دراسة حالة دهوك.. دور رؤساء الأفواج الخفيفة في انتفاضة ربيع 1991 في كوردستان العراق

الملخص
شكل هذا البحث جزءًا من كتاب سيُنشر قريبًا، حيث يتناول بالتفصيل دور "الأفواج الخفيفة" في الأحداث المفصلية التي شهدتها كردستان. مثّلت حرب الخليج الثانية (1990-1991) نقطة تحوّل في المشهدين السياسيين الدولي والإقليمي، حيث أدى غزو العراق للكويت إلى تدخل عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة، مما خلّف تداعيات مباشرة على المنطقة، خاصة على القضية الكوردية. في ظل هذا الاضطراب، استغلت جبهة كردستان ضعف النظام العراقي وأشعلت انتفاضة 5 آذار 1991، التي انطلقت من رانيا وامتدت للاستيلاء على المدن الكوردية تباعًا. يسلط هذا البحث الضوء على وظيفة "الأفواج الخفيفة"، وهي قوات كردية استخدمها النظام العراقي لقمع الحركة التحررية الكوردية، ويفحص تأثير انقساماتها الداخلية على مجرى الانتفاضة. كما يستعرض مواقف الشخصيات الكوردية البارزة خلال هذه الفترة، محللًا انعكاسات هذه الأحداث على المشهد السياسي والاجتماعي في كردستان بعد الانتفاضة.
المقدمة
شكلت حرب الخليج الثانية (1990-1991) نقطة تحول هامة في الشرق الأوسط، وخاصة في العراق، حيث أدت إلى تغيير عميق في الديناميكيات السياسية داخل كوردستان. بعد انهيار القوات العراقية وتراجع سيطرة النظام، اندلعت الانتفاضة الكوردية في أذار 1991، مستغلة الفوضى الناتجة عن الحرب. لعبت "الأفواج الخفيفة"، التي كانت تعمل في السابق لصالح النظام العراقي، دوراً محورياً في هذه الأحداث، إذ واجهت ضغوطًا داخلية لإعادة تقييم ولائها وانضمامها إلى الحركة التحررية الكوردية.
تركز إشكالية البحث على دراسة التحولات السياسية والاجتماعية في كوردستان العراق بعد حرب الخليج الثانية وانتفاضة 1991، مع التركيز على دور "الأفواج الخفيفة" في تغيير ولائها وانضمامها للجبهة الكوردستانية وتأثير ذلك على مسار الانتفاضة وثقة الأحزاب الكوردية بها. تهدف الدراسة إلى توثيق دور رؤساء "الأفواج الخفيفة" في تاريخ كوردستان وتأثيرهم على الأجيال، نظرًا لغياب وعي الشباب بمصطلحات مثل "الجاش" وكذلك "چەتە" أو"الأفواج الخفيفة".
تبرز أهمية البحث في تحليل تعامل الأحزاب الكوردية مع "الأفواج الخفيفة" رغم تعاونهم السابق مع النظام البعثي، ودراسة تأثير التحولات السياسية والاجتماعية بعد حرب الخليج الثانية على التحالفات الداخلية ومستقبل كوردستان.
من الجدير بالذكر أنه بعد مرور 32 عامًا على الانتفاضة في محافظة دهوك، شهدت المنطقة تغيرات كبيرة وتبدلت المعادلات الاجتماعية والسياسية. فقد أصبحت الطبقة المخملية، التي تضم أولئك الذين كانوا سابقًا رؤساء لجماعات "الجاش"، اليوم من أصحاب النفوذ والسلطة الحكومية أو العسكرية، ويتمتعون بسمعة نظيفة ومشرفة. بسمعة نظيفة ومشرفة. نتيجة لذلك، واجه الباحث تحديات كبيرة أثناء إجراء المقابلات، حيث فضل جميع الأشخاص الذين تمت مقابلتهم تجنب ذكر الأسماء أو الحديث بشكل واضح عن تلك الفترة، أو تجاهل بعض الوقائع. لذا، اكتفى الباحث بتسجيل أقوالهم دون ذكر الأسماء، حرصًا على الحفاظ على الحقائق من الضياع وضمان ألا تُنسى تلك الأحداث من ذاكرة التاريخ
يتناول المبحث الأول بعنوان: "الأفواج الخفيفة: الأداة العسكرية للنظام"، حيث تم استخدامها ضد الحركة التحررية الكوردية. في حين يتناول المبحث الثاني: اجتماع "قاسمة رةش" وما تمخض عنه من قرارات استراتيجية، بالإضافة إلى دور قادة الأفواج الخفيفة. أما في المبحث الثالث: فقد تم التطرق إلى مواقف الأفواج الخفيفة وانقسامها بين الولاء للنظام والانضمام إلى الثورة الكوردية، وتم تقسيم هذا العنصر إلى فروع صغيرة. وفي المبحث الأخيرتم تناول دور إبراهيم علي في قيادة انتفاضة دهوك، وكيف تمكن من كسب ثقة الجماهير، تحديد تاريخ الانتفاضة، والتخطيط و ساعة الصفر.
المبحث الاول: الجاش، الأداة العسكرية للنظام، استخدمته ضد الحركة التحررية الكوردية
في أعقاب غزو الكويت وحرب الخليج الثانية (1990-1991)، شهد العراق تحولات كبيرة على المستوى السياسي والعسكري. ومع انهيار النظام وفقدان السيطرة ، برزت قوى محلية كانت تعمل تحت إمرة النظام العراقي، من بينها "الأفواج الخفيفة". هذه القوات الكوردية المحلية كانت قد جُندت من قبل النظام بهدف قمع أي تحركات أو انتفاضات داخل كوردستان [حميدى صالح عهبو، 2021: (2917) 7؛ وفيق السامرائي، 1997: 421[. ومع اندلاع انتفاضة الكورد في 5 أذار 1991 في مدينة (رانيا) وتوسعها إلى باقي المناطق الكوردستانية، وجدت "الأفواج الخفيفة" نفسها في موقف معقد. فقد كانت تواجه ضغوطاً من المجتمع الكوردي وقياداته للانضمام إلى الحركة التحررية من جهة، وولائها السابق للنظام من جهة أخرى. في هذا السياق، يصبح من الضروري استكشاف الدور الذي لعبته هذه الأفواج في تلك المرحلة الحساسة، وكيف أثرت هذه الأحداث على توجهاتها وقراراتها] احسان ئاميدي، دهوك، 9/12/2022 [.
فمن هم قوات الأفواج الخفيفة؟، أو ما يُعرف محليًا بـ"الجاش": الافواج الخفيفة هم الكورد تم استغلالهم من قبل النظام العراقي. في المجتمع الكوردي الذي كان يُدار بشكل كبير من قبل رؤساء العشائر، تمتع هؤلاء القادة بمكانة وسلطة عالية لا تزال مستمرة حتى اليوم. لعب هؤلاء القادة دورًا محوريًا في الحفاظ على نفوذهم، حيث استغلوا النظام الاجتماعي لبناء وتعزيز قوتهم. كان لكل قائد نظام عسكري وإداري خاص به، يُنظم لتحقيق أهدافه في توسيع سلطته ونفوذه. الهدف الرئيسي لكل قائد كان الحفاظ على سلطته وتوسيع نطاق نفوذه على حساب الآخرين، مما جعلهم في منافسة مستمرة لتأمين مواقعهم القيادية داخل المجتمع الكوردي [قادر عبد العزيز رشيد، دهوك، 23/3/2023]
على مر الزمن، اعتمدت الحركات الكوردية بشكل كبير على القوة العسكرية ورؤساء العشائر، نظراً لأن المجتمع الكوردي كان مبنياً على أساس النظام العشائري ینطق على المجتمع الكوردي فی كوردستان الشمالیە ]ئيسماعيل بيشيكجى، 2018: 325 [من الأسباب الرئيسية لفشل الثورات الكوردية هو هذا النظام العسكري (وهذا ينطبق على الجزء الشمالي من كوردستان) والانقسامات الداخلية بين الرؤساء، ما سمح للأعداء باستغلال تلك الانقسامات لتحقيق مصالحهم الخاصة وإضعاف الحركة الكوردية] مارتن فان بروينسن، 2008: 563[. في تاريخ النضال الكوردي، كانت هناك محاولات لتوحيد الفصائل لمواجهة القوى المحتلة ل كوردستان، ولكن الأعداء نجحوا في تفكيك هذه الوحدة عبر التحالفات والصفقات مع الدول المحتلة. استغل الأعداء الخلافات الداخلية بين الرؤساء الكورد من خلال وسائل الحيلة والخداع، مغريين بعض القادة بالوعود والتحالفات المتنوعة، مما أدى إلى إضعاف الوحدة الكوردية وضمان عدم تعاون الرؤساء فيما بينهم. عمل هؤلاء الرؤساء على تقديم الدعم للقوى الخارجية عبر المساعدات المالية والتأييد السياسي لتحقيق مصالحهم الخاصة. وفي هذا السياق، كانت الحكومات المحتلة تستغل هذه الانقسامات لضمان السيطرة على الحركة الكوردية. من خلال تطبيق سياسة "فرق تسد(1)"، أصبحت أكبر نقاط ضعف المجتمع الكوردي هي استغلال هذه السياسة من قبل الدول المحتلة، والتي لم تقتصر على تقسيم الأرض فقط، بل امتدت لتشمل تقسيم العقول والنفوس، مما أدى إلى نشر الفتن وتعميق الانقسامات الداخلية التي أضعفت الحركات القومية وجعلتها عرضة للسيطرة الخارجية [ئيسماعيل بيشيكجى، 2018: 325].
