الصحفيون والكتّاب والإعلاميون الكورد في المهجر: سفراء الألم وصناع الوعي الدولي.

في ظل عواصف التاريخ العاتية التي مر بها الشعب الكوردي، وخاصة خلال العقود المظلمة من الثمانينيات والتسعينيات، برزت كوكبة من المناضلين الكورد بحبر أقلامهم وكلماتهم من منافٍ متفرقة حول العالم.
في السويد وألمانيا وبريطانيا، في أستراليا وأمريكا والنرويج، وهولندا و فرنسا وفي فنلندا وبلجيكا ودول أوروبا الشمالية والشرقية، حمل هؤلاء الأبطال على عاتقهم مسؤولية كسر جدار الصمت الدولي الذي أحاط بالمأساة الكوردية.
عمل هؤلاء الرواد في ظروف بالغة القسوة من منافيهم البعيدة. من ستوكهولم إلى برلين، ومن لندن إلى بروكسل، ومن أوسلو إلى هلسنكي ومن امستردام الى باريس، ومن واشنطن إلى سيدني، انتشروا في أصقاع الأرض حاملين معهم أرشيفاً حياً من الشهادات والوثائق التي تروي فصول المأساة. أسسوا مراكز توثيق، ونظموا مسيرات، وأنشؤوا وسائل إعلام بلغات متعددة.
كانت تضحياتهم استثنائية بكل المقاييس؛ تخلوا عن فرص الحياة المريحة في المجتمعات الغربية، واختاروا التضحية بشبابهم وصحتهم وكرامتهم في سبيل قضية شعبهم. واليوم، ومع تقدمهم في السن، يعيش الكثير منهم في ظروف صعبة، إذ يعاني بعضهم من أمراض الشيخوخة دون رعاية صحية مناسبة، ويعيش آخرون في عزلة اجتماعية رغم كل ما قدموه.
الالتزام الأخلاقي والوطني تجاه أبطال الكلمة والرسالة
هذا النضال ليس مجرد عمل مهني أو ثقافي، بل هو التزام أخلاقي وإنساني عميق. هؤلاء الأبطال حملوا أمانة الأمة الكوردستانية وضميرها الحي، وجعلوا من أقلامهم سلاحاً ضد الظلم والنسيان، ورفضوا تحويل معاناة كوردستان إلى ضباب منسي في زوايا قصية.
تضحياتهم الجسيمة على حساب صحتهم وأمنهم النفسي والاجتماعي تستدعي منا أكثر من كلمات شكر، بل تنفيذ التزامات وطنية تعكس عظمة عطائهم وعمق مسؤوليتنا تجاههم.
إقليم كوردستان اليوم: الوطن الذي ينتظرهم
شهد إقليم كوردستان في السنوات الأخيرة تحولات جذرية تنموية وسياسية، ليصبح نموذجاً للديمقراطية والتعايش والسلام والتنمية، وعصراً جديداً يُكتب فيه تاريخ جديد لشعبنا.
في هذا البيت الكبير اللامع بالحقوق والآمال، ينتظر آلاف الأبطال الذين ناضلوا من بعيد، يرفعون أيديهم بالدعاء للعودة إلى حضن الوطن، لكنهم يعانون من قيود المعاناة الاقتصادية التي تقف عائقاً أمام حلمهم البسيط: أن يعيشوا بكرامة على أرضهم.
هؤلاء الذين ضحوا بالغالي والنفيس ليسوا عبئاً، بل هم رصيد الحاضر ومستقبل الأجيال، وهم علامات استقامة ووفاء لا تُقدر بثمن. دعمهم ليس رفاهية، بل استثمار في أخلاق شعب يسير على درب النضال والحق.