المؤلف مجدي صابر: بعد "ليلة السقوط" مسلسلي القادم عن الكورد ولقائي بالرئيس بارزاني أسعدني

لم تتناول الدراما العربية حياة الكرد بتفاصيلها، سواء طبيعة الحياة الاجتماعية، أو التاريخية، أو أن تسلط الضوء على دورهم في المجتمع بشكل دقيق، وما قدم من أعمال لا يعدو على المسلسل العراقي "سنّور" أو "الحدود" تم إنتاجه في أربيل ولاقى صدى لدى الجمهور والنقاد لاهتمامه بواقع الشباب في كردستان، مثل الهجرة والتطلّع إلى مستقبل أفضل في الغرب. العمل عُرض على محطات محلية في الإقليم، وركّز على هموم الشارع ضمن سياق كردي حقيقي.

ومسلسل "ليلة السقوط" عُرض في رمضان 2023، ويُعدّ أول عمل درامي عربي يظهر بطولات قوات البيشمركة في حربهم ضد داعش. من بطولة نجوم عرب وعراقيين.

وهناك مشروع درامي قيد الإعداد للمخرج السوري طلال ديركي أعلن نيته التحضير لمسلسل عربي كردي مشترك بين سوريا وإقليم كردستان، يهدف لإزالة الصورة السلبية التي قد صوّرتها بعض الدراما التركية عن الأكراد، من خلال تقديم صورة إنسانية واجتماعية إيجابية. وأضاف أن العمل لن يغوص في السياسي بقدر ما يركز على الجوانب الإنسانية المشتركة.

دراما كردية لمؤلف مصري

المؤلف المصري والسيناريست مجدي صابر مؤلف مسلسل "ليلة السقوط" يعد حاليا لمشروع مصري عن الكرد وبخاصة بعد لقائه بالرئيس مسعود برزاني أثناء تصوير المسلسل في "أربيل"، والذي أهداه كتابًا عن تاريخ القائد العظيم الرئيس مصطفى برزاني.

في لقاء خاص لـ"كردستان 24" تحدث المؤلف مجدي صابر عن رغبته في أن ينجز عملا دراميا عن الكرد، وبخاصة أنه قرأ تاريخهم ولديه خلفية عن أهم الشخصيات الكردية التي أثرت في التاريخ العربي.

صراع الأكراد يعني الحقيقة وكفاحهم من أجل أن يحصلوا على إدارة مستقلة أو على حكم ذاتي، وهذا الصراع عمره مئات السنين، فهو صراع خاض فيه الأكراد معارك عنيفة جدًا، ويمكن بالأخص منذ عشرينيات وثلاثينيات هذا القرن، إذ خاض الأكراد صراعات، وأنشأوا أحزابًا سياسية، وخاضوا صراعات قتالية وحربية في محاولة للاستقلال، ومحاولة لإقامة دولة كردية في العراق في كردستان، وبالأخص الزعيم الكردي مصطفى برزاني، وهو والد الرئيس مسعود برزاني الرئيس السابق لكردستان، وهذا الرجل خاض رحلة كفاح كبيرة جدًا من أجل استقلال الأكراد ومن أجل إقامة دولتهم، إلى أن انتهى الأمر بإقامة ما يشبه الحكم الذاتي للأكراد في كردستان.

والحقيقة أنني درست هذا التاريخ لأنني كنت بصدد كتابة مسلسل عن كفاح الأكراد وعن كفاح مصطفى برزاني، فقد كنت مستعدًا لهذا العمل، لكن حالت دون ذلك ظروف الإنتاج، إذ إن المسلسل كان سيكلف كثيرًا ويحتاج إلى مساحة زمنية. فهذا الصراع في الحقيقة صراع مجيد جدًا للأكراد، وكان لهم الحق في أن يحصلوا على الحكم الذاتي، وأقول لك إنهم قدّموا شهداء كثيرين جدًا. وعلى مر التاريخ، عانى الأكراد من الغزوات ومن الاحتلال ومن القسوة ومن التهجير، كما أن كل من كان يحكم العراق كان دائمًا يحارب الأكراد.

مواجهة داعش

نعم، الإنسان الكردي لديه من الشجاعة والقوة أن يكون بطلًا لأعمال فنية وتحكى سيرته، وهو ما سأضعه في الاعتبار عند تناولي له.. والدليل في مواجهة الكرد لداعش عندما هاجمت قرى في كردستان، قرى إيزيدية. وتمكن البطل الشجاع مسعود برزاني والقوات الكردية من تحرير البلد من داعش.

عمل درامي يتناول التاريخ الكردي يحتاج إلى سلاسل، وحلقات متصلة، لأن المشكلة عمرها آلاف السنين، ويتحكم فيها عناصر كثيرة جدًا لا مجال لذكرها هنا. لكنني أتمنى أن أكتب مسلسلًا عن الكفاح الكردي للاستقلال، وخاصة عن الزعيم مصطفى برزاني والد الرئيس السابق مسعود برزاني.

وعندما كتبت مسلسل "ليلة السقوط"، حصلت على معلومات مهمة جدًا عن الكفاح الكردي عبر التاريخ ونهاية بكفاحهم ضد داعش وتحرير جبل سنجار.

والحقيقة أنني عندما كنت أُحضّر لكتابة مسلسل "ليلة السقوط"، تشرفت بلقاء الزعيم مسعود برزاني أكثر من مرة، وكانت جلسات إنسانية جدًا، تحدث فيها عن كفاح الأكراد، وكيف أن التاريخ الكردي تاريخ مشرف ووطني من أجل الاستقلال، وقد أهداني كتابًا كان قد ألّفه عن قصة كفاحه وكفاح والده الزعيم مصطفى برزاني من أجل استقلال الأكراد والحصول على الحكم الذاتي.