في كتابه "دهنگی خاك"، أشار حمه حمه سعيد إلى أن مسعود بارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني (پ.د.ك)، ذكر في مذكراته قوله: "والدي (بارزاني الخالد) قال لماجد مصطفى: 'إذا لم تكن شخصاً صالحاً وتخدم شعبك ووطنك، فسوف نطلق عليك لقب جاش وزير'". وفي نفس الكتاب، أوضح حمة حمة سعيد في منشور تناول قصيدة نُشرت بتاريخ 9 حزيران 1963 تحت عنوان " الافواج الخفيفة" دون الكشف عن هوياته. في ذلك الوقت، يُقال إن الأستاذ إبراهيم أحمد قال: "يا جاش، يا جاش، جاش البعث العفلقي العدو للشعب الكوردي..."، (هى جاش، هى جاش جاشى عفلقق بيس زياندارى كوى لق ...)، وكانت جميع أشكال التعاون تُقدّم لصالح نظام البعث في إطار خيانة [حمه حمه سهعید، 2020: 16].
عندما تولي صدام حسين السلطة في العراق بين عامين( 1979-2003)، تم تشكيل 258 فوجًا تحت اسم "الأفواج الوطنية" لتعزيز سيطرة النظام على المناطق الكوردية، بقيادة رؤساء العشائر والشخصيات المحلية. توسعت بعض الأفواج لتصل إلى 5000 فرد، حيث استخدم رؤساؤها النفوذ العسكري والاقتصادي لتعزيز سيطرتهم الإقليمية والهروب من الخدمة العسكرية الرسمية. لعبت هذه الأفواج دورًا مهمًا في مواجهة البيشمركه وشاركت في العمليات العسكرية العراقية، " كما اطلق عليهم فرسان صلاح الدين" ]وفيق السامرائي، 1997: 421 [.
شارك رؤساء "الأفواج الخفيفة" في تنفيذ حملات الأنفال ض، حيث كانوا على علاقة وثيقة بالنظام العراقي واستُغلوا لحفظ الأمن والنظام باستخدام معرفتهم بالجغرافيا والتركيبة الاجتماعية في كوردستان. لعبوا دورًا محوريًا في تسليم آلاف المدنيين، من الأطفال والنساء وكبار السن، إلى الجيش العراقي، الذي قام بقتلهم وتعذيبهم بطرق وحشية. ] هونهر عبوش، 2021:29-291 [.
أشير العديد من المصادر والمقابلات إلى أن للجاش جوانب إيجابية أيضًا. يعتقد البعض أن انضمام بعض الأفراد إلى الأفواج الخفيفة كان بدافع الضرورة، حيث اضطروا لذلك لتأمين مصدر دخل أو لحماية أنفسهم في ظل الحروب المستمرة، مثل الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات وحرب الكويت. كما أشار البعض إلى وجود تعاون سري بين البيشمركه وأفراد عاديين من الأفواج الخفيفة، وليس مع رؤسائهم في الغالب. وذكر أن معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرة البيشمركه كانت ملكًا لهؤلاء الرؤساء. هذا التعاون سمح لهم بالحفاظ على ماء الوجه، كونهم من القومية الكوردية. في المقابل، كانت البيشمركه بحاجة إلى هذه العلاقات للحصول على الإمدادات الغذائية والطبية والمعلومات الاستخباراتية. علاوة على ذلك، كانت هناك محاولات لتنسيق الجهود بين الطرفين لتجنب الاشتباكات المباشرة، مما يعكس تعقيدات العلاقات في تلك الفترة ]بابكر زيباري، دهوك، 10/12/2021؛ إسلام سليمان محمود، دهوك، 10/11/2023؛ عبد الكريم صالح مشختي (13/3/2023)، أحمد ملا قاسم ئيمينكي (6/1/2022)، محيي الدين معروف الشيخ، ونادر خمو درويش سيني (4/1/2022].
رغم ارتباطهم الرسمي بالنظام، أظهر بعض هؤلاء الأفرادخصوصًا من غير القادة تعاونًا سريًا مع قوات البيشمركه. تمثّل ذلك في تقديم معلومات استخباراتية، وتوفير إمدادات غذائية وذخائر، بل ومحاولات لتجنّب الاشتباك المباشر، في إطار الحفاظ على الروابط القومية الكوردية. وقد أشار بابكر زيباري لى أن أفرادًا من الأفواج الخفيفة كانوا يُبلغون البيشمركه مسبقًا بتحركات الجيش العراقي وساعدوا في تفادي الهجمات [بابكر زيباري، دهوك، 10/12/2021].
كما وثّق إسلام سليمان محمود أن عزالدين زيوكي قام بإيواء عناصر من البيشمركه في ثكنة قريبة من مانكيش (منطقة ديليا) دون علم رئيس الفوج، ما يؤكد وجود شبكات تنسيق خفية تعكس هشاشة الانقسام الظاهري بين "الجاش" والبيشمركه ]إسلام سليمان محمود، دهوك، 10/11/2023[.
يظهر أن انضمام بعض الأفراد إلى الأفواج الخفيفة لم يكن دائمًا بدافع الخيانة، بل كان أحيانًا نتيجة للظروف والضرورات الملحة. كما أن بعض رؤساء الأفواج الخفيفة سعوا للحفاظ على علاقات مع كلا الطرفين. وحسب آراء بعض الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، فإن الظروف الصعبة لا ينبغي أن تجبر الأفراد على اختيار طريق الخيانة. للتأكيد على ذلك، أشار آزاد مجيد سليمان إلى موقفهم بالقول: "كان أمامنا خياران: إما أن نهرب (فارّ من الخدمة) من الجيش أو أن نصبح جاش، ونحن اخترنا الهروب من الجيش بدلاً من أن نصبح جاش".هذه الأقوال تؤكد أن البعض اختاروا مسارات أخرى، رافضين الخيانة رغم الصعوبات التي واجهوها] ئازاد مجيد سليمان، دهوك، 16/3/2023
المبحث الثاني: اجتماع" قاسمة رهش" قرارات استراتيجية و دور قادة الافواج الخفيفة
في اجتماع "قاسمة رش" الذي عُقد في كانون الثاني عام 1990، تحت قيادة مسعود بارزاني رئيس (پ.د.ك.)، وبحضور نوشيروان مصطفى ممثل الاتحاد الوطني الكوردستاني(ي.ن.ك.)، شاركت فيه جميع الاحزاب الكوردية في العراق. تم وضع برنامج شامل خلال هذا الاجتماع ] احسان ئاميدي، دهوك، 9/12/2022 [. تم اتخاذ عدة قرارات، ومن بين تلك القرارات كانت مواجهة التحديات الملحة، حيث كانت هناك مخاوف جدية بشأن رؤساء العشائر وقادة الافواج الخفيفة، لأنهم كانوا يمتلكون السلطة السياسية والعسكرية في المنطقة، وكان موقفهم غير واضح [Nicola Degli Esposti, 2020: 151] لذلك، قررت قيادة الجبهة الكوردستانية، بدلاً من محاسبة رؤساء الأفواج الخفيفة، إصدار قرار بالعفو العام عنهم، كما تم تغيير اسم "الأفواج الخفيفة" الى الثوار المسلحين "چهكدارێن شۆرهشگێر". كذلك، تم اتخاذ قرار بإرسال رسائل إلى رؤساء الأفواج الخفيفة لمعرفة موقفهم من الانتفاضة. بالفعل، بين 25 كانون الثاني و25 شباط 1991، وصلت هذه الرسائل إلى معظمهم ]هلكفت عبدالواحد صالح، 2022: 40[.
بخصوص الرسائل تم توجيه رسائل من قبل القياديين مسعود بارزاني وجلال طالباني إلى شخصيات ورؤساء محليين، بمن فيهم رؤساء "الأفواج الخفيفة"، لاستيضاح مواقفهم السياسية. ومع ذلك، تجاهل معظم الرؤساء تلك الرسائل خوفًا من النظام ورغبة في حماية مصالحهم الشخصية]مقابلة هاتفية: مصطفى باجلوري، ألمانيا:1/1/2022 [.
وفي ظل هذا التجاهل العام، برزت شهادات عدد من شهود العيان، لتؤكد أن مواقف غالبية الزعامات التقليدية والعشائرية كانت سلبية تجاه الانتفاضة، حتى فجر يوم 13 على 14 آذار/مارس 1991، عندما أجبرهم ضغط الجماهير وتصاعد الغضب الشعبي على الالتحاق بها، خشيةً من انتقام جماهيري محتمل. وقد أكدت هذه الرواية شخصيات ميدانية بارزة شاركت في تلك الأحداث، من بينهم: إبراهيم علي حجي مل، دهوك، 4/1/2022؛ عبد الكريم صالح مشختي،دهوك، 13/3/2023؛ أحمد ملا قاسم ئيمينك، 6/1/2022؛ محيي الدين معروف الشيخ، دهوك، 4/1/2022 ؛ ونادر خمو درويش سيني، دهوك، 4/1/2022.
ويمثل هذا التوافق بين الشهادات دلالة قوية على أن التحول في مواقف بعض الرؤساء لم يكن نابعًا من قناعة سياسية أو تبنٍ صادق لمطالب الانتفاضة، بل كان نتيجة مباشرة للخوف من العقاب الجماهيري ومن بين المواقف، موقف إبراهيم علي حجي ملو حيث كان استثناءً، رد على الرسالة بموقف كردي حازم و صريح ]مقابلة هاتفیة: مصطفى باجلوري، ألمانيا:1/1/2022[.
