجية والطاقة والداخلية وغيرهم، وعقد مؤتمر للطاقة مع مسؤولي الطاقة في الولايات المتحدة الامريكية، والاهم من كل ذلك عقد اتفاقيتين للطاقة مع شركتين امريكيتين بمقدار 110 مليار دولار، وربما الاهم من كل ذلك بالنسبة لاقليم كوردستان العراق هو التصريحات القوية والداعمة للاقليم بعد هذه الزيارة، واعلان الولايات المتحدة بانها تقف مع الاقليم، وتطالب بغداد باحترام خصوصية اقليم كوردستان وفق ما يعطيه النظام الفيدرالي لاقاليمه.
بعد قرائتي السريعة توصلت الى هذه النظرة التحليلية لما رافق هذه الزيارة من نشر لتقارير ومقابلات متعلقة بالموضوع:
في أيار/مايو 2025، قاد رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، زيارة استراتيجية إلى واشنطن تخللتها لقاءات رفيعة وتوقيع اتفاقيتين للطاقة مع شركتي HKN Energy وWestern Zagros الأمريكيتين. وتُقدَّر قيمة هذه الاتفاقيات بعشرات المليارات من الدولارات، ما مثّل لحظة مفصلية في العلاقة بين كوردستان والولايات المتحدة، ومؤشرًا على اتجاهات جديدة في سياسة الإقليم الاقتصادية والدبلوماسية.
أولًا: توقيع لا يُقاس بالمال فقط
رغم أن الاتفاقيتين تنطلقان من عقود قديمة، إلا أن تجديدهما وتوسيعهما بهذا الحجم والتوقيت شكّلا رسالة سياسية واضحة:
تأكيد على استقلالية القرار الاقتصادي في أربيل.
محاولة لاستقطاب رسائل دعم أمريكي مباشر في ظل توتر العلاقات مع بغداد.
ترويج لصورة الإقليم كمركز استثمار آمن ومستقر في منطقة مضطربة.
ثانيًا: أبعاد دستورية في صلب الخطاب
استند بارزاني إلى الدستور العراقي للدفاع عن شرعية الاتفاقيات، معتبرًا أن للإقليم صلاحيات واضحة في إدارة ثرواته. وقد جاء ذلك ردًا ضمنيًا على اعتراضات محتملة من الحكومة الاتحادية، وهو ما يُظهر إصرار الإقليم على توسيع هامش سلطاته ضمن العراق الفيدرالي.
ثالثًا: واشنطن – أربيل... تحالف يتجدد
تعددت إشارات الدعم من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين:
وزير الخارجية ماركو روبيو وصف الحكم الذاتي للكُرد بأنه "حجر أساس في المقاربة الأمريكية للعراق".
مايك بومبيو دعا إلى حماية استقلال كوردستان الاقتصادي ورفع القيود عن تصدير نفطه.
وزير الطاقة الأمريكي أشار إلى أن بلاده "تعتزم توسيع استثماراتها" في الإقليم.
كل هذه التصريحات تُعزز رؤية الإقليم لنفسه كشريك موثوق وفاعل في المعادلة الإقليمية.
رابعًا: ملاحظات على المستوى الإقليمي
تضع هذه الخطوة الإقليم في مواجهة مباشرة مع:
حكومة بغداد التي قد تراها تجاوزًا لصلاحياتها.
إيران وتركيا اللتين تتحسسان من تعاظم نفوذ الإقليم وارتباطه بالغرب.
ورغم ذلك، فإن تموضع الإقليم كممر للطاقة الإقليمية ومصدر للغاز، يمكن أن يُعيد ترتيب المواقف إن تم تسويق الأمر كمصلحة اقتصادية مشتركة.
وأخيرا:
فإن زيارة مسرور بارزاني وتوقيع الاتفاقيات لا تعني فقط إنعاش قطاع الطاقة، بل تؤسس لتحوّل استراتيجي في العلاقة مع واشنطن، وتمنح الإقليم أداة ضغط ناعمة في علاقته ببغداد. كما تُظهر تطور خطاب أربيل من المطالبة بالحقوق إلى ترسيخها بالوقائع.