دراما اجتماعية

وأضاف "صابر": أتمنى زيارة كردستان خلال الفترة المقبلة والتعرف على بعض الملامح التي لم تتوافر لي، عندها سأشرع في كتابة عمل مفتوح يتناول قضايا عدة، فكما قدمت "ليلة السقوط"، وتناولت جانبًا خاصًا، وركزت فيه على بطولة الكردي، سأخصص عملًا يتناول الشخصية الكردية، وليس شرطًا أن يكون تاريخيًا، أو سياسيًا، بل هناك موضوعات إنسانية، واجتماعية تحتاج إلى عشرات الأعمال الفنية، المهم الإنتاج والتسويق، فكما ساعدنا المنتج الكبير قيس الرضواني في إنتاج "ليلة السقوط"، نتمنى أن نجد مبادرات تسهم في إنتاج مثل تلك النوعية من الأعمال التي تحقق نجاحًا كبيرًا عند عرضها في العالم العربي.

وحول الدعم الكردي قال: "منذ أن هبطت الطائرة في أربيل ونحن نتلقى دعمًا من كل الجهات، ولولا دعم القيادة هناك ما أنجزنا "ليلة السقوط"، وهو ما دفعني للتفكير في تصوير أكثر من عمل فني في كردستان. حصلنا على دعم لوجستي، سواء في الموصل أو كردستان، وأخذنا بالفعل دعمًا كبيرًا من جيش كردستان، واستعنا بمعدات حربية حقيقية، ومتفجرات بعضها حقيقي، والأسلحة التي استخدمناها أيضًا، فكان هذا العمل نفسه به نوع من الخطورة حتى على أبطاله."

سيناريست وصانع مجد درامي

يُعد الكاتب الكبير مجدي صابر أحد أهم كتاب الدراما التليفزيونية في الوطن العربي، حيث قدم المسلسلات التي ناقش من خلالها العديد من القضايا والتي عبرت عن فكر ووجدان المجتمعات العربية، منها مسلسل "الرجل الآخر"، للنجمين نور الشريف وميرفت أمين، و"للعدالة وجوه كثيرة" للنجم يحيى الفخراني، و"أين قلبي"، للنجمة يسرا، ومسلسل "سلسال الدم" بطولة الفنانة عبلة كامل وغيرها من عشرات الأعمال الفنية المهمة والمحفورة في تاريخ الدراما المصرية والتي لاقت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا عند عرضها.

ولد السيناريست مجدي صابر في محافظة سوهاج ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة في عمر عام، ثم التحق بمدرسة شبرا الإعدادية ومدرسة التوفيق الثانوية ثم كلية التجارة، ولكنه اتجه للتأليف.

بدأ حياته ككاتب للشباب وللأطفال، فكتب روايات بوليسية وجاسوسية وخيال علمي وروايات رومانسية وقصصًا للأطفال، مجموع الكتابات 350 كتابًا حيث طُبعت الكتب عشرات المرات حتى أصبح بعض قصص الأطفال تدخل ضمن المناهج في تونس وفي الجزائر وتُدرس في مدارس الأطفال، ولكنه توقف 15 عامًا عن التأليف رغم أنه عاشق لهذا المجال، ثم حوّل بعض أعماله إلى مسلسلات.

فقد كانت أول خمس مسلسلات له من إنتاج إبراهيم شوقي عن خمس روايات ومنشورين قصص رومانسية، كان أولها "حارة المحروسة" إخراج مجدي أبو عميرة ونجح نجاحًا كبيرًا جدًا، ثم كتب مباشرة للتلفزيون المصري بداية من مسلسل "الرجل الآخر"، وأصبح بعد ذلك يكتب للتلفزيون المصري مباشرة.

مجموع مسلسلاته حوالي 30 مسلسلًا أو أكثر، واستطاع أن يحصد الكثير من الجوائز سواء من جامعات أو وزارات أو نوادٍ، وقام بتدريس السيناريو في تونس لفترة.

مجدي صابر واحد من المؤلفين الكبار على الساحة الفنية، حيث قدم العديد من الأعمال الفنية الكبيرة خلال السنوات الماضية أبرزها مسلسلات "حارة المحروسة"، و"الرجل الآخر"، "العائلة والناس"، "أين قلبي"، "للعدالة وجوه كثيرة"، "فريسكا"، "نور الصباح"، "قلب امرأة"، "أنا قلبي دليلي"، "ابن موت"، "ربيع الغضب" في نفس العام، "الفنار"، "الفريسة والصياد"، "سلسال الدم" بأجزائه الخمسة، "عائلة الحاج نعمان"، "أفراح إبليس"، "أحلامنا الحلوة"، "يا ورد مين يشتريك"، وفي السينما قدم أفلام "اللقاء الثاني"، "وكر الذئاب"، و"الشيطان اسمه سونة".

آخر أعماله مسلسل باسم "ليلة السقوط" بطولة طارق لطفي، وهو مسلسل عن اجتياح داعش لمدينة الموصل في العراق إلى حين تحرير الموصل ولم يُذع حتى الآن.

حصل مجدي صابر على الدكتوراه الفخرية، وأيضًا سفير نوايا حسنة من مؤسسة إغاثية دولية على مستوى العالم، ومنصب نائب رئيس مجلس إدارة جمعية كتاب ونقاد السينما.