في 8 أيلول 1990، ظهرت فرصة للتواصل بين السكان المحليين وقوات البيشمركه، مما عزز الروابط بين الطرفين. كريم باني يروي: "قبل اندلاع الانتفاضة بـ 40 يومًا، كنت مع شخص يدعى محمد كوچر من أهل دهوك. كان يملك سيارة عسكرية ويعمل مع فرق الحماية التابعة لغازي أتريشي، وكان أيضًا عضوًا في إحدى التنظيمات السرية (پ.د.ك). كان محمد كوچر على اتصال مع البيشمركه، فقال لي: "أخبروني بأن البيشمركه وصلوا إلى هذه المنطقة وأنشأوا معسكرات في قرية (چەمێ جى). هل ترغب في الذهاب لرؤيتهم والتحدث معهم؟' فذهبنا إلى (چەمێ جى)، وتمكنّا من عبور نقاط التفتيش بسهولة لأننا كنا نستقل سيارة عسكرية عراقية، مما سمح لنا بالمرور عبر الحواجز دون إثارة الشكوك حتى وصلنا إلى القرية ]عبد الكريم صالح مشختي، دهوك، 13/3/2023[.
وعند وصولهم إلى (چەمێ چی) ، قال كريم باني: "رأينا اكمال كركوكی مع مجموعة من البيشمركه، ودار بيننا حديث طويل. أخبرنا الدكتور كمال أن هناك رسائل مكتوبة بخط يد الرئيس مسعود بارزاني موجهة إلى رؤساء الأفواج الخفيفة ورؤساء المنطقة، مثل إبراهيم علي، لزگین همزاني، عبد الله بشار آغا، عصمت دينو، صادق عمر، وعمر آغا. كانت هناك ست رسائل، وقد سلّمها الدكتور كمال إلى محمد كوچر". كانت طريقة لف الرسائل تشبه "الحجاب"، وكانت أسماء رؤساء الأفواج الخفيفة مكتوبة على الرسائل. بعد ذلك، عندما اقتربنا من دهوك، تم تسليم تلك الرسائل لي. شعرت بواجبي، فأخذت تلك الرسائل ]عبد الكريم صالح مشختي، دهوك، 13/3/2023 [.
أحمد ملا قاسم يروي رواية مختلفة: "قبل بدء الانتفاضة بـ 10 أيام، زارني محمد كوچر وكريم باني في المساء. قال لي محمد كوچر: 'لقد عدنا من اجتماع مع بعض الأشخاص، ومعنا عدة رسائل مكتوبة بخط يد الرئيس مسعود بارزاني، موجهة إلى رؤساء الأفواج الخفيفة في المنطقة. نحتاج إلى إيصال رسالة إلى إبراهيم علي، وبما أنه قريبكم، يمكنكم الوصول إليه بسهولة. أما بقية الرسائل، فسأتولى أنا، محمد كوچر، نقلها إلى دهوك وزاخو.' كما أوضح أن عدد الرسائل كان12 ] أحمد ملا قاسم ئيمينكي، دهوك، 6/1/2022 [.
تُظهر الروايتان أن التباينات في التفاصيل، مثل عدد الرسائل أو هوية من قام بتسليمها، ناتجة عن تعقيدات الواقع السياسي والعسكري آنذاك، وضغوط النظام على الكورد، وليس عن خلل في السرد. فظروف العمل السري وتوزيع المهام لأسباب أمنية، إلى جانب وفاة محمد كوجر الذي كان صلة الوصل الأساسية مع كمال كركوكي، أسهمت في غياب رواية موحدة. كما أن تأثير الخوف والصدمة على الذاكرة البشرية يفسر هذه الاختلافات، التي تعكس واقع المرحلة وتوتراتها أكثر مما تنال من صدقية الأحداث.
في 11 آذار 1991، اتخذ إبراهيم علي قراره بالانضمام إلى الانتفاضة، وذلك عقب مشاركته في اجتماع عُقد في أربيل لمناقشة الأوضاع المتوترة. كان قائد الفيلق الخامس، اللواء علي شلال، قد دعا رؤساء "الأفواج الخفيفة" لحضور الاجتماع، محذرًا من إمكانية استخدام السلاح الكيميائي في حال اندلاع أي اضطرابات في اربيل. شارك في الاجتماع قرابة 300 شخص من المستشارين وزعماء العشائر في المناطق الكوردية، وكان من بينهم إبراهيم علي وعدد من الشخصيات المحلية البارزة. وبعد انتهاء الاجتماع، ومع تزايد مؤشرات التصعيد في الشارع، قرر إبراهيم علي، بالتنسيق مع قادة آخرين، الانضمام إلى الانتفاضة خلال رحلة العودة ]محيي الدين معروف محيي الدين الشيخ ، دهوك، 4/1/2022 [.
يقول قادر قاجاغ: "عندما وصلت الرسالة إلى بعض رؤساء العشائر، أبدى بعضهم استعدادًا لدعم الانتفاضة، والوقوف إلى جانب الشعب، والانضمام إليها احترامًا لمطالبها. إلا أن آخرين لم يُبدوا رضاهم. وعندما سألهم الباحث عن أسمائهم، امتنع عن ذكرها تفاديًا لإثارة مشكلات اجتماعية، نظرًا لأدوارهم الحالية". وفي شهادة موثّقة أخرى، يروي قاجاغ عن أحد الأغوات، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، قوله حين سُئل عن دعمه لفكرة دولة كردية: اجابة ب لا، لأن دولة كردية تعني نهاية نفوذ عائلتي. فأنا أفضّل بقاء الوضع الحالي الذي يخدم مصلحتي". ويُعلّق قاجاغ على هذا الموقف قائلًا إن مفاهيم الاستقلال والحرية، بالنسبة لبعض المتنفذين، لم تكن مرتبطة بتحقيق العدالة للشعب، بل كانت مرهونة بمصالحهم الشخصية وحماية ثرواتهم ونفوذهم [قادر عبد العزيز رشيد، دهوك، 23/3/2023].
وبالنظر إلى هذه الشهادات، تُظهر المقابلات التي أُجريت أن إبراهيم علي كان أول رؤساء من رؤساء الأفواج الخفيفة الذي اتخذ خطوة جريئة بالتواصل مع البيشمركه والانضمام إلى الانتفاضة. كان لقراره الشجاع دورٌ محوري، حيث أصبح ركيزة أساسية في اتخاذ القرارات، ومركز الثقل في التخطيط للانتفاضة. وقد برزت شخصيته القيادية وثقته بنفسه، بالإضافة إلى ثقة الناس به، كقوة لا يستهان بها، مما ساهم بشكل كبير في تغيير مسار الانتفاضة ودفعها نحو النجاح بكل قوة وحماس.
المبحث الثاالث : مواقف الأفواج الخفيفة وانقسامهم بين الولاء للنظام والانضمام إلى الثورة الكوردية.
خلال الفترة التي عقدت فيها الاجتماعات من قبل قيادة الجبهة ال كوردستانية في منطقة (قسمە رش) في ديسمبر 1990 كان معقدًا. هذه الأفواج كانت في الأساس مجموعات مسلحة تم تنظيمها من قبل النظام البعثي، ولكن العديد من أفرادها كانوا من عامة الشعب. في هذه الاجتماعات، تم التركيز على ضرورة تحديد موقف هذه القوات بشكل واضح، خاصة في ظل التوترات المتزايدة مع الانتفاضة الكوردية.
في البداية، بدأت الأغلبية من أفراد الأفواج العاديين بالتخلي عن ولائهم للنظام وتسليم أسلحتهم والانضمام إلى الثورة الكوردية. لكن المشكلة الأساسية كانت في قادة هذه الأفواج أو رؤسائهم، الذين ظلوا على ولائهم للنظام العراقي ورفضوا الانضمام إلى الحركة الثورية. هذا الانقسام بين الجنود العاديين والرؤساء خلق وضعًا صعبًا، حيث انضم الأفراد إلى الثورة، بينما ظل القادة متمسكين بمواقفهم الداعمة للنظام، مما أدى إلى انقسام كبير داخل الأفواج نفسها ]خالد محمد طاهر، دهوك، 2/1/2022 [ في محاولة لتجاوز هذا الانقسام، قامت قيادة الجبهة الكوردية بتشكيل لجان تفاوضية، حيث كانت هناك لجنة أولى شكلتها التنظيمات الداخلية، لا سيما من الحزبين الكورديين الرئيسيين (پ.د.ك) و(ي.ن.ك)، ولجنة ثانية شكلت في بيت إبراهيم علي وباستشارة مستشاريه. كان الهدف من هذه اللجان إقناع قادة الأفواج بالانضمام إلى الحراك الثوري والتخلي عن ولائهم للنظام] ئازاد مجيد سليمان، دهوك، 16/3/2023
الوفود التي ذهبت إلى بيت رؤساء الأفواج الخفيفة كانت تتكون من مجموعتين:
الوفد الأول: مساعي الحزبين الكورديين (پ.د.ك) و(ي.ن.ك) لتأمين دعم رؤساء الأفواج الخفيفة للانتفاضة
خلال الانتفاضة الكوردية، كان للحزب الديمقراطي ال كوردستاني (پ.د.ك.) دور رئيسي في المنطقة بحكم تواجده ونفوذه القوي، بينما كان دور الاتحاد الوطني ال كوردستاني (ي.ن.ك.) أقل وضوحاً، ولم تكن هناك أحزاب أخرى بارزة في تلك الفترة. في إطار محاولاتها لتأمين دعم محلي، قامت قيادة (پ.د.ك) بإرسال وفود إلى منازل رؤساء الأفواج الخفيفة بهدف معرفة مواقفهم بشأن دعم أو معارضة الانتفاضة. من بين هؤلاء الوفود، تم إرسال سالم حجي عمر أحمد ديرالوشي ورجب إبراهيم علي باخورنيف للتواصل مع قادة ، أبدى بعض هؤلاء القادة استعدادهم للتعاون مع الانتفاضة، بينما رفض آخرون المشاركة واستمروا في دعمهم للنظام ] سالم حجي عمر أحمد ديرالوشي، دهوك، 11/11/2023 [.
أشار آزاد بوتى:" إلى أنه كُلف بزيارة منزل أحد قادة الافواج الخفيفة، حيث لاحظ أن أفراد عائلته كانوا في حالة توتر وخوف واضحين نتيجة موقفهم تجاه الانتفاضة الكوردية. في ذلك الوقت، كانت قيادة (پ.د.ك) قد أصدرت تعليمات صارمة بإرسال وفود للتواصل مع جميع القادة والى رؤساء لمعرفة موقفهم النهائي من دعم الانتفاضة أو معارضتها. أثناء زيارته، أخبر آزاد رئيس العشيرة بأنه تم اختياره لزيارة منزله بناءً على قرار القيادة ، وأوضح له أن القيادة وضعت ثلاثة خيارات أمامه: إما الانضمام إلى الانتفاضة بكل قوته العسكرية، أو الحفاظ على موقف الحياد، أو الخيار الأخير الذي لا يرغب فيه أحد وهو الدخول في مواجهة عسكرية. بعد هذا الحوار، أعلن رئيس العشيرة دعمه الكامل للانتفاضة، مؤكدًا استعداده للوقوف إلى جانب الثورة بكل ما يملك" ] ئازاد مجيد سليمان، دهوك، 16/3/2023 [.
في 12 اذار 1991، قام حسن نعمت كرمافي، كممثل عن (ي.ن.ك)، بزيارة إبراهيم علي، أحد قادة الافواج الخفيفة، حاملاً رسالة من جلال طالباني. كانت هذه الزيارة جزءًا من جهود (ي.ن.ك) للتواصل مع القادة الميدانيين وإقناعهم بالتخلي عن ولائهم للنظام العراقي والانضمام إلى الانتفاضة الكوردية. كانت الرسالة تهدف إلى حث إبراهيم علي وقادته على دعم الحركة الثورية بدلاً من الوقوف في صف النظام، وذلك في إطار المساعي الأوسع التي كانت تقوم بها القيادة الكوردية لتعزيز صفوف الانتفاضة وضمان انضمام المزيد من القوى إليها ] ئازاد مجيد سليمان، دهوك، 16/3/2023
الوفد الثاني: لجنة إبراهيم علي وخطة حاسمة بالتشاور مع المستشارين لاستقطاب وإقناع قادة الأفواج الخفيفة
عندما اكتظ منزل إبراهيم علي بالثوار من مختلف العشائر، بدأ الجميع يتساءل: "هل ننتفض أم لا؟". إلا أن إبراهيم علي لم يكن واثقًا من موقف رؤساء الأفواج الخفيفة الذين كانوا يسكنون في الجانب الآخر من المدينة. لذلك، طلب مشورة مستشاريه حول الخطوة التالية. كانت إجابة المستشارين في ذلك الوقت واضحة: "لنشكل لجنة تقوم بزيارة رؤساء الأفواج لمعرفة موقفهم، ومن منهم مع الانتفاضة ومن ضدها" ] نادر خمو درويش سيني، دهوك، 4/1/2022[.
حسب ما ذكره سعيد محمد شهى، فإن إبراهيم علي كان حذرًا في اتخاذ القرار، حيث أوضح أنه يعتقد أن القادة من دهوك ليسوا ملتزمين تمامًا بالولاء للنظام، بل يمكن أن تتغير مواقفهم. وذكر أن الرسالة التي تم توجيهها إلى جميع القادة كانت تهدف إلى جمعهم في جبهة موحدة ودفعهم لاتخاذ موقف واضح إما بدعم الانتفاضة أو الوقوف ضدها. كان إبراهيم علي يخشى أن يؤدي عدم الاتفاق بين القادة إلى نزاعات داخلية قد تضعف الحركة الكوردية، لذلك رأى أن الحل يكمن في التنسيق والعمل المشترك] محمد سعيد شهى، دهوك، 4/1/2022 [ في هذه الأثناء، تم تشكيل وفد من ثلاثة أشخاص للتواصل مع القادة الميدانيين لإقناعهم بدعم الانتفاضة الكوردية. الوفد ضم: 1- محمد شيخ أحمد أبو شيخ سعيد محمد طليي روماني، 2- محمد سياري، 3- طارق بالتيي، الذي استخدم سيارته بسبب مكانته كضابط نقيب ورفيق حزبي، مما جعل من الصعب إيقافه أو استفسار الآخرين عنه على الطرقات. كانت مهمة هذا الوفد التفاوض مع القادة وحثهم على الانضمام إلى الحراك الثوري. رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الوفد، لم تكن المهمة سهلة. بعض القادة، مثل (رشيد آغا)، أبدوا دعماً وتشجيعاً للانتفاضة، مما أعطى بعض الأمل للثوار. ومع ذلك، كان هناك قادة آخرون أكثر تحفظاً أو حتى معادين للفكرة، حيث رفضوا الانضمام بشكل قاطع. وعندما عاد الوفد إلى بيت إبراهيم علي، أوضحوا أن بعض القادة لم يكتفوا برفضهم الانضمام إلى الانتفاضة، بل قاموا بتهديد الوفد بشكل مباشر. بعضهم أعلن بشكل واضح أنهم على استعداد للقتال إذا حاول الثوار الاقتراب منهم، مؤكدين بقولهم: "لا تقتربوا منا، وإلا سنرد عليكم بقوة ]إبراهيم علي حجي ملو، دهوك، 4/1/2022 [.
من هذا المنطلق، نستطيع القول إن مشاركة قادة "الأفواج الخفيفة" في الانتفاضة الكوردية كانت محدودة وغير مؤثرة بشكل كبير لعدة أسباب. أولاً، خشي هؤلاء القادة من قوة النظام العراقي بقيادة صدام حسين وإمكانية فرض عقوبات قاسية إذا فشلت الانتفاضة. كذلك، التاريخ الطويل لتعاونهم مع النظام، خاصة خلال حملة الأنفال، جعل من الصعب عليهم التخلي عن هذا التحالف بسهولة. فضل القادة الحذر في اتخاذ قراراتهم، مما أدى إلى ترددهم في الانضمام للانتفاضة بشكل فعال، وبالتالي ضعف تأثيرهم في تلك المرحلة الحرجة. ودليل على ذلك، عندما فقدوا الأمل من الجيش العراقي ورأوا أن الانتفاضة نجحت مع بزوغ الفجر، أمروا بفتح مخازن الأسلحة للثوار.
حسب ما أفاد به خالد باني: "كان هناك جانب إيجابي في تردد رؤساء الأفواج. فلو حدثت مقاومة فعلية من القوات العسكرية أو أجهزة الأمن والاستخبارات، وكان تحالف الأفواج مع النظام واضحًا، لكانت دهوك قد غرقت في بحر من الدماء. إلا أن هذا التردد والغموض في الموقف أسهما في تجنب القتال والحفاظ على حياد كامل، مما ساعد في حماية المدنيين من المواجهات الدامية ]مقابلة مع: خالد محمد طاهر، دهوك، 2/1/2022[.
المبحث الرابع: دور ابراهيم على(2) في قيادة الانتفاضة دهوك: كسب ثقة الجماهير، تحديد تاريخ الانتفاضة، والتخطيط و ساعة الصفر
في يومي 12 و13 اذار 1991، انطلقت الانتفاضة في مناطق بهدينان، بما في ذلك عقرة، بردرش، شيخان، زاخو، العمادية، وسيميل، فيما بقيت دهوك هادئة في تلك الفترة. ومع اقتراب موعد الانتفاضة في دهوك ] حميدى صالح عهبو، 2021: (2917) 7 [، تم عقد اجتماعات مكثفة بين قادة البيشمركه، القادة الميدانيين، ومنظمي الحزبين الرئيسيين (پ.د.ك) و (ي.ن.ك) بهدف وضع خطط استراتيجية دقيقة لضمان نجاح الانتفاضة، وتواجدت جميع العناصر الأساسية التي تساهم في نجاحها الانتفاضة، بما في ذلك: 1-دعم شعبي واسع.2- ظروف مواتية للتحرك.3- التخطيط اللوجستي المدروس والإدارة الفعالة.4- قيادة قوية وتنظيم محكم.5- تأمين شبكة إعلامية وآليات اتصال فعالة لقيادة الجماهير وتوجيههم. كانت هذه العناصر مجتمعة بمثابة الأسس التي اعتمدت عليها الانتفاضة لضمان نجاحها في تحقيق أهدافها ] محمد سعيد شهى، دهوك، 4/1/2022 [.
حسب شهادة نجم الدين حسين صادق، جرى التحضير لانتفاضة دهوك في يوم 11 آذار 1991، غير أن الأمور لم تسر كما كان مخططًا. سعت تنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني (پ.د.ك) إلى إشعال الانتفاضة عبر تنفيذ هجمات على مواقع أمنية رئيسية، من بينها مقرات "أمين سر" للاستخبارات وفرقة بروشكى، بهدف تحرير المدينة بسرعة ودون مواجهات كبيرة. ورغم التخطيط والتنسيق مع نجم الدين زيوكي وصالح محمد إسماعيل، والتوصل إلى اتفاق مع أحد حراس مقر "أمين سر"، فإن العملية لم تُحقق الهدف المنشود، بسبب افتقارها لثقة الجماهير. فقد كان القادة الميدانيون المشاركون في العملية يفتقرون إلى الحضور الاجتماعي والشرعية الشعبية الكافية في المنطقة، ما حال دون تفاعل الشارع الكوردي معها كما كان متوقعًا [نجم الدين حسين صادق، دهوك، 3/3/2023].
ذكر محمد علي قهرو أنه عندما انتشرت الأخبار بأن إبراهيم علي حجي ملو سيقود الانتفاضة ويدعمها، تدفّق الناس إليه بدافع قوي للانضمام. ففي تلك اللحظات، كان الجميع يبحثون عن قائد قوي وموثوق يمكنهم الاعتماد عليه. ومع بروز إبراهيم علي كرمز للانتفاضة، توافدت جموع غفيرة من مختلف العشائر إلى منزله طوال ساعات الليل. امتلأ المنزل بالحشود القادمة من مختلف الانتماءات العشائرية دون استثناء . وقد عكست هذه الاستجابة الشعبية العارمة تحوّلًا في الوعي الجمعي، لا سيما بعد مأساة الأنفال، حيث تولّد شعور قومي كوردي جارف فاق الانتماءات العشائرية التقليدية. في تلك اللحظة المفصلية، شكّل الانتماء القومي المشترك قوة توحيدية، والتفّت الجماهير حول إبراهيم علي بوصفه قائدًا موثوقًا يمكن الاعتماد عليه لتحقيق تطلعاتهم في التحرر والعدالة[ محمد علي قهرو، دهوك، 15/3/2023 [.
تجلت بوضوح صفات القيادة وثقة الناس في إبراهيم علي خلال هذا الوقت الحاسم، حيث أصبح القائد الذي تنظر إليه الجماهير لتوجيههم نحو الانتفاضة. كان حضوره في مركز الأحداث محوريًا، واستطاع أن يجمع حوله مختلف فئات الشعب، مسلحين وغير مسلحين، وكان الجميع على يقين بأنه الشخص الذي سيقودهم نحو تحقيق هدفهم. بات إبراهيم علي الرمز الذي وضع الجميع ثقتهم فيه، وظهر دوره القيادي بشكل أكبر مع كل خطوة نحو التحضير للانتفاضة.
الجماهير التي احتشدت في منزله كانت متنوعة، بعضهم كان مسلحًا، بينما لم يكن لدى الآخرين أي سلاح. كان واضحًا للجميع أن إبراهيم علي هو القائد الذي سيقود الانتفاضة، وكان له دور كبير في تعبئة الجماهير وتحفيزهم. وفقًا لشهادات متعددة، كان تجمع الناس حول منزله يعكس الأمل الكبير في نجاح الانتفاضة، حيث كان الجميع ينتظرون الإشارة للتحرك من القائد الذي وثقوا به بشكل كامل ] عبد الكريم صالح مشختي، دهوك، 13/3/2023 [.
توجهت أنظار القوات العراقية، بقيادة اللواء المسؤول عن منطقة دهوك، نحو منزل إبراهيم علي حجي ملو بهدف قمع الانتفاضة. وفقًا لما ذكره نادر خمو درويش سيني، كانت الحكومة العراقية تدرك الدور الكبير الذي يلعبه إبراهيم علي في قيادة الانتفاضة، مما دفعهم لاستهداف منزله بقصف مباشر، اللواء المتمركز في منطقة "سوبيرماركية" أطلق عدة قذائف باتجاه المنزل [درويش عبد الله ملو، دهوك، 9/1/2022 [. أوضح نادر أن القذيفة الأولى سقطت بالقرب من منزل إبراهيم علي، بينما استهدفت الثانية قريبًا من مقر "دائرة الأوقاف" حالیا، وأصابت القذيفة الثالثة والرابعة منطقة نائية تُعرف الآن بـ"ساحة آزادي"هذا القصف يعكس قلق النظام العراقي من تصاعد الانتفاضة ودور إبراهيم علي كرمز للثوار. كانت هذه الهجمات تهدف إلى قمع الانتفاضة في مهدها، حيث أدركت الحكومة أن منزله يشكل نقطة محورية لدعم الثورة وتحفيز الثوار في المنطقة] نادر خمو درويش سيني، دهوك، 4/1/2022 [.
في ليلة 13 إلى 14 اذار 1991، برز إبراهيم علي كقائد للانتفاضة في دهوك، حيث كان له دور كبير في تحفيز سكان المدينة على الانضمام إلى الحراك الثوري. وهذا ما اكده كامل ياسين زيوكي ذكر: "أثناء التحضيرات للانتفاضة، وصلني خطاب من إبراهيم علي، حيث تم التوضيح فيه طلب واضح من إبراهيم علي بضرورة مشاركة الشعب في الانتفاضة. كان الهدف من الرسالة دعوة الجميع للانضمام والمشاركة الفعالة. في نهاية الرسالة، تم التوقيع بـ 'قائد الانتفاضة" ] كامل ياسين زيوي، دهوك، 14/3/2023 [. نادر خمو درويش سيني، أحد المشاركين في الانتفاضة، أشار إلى أن إبراهيم علي قاد الجماهير بشجاعة وثبات نحو الانتفاضة. وأضاف قائلاً إنه في عام 1992، نقلاً عن خيري بك، عندما ذهب إبراهيم علي وخسرو باقسري إلى سوريا، استُقبلا من قبل المسؤولين السوريين بعبارة: "يا هلاً وسهلاً بقائد الثورة في دهوك ونينوى". هذا الاستقبال يعكس بوضوح مكانة إبراهيم علي كقائد مؤثر في الانتفاضة، ويبرز دوره الكبير في تلك الأحداث المصيرية] نادر خمو درويش سيني، دهوك، 4/1/2022 [.
بسبب الظروف العسكرية المتغيرة والأحداث المتسارعة في المنطقة، اضطر إبراهيم إلى اتخاذ قرار استراتيجي بتغيير موعد الانتفاضة لتجنب وقوعها في الفخ الذي كان النظام البعثي يخطط له. فوفقًا للتقارير، كانت السلطات تخطط للقبض على شباب دهوك واستخدامهم كدروع بشرية، وهو نفس السيناريو الذي نفذوه سابقًا في كركوك]عبد الرزاق مرزنگ، 2004: 361[. ومع وجود عدم ثقة برؤساء الأفواج في دهوك، ازداد التحدي أمام إبراهيم وفريقه. وفي ليلة 12-13 آذار 1991، حدثت مواجهة غير متوقعة عندما جاء نقيب في الجيش العراقي، صديق لإبراهيم علي، لزيارته. وبعد محادثة قصيرة، ومع إصرار إبراهيم على معرفة سبب الزيارة، اضطر النقيب في النهاية للاعتراف بأنه كان مرسلاً للقبض عليه، ناصحًا إياه بعدم المجيء، إذ كان النظام على دراية بما يجري] شيخ محيي الدين معروف محيي الدين، دهوك، 4/1/2022 [.
ذكر عارف رشدي:" أن الانتفاضة كان من المقرر أن تبدأ في 14-15 أذار 1991، لكن إبراهيم علي حجي ملو قرر تقديم الموعد إلى ليلة 13/14 أذار، مرسلًا رسالة بهذا الخصوص عبر عابد مزوري. في تلك اللحظة، كان هناك نقص في التوجيهات الواضحة من القيادة المركزية، كما كان التنسيق بين (پ.د.ك) والاتحاد الوطني ال كوردستاني (ي.ن.ك) ضعيفًا، مما صعّب التنظيم العسكري للثورة. وأوضح إبراهيم علي أن الحكومة كانت في حالة ضعف، وأنه كان من الضروري البدء في ذلك الوقت لتجنب كارثة في الصباح، لكنه أبدى قلقه من عدم ثقته الكاملة في رؤساء الأفواج الخفيفة ]عارف رشدي، دهوك، 8/1/2022[.
ذكر نجيب شيخ حسني أنه اجتمع مع البيشمركه القدامى في منزل حسن سليمان خوركي قرب محطة بانزين خبات ومدرسة ممي آلان، في10 أذار 1991 حيث ضم الاجتماع شخصيات بارزة مثل شيخ علي طليي روماني، وحيد خوركي، محمد سعيد شهى، رمضان طردي وآخرين من تنظيمات (پ.د.ك). وأوضح أن الجميع كانوا يثقون ببعضهم تمامًا، وتركز الاجتماع على التحضير الكامل للانتفاضة، بما في ذلك وضع الخطط وتنظيم التحركات وتوفير الأسلحة اللازمة. كانوا على أتم الاستعداد للتحرك والانضمام إلى الانتفاضة فور سماع الطلقة الأولى التي كانت الإشارة لبدء الحراك. ] نجيب محمد يونس، دهوك، 25/11/2023 [.
في 12 آذار 1991، عُقد اجتماع مهم في منطقة زوزان (قرجا) في منزل بابير تلوي(3)، حيث تم التحضير للانتفاضة بمشاركة قادة وشخصيات بارزة، وفقاً لما ذكره نزير علي عبدالله سركلي. الهدف الرئيسي للاجتماع كان وضع خطة محكمة للانتفاضة والسيطرة على مواقع استراتيجية هامة. من بين الحاضرين شخصيات مثل شيخ علي طليي روماني، وحيد خوركي، ونجيب شيخ حسني، إلى جانب قادة محليين آخرين. وأوضح نزير سركلي: "في ذلك الاجتماع لم يتم تحديد موعد نهائي للانتفاضة، بسبب ورود أخبار تفيد بأن هناك خطة تُعد في بيت إبراهيم علي". بناءً على هذه المعلومات، تم إرسال نجيب شيخ حسني، وحيد خوركي، وشيخ عليو إلى بيت إبراهيم علي للتحقق من الوضع والتأكد من الأخبار، إضافة إلى التنسيق بين الجهود. الهدف من هذه الخطوة كان التأكد من تفاصيل الخطة الجارية وضمان أن الجميع يعمل وفق استراتيجية موحدة، بما يساهم في تحديد موعد وخطة واضحة لنجاح الانتفاضة ]ئازاد مجيد سليمان، دهوك، 16/3/2023 [.
وتم الاتفاق في النهاية على بدء التحرك للانتفاضة من منزل إبراهيم علي. وكلف شيخ محى الدين بتقسيم القوى وتوزيع المهام بين الحاضرين، مع تكليف أفراد محددين بمسؤوليات قيادية وميدانية لضمان نجاح الانتفاضة وتحقيق أهدافها.1- إبراهيم تلويي (إبراهيم محمدي فاتي) ومحمد علي ديركي كُلّفا بالسيطرة على (قلعة نزاركي) ومقر بوليسان في بةروشكى.2- ملا قاسم إيمينكي وعمر إيمينكي تم تكليفهما بمهمة الهجوم على الفرقة المتمركزة في بةروشكى في منطقة كاني مةهمةتكى.3- حسن جافين زاويتي، برفقة الدكتور سعيد بريفكاني، كُلّفا بالتواصل مع أهالي منطقة مالتايى لتأمين الأوضاع هناك. 4- حاجي كريت وأمين عبدالواحد ملو أُوكلت إليهما مسؤولية التحركات في منطقة شندوخا، إضافة إلى منطقة حي عسكري القريبة من مدرسة سفين. 5- سعدي زاويتيي، برفقة محمد شيخ أحمد، جمال هسنكي، وعابد إيتيوتي، تم تكليفهم بمهمة تأمين المواقع الحساسة في سوق دهوك. 6-لقمان عبدالكريم ومحمد كريم ومامون إبراهيم رشيد محمد شيخ أحمد وصالح باني، فقد تولوا مسؤولية تأمين المستشفى (مستشفى صدام) حاليا (نهخۆشخانا ئازادی) لضمان تقديم الرعاية اللازمة للمصابين خلال الانتفاضة.7-تم تكليف مجموعة من الكوادر والبيشمركه بقيادة شيخ علي بشن هجوم على مركز محافظة دهوك بهدف السيطرة على المواقع الحيوية في المدينة. قُسمت القوة إلى ثلاثة فرق رئيسية لتغطية مناطق مختلفة. الفريق الأول، الذي ضم شيخ علي، حميد بيرموس، محمد زاويتيي، جمال إيمينكي، خليل كوجر، و22 فردًا آخرين، كانت مهمتهم الرئيسية هي السيطرة على الأسواق الحيوية في دهوك، بما في ذلك سوق اللحم، مطعم باجلور، ومطعم دنيا، إضافة إلى تأمين السوق الرئيسي في المدينة 8- تم تكليف مجموعة من الشخصيات البارزة للمشاركة في العمليات في دهوك، ومن بين هؤلاء: محمد سعيد شهى، نجم شيخ حسني، أحمد شهى، محمد قةرو، رمضان حامد، خليل ثيرموس، حسن سليمان، ورمضان حامد طوفكي. كانت مهمتهم الرئيسية تنفيذ هجوم على الأسواق الحيوية في المدينة، تحديدًا في منطقة معروفة بالقرب من سوق دهوك القديمة ( سعيدي شربتجي) كان الهدف الرئيسي من هذه العملية السيطرة على مقر بوليسا في مركز دهوك. في اللحظة التي تم تحديدها كـ "ساعة الصفر"، قادوا الهجوم بتنسيق وتنظيم عاليين لضمان نجاح الخطة. وفقًا للتعليمات، تولى محمد سعيد شهى توجيه النداءات باللغة العربية ] محمد سعيد شهى، دهوك، 4/1/2022 [.
في صباح يوم 14 آذار 1991، هرب كل من محافظ دهوك ومدير الأمن إلى منطقة ليواء دهوك التي تعرف حاليًا باسم (ماركيت مازي). ومن هناك، تم نقلهم بواسطة مروحية عسكرية. أما الذين قاتلوا ضد الثوار، فقد قُتل بعضهم، بينما سلم آخرون أنفسهم إلى بعض رؤساء الأفواج مثل (دخيل). وتم تحرير دهوك بدماء الشهداء الذين ضحوا في سبيل الحرية ]غازي فهمي توفيق، دهوك، 11/11/2023[.
بعد تحرير دهوك، حضر كل من كمال كركوكي (پ.د.ك.) وغني كورماركي (ي.ن.ك.) إلى منزل إبراهيم علي، حيث تم إرسال أول برقية تهنئة بمناسبة تحرير دهوك عبر حسني بابيري من هناك. لاحقاً، تسلم إبراهيم علي برقية شكر تقديراً لجهوده من رئيس الجبهة ال كوردستانية، مسعود بارزاني، تكريماً لدوره البارز في هذا الحدث التاريخي ] نادر خمو درويش سيني، دهوك، 4/1/2022 [.
أن الشخص الذي حطم جدار الخوف والرعب في انتفاضة بادينان في دهوك هو إبراهيم علي، القائد الذي خطط للانتفاضة وأشعل شرارتها. الدليل على ذلك واضح من شهادات شخصيات بارزة مثل نجم الدين زيوكي، نجيب شيخ هسني، سالم ديرالوشي، إبراهيم عارف، كامل ياسين زيوكي، وزوجة الشهيد بيار عبد الله قاسم وآزاد بوتي، بالإضافة إلى العديد ممن التقينا بهم، الذين أكدوا جميعًا أن تنظيم (پ.د.ك.) عندما هاجم قبل يومين من الانتفاضة على بناية (أمين الأسر) حاليًا الفرع الأول لـ(پ.د.ك.)، و(فرقة بروشكي) حاليًا اللجنة المحلية لـ(پ.د.ك.)، كانت نيتهم إطلاق الطلقة الأولى كإشارة لبدء الانتفاضة، متوقعين أن الجماهير ستنضم إليهم. لكن الجماهير لم تستجب في تلك اللحظة بسبب فقدان الثقة بالقيادة في حينها، وغياب شخصية قوية وذات تأثير يجمعها. ولكن عندما انتشر خبر أن إبراهيم علي سيقود الانتفاضة، تغيرت المعادلة تمامًا. لقد كانت مشاركة إبراهيم علي هي القوة الدافعة التي أعادت الأمل والثقة للشعب، فتوافدت الوفود من مختلف العشائر لدعمه. وعند سؤال من التقينا بهم عن موعد الانتفاضة، كان الجميع يؤكد أن الطلقة الأولى هي الإشارة التي ينتظرونها لبدء الهجوم، ولكن السؤال الأساسي كان: من سيعطي الأمر بإطلاق تلك الطلقة الحاسمة؟ من خلال إجاباتهم، تبين لنا أن الجميع كانوا ينتظرون قرار إبراهيم علي. فقد كان هو من أمر بإطلاق الطلقة، ولولاها لما اندلعت الانتفاضة في ذلك اليوم المصيري، ما يؤكد بشكل قاطع أن إبراهيم علي كان القائد الفعلي للانتفاضة. ورغم تردد بعض رؤساء العشائر في دعم الانتفاضة، توحدت جماهير دهوك من مختلف العشائر تحت راية إبراهيم علي، متعطشة للحرية والانعتاق من الظلم. لقد طغى الشعور الوطني والقومي على النزعات القبلية التي نراها اليوم متشددة، وهذا ما وحد الشعب تحت قيادة إبراهيم علي، ليصبح رمزًا ملهمًا لانتفاضة شعبية عظيمة.
نتائج البحث
أولًا: لعبت بعض العشائر الكوردية دورًا بارزًا في إضعاف الوحدة القومية الكوردية وتفكيك الهوية الجماعية، خصوصًا في التاريخ الحديث والمعاصر. وقد استغل النظام البعثي هذا الانقسام من خلال تبنّي سياسة "فرّق تسد"، باستمالة زعماء محليين ومنحهم امتيازات مقابل الولاء. وتمثّلت أبرز أدوات هذه السياسة في تأسيس "الأفواج الخفيفة"، المكلّفة بمهام أمنية وعسكرية داخل المناطق الكوردية، ما مكّن النظام من التسلط على الإقليم عبر أيدٍ كوردية. هذا الواقع المعقّد عزّز الانقسام الداخلي وصعّب توحيد القوى الكوردية تحت مشروع قومي جامع.
ثانيًا: واجهت الثورات الكوردية مصاعب جمّة نتيجة الانقسامات الداخلية بين القادة، والصراعات العشائرية التي غذّاها بعض المتنفذين بدافع الجشع والمصلحة الشخصية. فقد سعى بعض الزعماء لتعزيز ولاء أبناء جلدتهم بتفخيخ تلك الخلافات، مما قوّى سلطة العشيرة على حساب الوحدة الوطنية. وقد استُغلت هذه الانقسامات ببراعة، خاصة من قبل الأنظمة المعادية، لتقويض محاولات الثورة، وهو ما أدى إلى تقصير عمرها وتشتت زخمها في مناطق متعددة.
ثالثًا: وجد المستشارون وزعماء العشائر في عام 1991 أنفسهم في موقف بالغ الحرج، حيث واجهوا معضلة الولاء: الانحياز للنظام العراقي كان يعني خسارة الامتيازات والنفوذ، بينما التخلّف عن الانتفاضة كان يعرضهم لانتقام شعبي، لا سيما بعد ذاكرة حملة الأنفال. ورغم التردد الظاهر، فرض الزخم الشعبي للانتفاضة واقعًا جديدًا، وأدرك هؤلاء القادة مع ساعات الفجر الأولى أن انتصار الانتفاضة بات واقعًا لا ينبأ عنه نصرًا فقط، بل فرصة تغيير. وساهم العفو العام الذي أقرّته الجبهة الكوردستانية في حماية حياتهم من الانتقام، بعد أن اعتبره الشارع خطوة نحو المصالحة وتثبيت الاستقرار.
رابعًا: أظهرت نتائج البحث، استنادًا إلى شهادات ومقابلات ميدانية، أن أيًّا من المستشارين أو رؤساء العشائر لم يُعلن دعمًا علنيًا للانتفاضة في ليلة 13–14 آذار 1991. لكن القوات التي انضمت مبكّرًا أجبرتهم على التراجع عن مواقفهم، حيث رفضت تلك القوات الانصياع لأوامر رؤسائهم، مما أفقد الزعامات التقليدية سلطتها وأجبرها على اللحاق بالموجة الثورية المتصاعدة.
المصادر
كتب كوردية
ئیسماعیل بیشیكجى، (2018)، كوردستان كۆلۆنییا نیڤدهولهتى، وه: وهلات توفیق، دهوك.
مارتن فان بروینسن، (2008)، الاغا والشیخ والدوله -البنى الاجتماعیه و السیاسیه ل كوردستان، ت: امجد حسین، ط1، بیروت، ج2.
حهمهى حهمه سهعید، (2016)، دهنگى خاك بیرهوهرى 1976-1991، چ2، سلیمانى.
هونهر عبوش، (2021)، جهنگاوهر و شههیدێن مالباتا عهبوشى، زاخو.
الكتب العربية
وفيق السامرائي، (1997)، حطام البوابة الشرقية وحقائق عن الزمن السيئ في العراق "قراءة جديدة في حربي الخليج الاولى والثانية"، كويت.
كتب أنكليزية
Nicola Degli Esposti, (2020), Whose Kurdistan? Class Politics and Kurdish Nationalism in Middle East,1918-2018,London,13 September 2020.
جرائد
حمیدى صالح عهبو، (2021)، بهرى 30 سالان، رۆژناما ئهڤرو، ژماره (2917)، 7/3/2021، ل7، دهوك.
بحوث
هلكفت عبدالواحد صالح، (2022)، پێشهاتێن سیاسى ل كوردستانا عیراقێ (5ێ ئادارا 199101ێ گولانا1991)، ڤهكولینهكا دیروكى سیاسى ، رساله ماجستیر (غیر منشوره)، مقدمه إلى قسم العلوم السیاسیه، جامعه دهوك.
المقابلات
إبراهيم علي حجي ملو، دهوك، 4/1/2022. يُعرف باسم إبراهيم علي، وُلد عام 1949، وهو رؤساء عشيرة مزيرية. خلال الثمانينيات، قاد أكبر فوج من الأفواج الخفيفة بفضل شجاعته وكرمه، مما أكسبه سمعة طيبة وقوة كبيرة. لعب دورًا رئيسيًا في قيادة انتفاضة محافظة دهوك. حاليًا، يقيم في دهوك ويواصل نشاطه الاجتماعي؛ مقابلة مع أحمد ملا قاسم إيمينكي، دهوك، 6/1/2022؛ عبد الكريم صالح مشختي، دهوك، 13/3/2023.
احسان ئاميدي، دهوك، 9/12/2022. وُلد إحسان آميدي عام 1959 في منطقة العمادية. أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في العمادية، ثم التحق لفترة قصيرة بمدرسة إعداد المعلمين في دهوك، وبعدها درس التكنولوجيا في بغداد. في عام 1982، انضم إلى صفوف البيشمركه في إطار حركة التحرر الكوردية. في عام 1986أصبح عضوًا في اللجنة المسؤولة عن إدارة شؤون دهوك ونينوى، ضمن اتحاد طلبة وشباب كوردستان الديمقراطي. في عام 1992، وفي الدورة الثانية لبرلمان كوردستان (2005-2006)، تم انتخابه عضوًا في البرلمان. حاليًا، يشغل منصب مدير مؤسسة خان.
أحمد ملا قاسم إيمينكي، دهوك، 6/1/2022. في عام 1977، انضم إلى تنظيم سري داخل مدرسة برايةتي، ثم توسعت تلك الخلية السرية لتصبح منظمة يرأسها سربست بابيري عام 1977، والتي كانت تُعرف باسم (شفق). بعد كشف التنظيم، انضم إلى صفوف الثورة وأصبح بيشمركة. في عام 1986، أصبح عضوًا في اللجنة التنفيذية للطلبة والشباب. خلال حملة الأنفال، تم اعتقاله في منطقة شيخان وتم نفيه إلى بحركى حتى اندلاع الانتفاضة في عام 1991. حاليًا، يعمل كقائد فوج كاروج في الوحدة 51.
اسلام سليمان محمود، دهوك، 10/11/2023، وُلد في عام 1956 في دهوك بمنطقة "تاخي شيلي. "انضم إلى صفوف البيشمركه في عام 1974، حيث عمل مع مهندس قوات دهوك و عمادیە تحت قيادة عبد الله جنيد ريكاني. خلال إحدى المعارك في منطقة مريبا التابعة لـ شيخان، أصيب بجروح، لكنه واصل نشاطه الثوري. شارك بفعالية خلال الانتفاضة كأحد مقاتلي البيشمركه، وكان له دور بارز في قيادة العمليات. بعد سنوات من النضال، تقاعد برتبة عقيد، ويعيش الآن في دهوك.
ئازاد مجيد سليمان، دهوك، 16/3/2023. يُعرف أيضًا باسم (ئازاد بوتى)، وُلد عام 1962 في قرية بوتاي، التابعة لناحية زاويته في منطقة دوسكي. في عام 1980، في 30 أغسطس 1982، تعرّض لكمين على يد قوات معادية في منطقة باكيرا، حيث وقع في أسرهم مع زميله خليل ملحم بيرومارى. في 19 يونيو 1983، مثل أمام محكمة الثورة بقيادة عواد البندر، وتم الحكم عليه بالسجن إلى جانب زملائه. في عام 1988، أُطلق سراحه، ولكن خلال فترة سجنه، قطع على نفسه عهدًا جديدًا بالنضال بعد إطلاق سراحه، وما زال مستمرًا في كفاحه، حيث يقيم حاليًا في دهوك.
بابكر زيباري، دهوك، 10/12/2021. وُلد عام 1947 في منطقة (بيرا كةثرا) ، وأكمل تعليمه الابتدائي هناك. أنهى المرحلتين المتوسطة والإعدادية، وتخرج من كلية عسكرية في بغداد عام 1973. انضم إلى الحزب الديمقراطي (پ. د. ك) في نفس العام، وشارك في الانتفاضة الكوردية، حيث تولى قيادة العمليات العسكرية في مناطق عقرة، شيخان، وبردرش. كما تولى عدة مناصب عسكرية بارزة، منها قيادة القوات في دهوك والإشراف على الأمور الأمنية. استمر في عمله حتى عام 2014.
خالد محمد طاهر، دهوك، 2/1/2022. يُعرف باسم خالد باني، وُلد في قرية باني التابعة لمنطقة مزيرية عام 1951. في عام 1963، انضم إلى صفوف الحزب الديمقراطي ال كوردستاني (ب. د. ك.) في سن مبكرة، لكنه انسحب لفترة قصيرة حتى عام 1964، ثم عاد مجددًا إلى الحركة الثورية. خلال شبابه، شارك في نشاطات ثورية إلى جانب شخصيات بارزة مثل تحسين كمال، وساهم في تنظيم العمل ضمن الحزب. خالد باني كان له دور كبير في تنظيمات (پ.د.ك.) في منطقة مزيرية، وكان له تأثير مهم في دعم أهالي دهوك. في عام 2006، تمت ترقيته إلى رتبة عقيد وتولى قيادة وحدات قتالية، ثم شغل منصب قائد لواء خانةنشين. حاليًا، يعيش في دهوك ويواصل نشاطه السياسي والاجتماعي.
درويش عبد الله ملو، دهوك، 9/1/2022. وُلد عام 1965، وانضم إلى صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني (ب.د.ك.) عام 1980 ضمن خلية سرية باسم الشهيد محمد صالح حليم. اعتُقل ونُفي إلى سجن أبو غريب، وتعرض للتعذيب قبل أن يُطلق سراحه في إطار عفو عام. بعد الإفراج عنه، استأنف نشاطه الحزبي عبر خالد باني، وشارك بفعالية في أنشطة ما قبل وخلال انتفاضة 1991. يشغل حاليًا منصب مسؤول عسكري في الوحدة 1 لحماية رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
سالم حجي عمر أحمد ديرالوشي، دهوك، 11/11/2023. وُلِد عام 1966 في قرية دشتاني. تربى منذ صغره بين صفوف البيشمركه، وكان معروفًا بين أبناء قريته بكونه من البيشمركه البواسل. في ثمانينيات القرن الماضي، تواجد في منطقة شيخان، وفي عام 1991 انضم إلى تنظيم "أرارات" الذي أسسه رجب باخورنيفي، حيث لعب دورًا بارزًا في انتفاضة 1991. حاليًا، يعيش سالم ديرالوشي في دهوك بعد تقاعده، وهو شخصية معروفة ومحترمة في المجتمع الدهوكي.
عارف رشدي، دهوك، 8/1/2022. وُلد في عام 1952 في "زاخو"، وهو ينتمي إلى عائلة كردية وطنية كانت ملتزمة بالقضية الكوردیە. منذ الخمسينيات، كان جميع أفراد عائلته أعضاء في الحزب الديمقراطي الكوردستاني (پ.د.ك.). تم نفيه إلى جنوب العراق، ولكنه تمكن من العودة إلى أربيل عبر عملية "النقل المتبادل". بعد ذلك، انضم مجددًا إلى التنظيمات السياسية، حيث انخرط في الاتحاد الوطني الكوردستاني (ي.ن.ك.) وأصبح مسؤولًا عن تنظيماته في منطقة بادينان. خلال انتفاضة ربيع 1991، لعب دورًا مهمًا في بادينان وكان شاهدًا على تلك الأحداث. حاليًا، يعمل كمستشار لدى "مسعود بارزاني
عبد الكريم صالح مشختي، دهوك، 13/3/2023. يُعرف باسم (كريم باني)، وُلد في عام 1964 في قرية باني. في عام 1983، انضم إلى تنظيم الشهيد (ويس باني) وكان ضمن قوات البيشمركه في إيران. خلال حملة الأنفال، تم اعتقاله من قبل الحكومة العراقية ونُفي إلى منطقة بحركى حتى عام 1990، حيث عاد إلى دهوك. لعب دورًا بارزًا في الانتفاضة في دهوك. حاليًا، يخدم في (اللواء العسكري الخاص بالأرض)، المعروف باسم "لواء أبو علي باني". لأكثر من 11 عامًا في بغداد. في الوقت الحالي، يشغل منصب المستشار العسكري لرئيس إقليم كوردستان.
غازي فهمي توفيق، دهوك، 11/11/2023. وُلد عام 1972 في قرية كوريمي. انتقل إلى دهوك عام 1984، وبدأ بالاندماج في الأنشطة الاجتماعية بفضل علاقاته القوية مع الآخرين، مما عزز الثقة المتبادلة بينهم. في 20/6/1990، انضم إلى تنظيمات الحزب الديمقراطي ال كوردستاني (پ.د.ك) تحت قيادة رجب باخورنيفي في تنظيم "أرارات". حاليًا، يعمل في صفوف البيشمركة في محور دجلة.
قادر عبد العزيز رشيد، دهوك، 23/3/2023. المعروف باسم "قاجاغ"، وُلد عام 1962 في قرية كوريما التابعة لناحية مانكشكي ضمن حدود محافظة دهوك، في عائلة فلاحية. في عام 1979، انضم إلى صفوف (پ.د.ك.) أثناء دراسته في ثانوية برايتي. في عام 1980، تم الكشف عن تنظيماتهم، مما دفعه للانخراط في الثورة الكوردية الطويلة ليصبح بيشمركة. في عام 1981، تولى مناصب تنظيمية أخرى، حيث عمل في فرع سوران، فرع آكري، وفرع دهوك. كما شغل منصب مسؤول التدريب الكادري في بيرمام. حاليًا، هو عضو في القيادة العليا للحزب الديمقراطي ال كوردستاني (پ.د.ك.).
كامل ياسين زيوي، دهوك، 14/3/2023. وُلد عام 1959 في قرية زيوى. اعتقلته السلطات العراقية خلال فترة النظام السابق وحُكم عليه بالسجن. بعد إطلاق سراحه في عام 1988، أسس منظمة تجمع أصدقاءه الذين تعرف عليهم في سجن أبو غريب، حيث تطورت بينهم علاقة مبنية على الثقة والأمانة نتيجة الفترة الطويلة التي قضوها معًا. لعب دورًا بارزًا في انتفاضة عام 1991. حاليًا، يشغل منصب مسؤول السجناء السياسيين في منطقة دهوك ويعمل في وزارة التجارة في بغداد.
محمد سعيد شهى، دهوك، 4/1/2022. وُلد عام 1957 في قرية شاهيا بناحية مزوري، قضاء شيخان. أكمل تعليمه الابتدائي في عدة قرى، ثم واصل دراسته الثانوية في دهوك والموصل، وحصل على دبلوم في تكنولوجيا من الموصل عام 1982، وتخرج في كلية القانون بجامعة دهوك عام 2012. وتم تعيينه عضوًا في اللجنة التنفيذية لفرع 12 بشيخان عام 1997. تقاعد من منصبه عام 2006. حسين سعدى زاويتةي، دهوك، 16/3/2023. وُلد عام 1964 في قرية زاويتة. انضم إلى الحزب الديمقراطي ال كوردستاني (پ.د.ك.) عام 1982، واعتُقل في 28/9/1983 وأُفرج عنه في 27/11/1984. بعد إطلاق سراحه، خلال حملة الأنفال، فقد والديه بسبب الم أذارات القمعية للنظام العراقي، وتم ترحيله إلى بحركى. بعد ذلك، استقر في دهوك وأصبح ناشطًا. حاليًا، يعمل كضابط في قوات الأمن (الآسايش) في دهوك.
محمد علي قهرو، دهوك، 15/3/2023. وُلد عام 1970 في قرية راس عين، التابعة لناحية مانطيشكي. كان منضمًا إلى تنظيمات خالد باني، ولعب دورًا كبيرًا في الصراع ضد قوات الشرطة بفضل شجاعته وقوته. خلال هذا الصراع، تعرض لإصابة بالغة. حاليًا، يعيش في دهوك.
محيي الدين معروف محيي الدين الشيخ ، دهوك، 4/1/2022. يُعرف بالشيخ محى الدين، وُلد في عام 1956 في منطقة خوربني. في عام 1965، أصبح عضوًا في اتحاد طلبة كوردستان في شيخان، وفي عام 1968 انضم إلى قوة غازي الحاج ملو المزوري. بعد اتفاقية الجزائر، انتقل إلى إيران في عام 1976، ثم عاد إلى العراق في عام 1985، حيث تم اعتقاله لمدة 47 يومًا من قبل النظام البعثي بتهمة التعاون مع البيشمركه وتقديم الدعم الغذائي لهم. لعب دورًا بارزًا في انتفاضة دهوك. حاليًا، يواصل نشاطه الاجتماعي في المنطقة وهو عضو في الفرع 14 للحزب الديمقراطي ال كوردستاني (پ.د.ك.).
مصطفى باجلور،ألمانيا، 1/1/2022. مكالمة هاتفية. وُلد في عام 1946، وانضم إلى النشاط السياسي في عام 1961، حيث استمر في المشاركة في صفوف اتحاد طلبة كوردستان كتنظيم حزبي حتى عام 1964. خلال هذه الفترة، كان عضوًا في اللجنة السياسية، واستمر في عمله حتى عام 1972، عندما تم القبض عليه، واستمر كجزء من اللجنة. لاحقًا، أصبح عضوًا في اللجنة المحلية في دهوك لحزب (پ.د.ك) حتى عام 1974. في ربيع عام 1975، تم تأسيس حزب الاتحاد الوطني ال كوردستاني (ي.ن.ك)، وواصل نشاطه في صفوفه. حالياً، يعيش في مدينة برلين بألمانيا.
نادر خمو درويش سيني، دهوك، 4/1/2022. وُلد في عام 1959. في عام 1979 انضم إلى تنظيم (پ. د. ك.)، حيث نشأ في عائلة ذات توجّه قومي كردي. في 23/4/1987 تم اعتقاله ضمن حملة الأنفال التي استهدفت منطقة سينى، وتم ترحيله إلى دهوك حتى فترة الانتفاضة. شارك بفعالية في الانتفاضة، ولعب دورًا بارزًا في تنسيق الثورة في منزل إبراهيم علي. حاليًا، هو عضو في المركز الثقافي وناشط في نشر الوعي الثقافي ضمن اللجنة.
نجم الدين حسين صادق، دهوك، 3/3/2023. يُعرف باسم نجم الدين زيوكي، وُلد في قرية زيوكي عام 1956. في عام 1975، انضم إلى التنظيمات الثورية وواصل نضاله حتى حملة الأنفال السوداء، حيث لجأ إلى إيران. في عام 1989، بعد أن سمع بوجود كمال كركوكي في المنطقة، تمكن من التواصل معه من خلال أخيه الشهيد عزالدين زيوكي. بعد ذلك، استقر في دهوك وأجرى اتصالات مع تحسين كمه كي. حاليًا، يعيش كمتقاعد في دهوك.
نجيب محمد يونس، دهوك، 25/11/2023. يُعرف باسم (نجيب شيخ هسني)، وُلد عام 1957 في قرية شيخ حسني. انضم إلى تنظيمات (پ.د.ك.) عام 1980 ضمن تنظيم "محمود إيزدي"، حيث تولى مسؤوليات تنظيمية مهمة. في عام 1982، أصبح عضوًا في فرع شيخان للحزب الديمقراطي ال كوردستاني. خلال حملة الأنفال، تعرضت عائلته للتهجير القسري من قبل الجيش العراقي وتم ترحيله إلى مخيم نزاركي، ومن ثم إلى بحركى. لعب دورًا بارزًا في انتفاضة دهوك عام 1991. حاليًا، هو متقاعد ويعيش في دهوك.
الهوامش
(1). سياسة "فرّق تسد" وأثرها على الواقع الكوردي: اعتمدت الأنظمة المتعاقبة، لا سيما النظام البعثي، سياسة "فرّق تسد" كأداة مركزية للسيطرة على المناطق الكوردية وإضعاف الحركات الكوردية. تمثّلت هذه السياسة في تعميق الانقسامات الداخلية بين القوى الكوردية، من خلال تقوية طرف على حساب الآخر، حتى يُستنزف الجميع تدريجيًا. وقد لجأت السلطة إلى شراء الولاءات عبر منح الامتيازات، وتقديم الهبات، وتوزيع السلطة المحلية بين الزعماء والعشائر، مما ساهم في إضعاف البنية القومية الكوردية وتقويض أي مشروع وحدوي جامع.
(2). إبراهيم علي: تُجمع الشهادات الميدانية على أن إبراهيم علي كان أول من بين رؤساء الأفواج الخفيفة الذين اتخذوا خطوة جريئة بالتواصل مع قوات البيشمركه والانضمام إلى الانتفاضة، ما جعله في طليعة المبادرة لكسر حاجز الخوف لدى الآخرين. وقد لعبت سلطته ومكانته الاجتماعية، إلى جانب الدعم العسكري واللوجستي الذي وفره، دورًا حاسمًا في تحفيز الزخم الأولي للانتفاضة. وتؤكد مقابلات موثّقة مع ممثلين عن مختلف العشائر أن قراره شكّل نقطة تحوّل استراتيجية، وأسهم بشكل كبير في تغيير مسار الانتفاضة، بفضل شخصيته القيادية وثقة الناس به، ما جعله مركز ثقل في التخطيط والتنفيذ.
(3). بابير تلوي وُلد عام 1965 في قرية طلوة، وكان أحد أعضاء التنظيمات البارزين منذ عام 1988، حيث لعب دورًا محوريًا في انتفاضة بهار. وقد استُشهد لاحقًا في عام 1997 في منطقة "كورژال"، على يد عناصر من حزب العمال الكوردستاني (PKK). الى مقابلة