
د. سامان سوراني
أكاديمي كوردي
دور مسرور بارزاني في تطوير الدبلوماسية الاقتصادية لإقليم كوردستان

في العقود الأخيرة، برزت الدبلوماسية الاقتصادية كأداة استراتيجية مهمة في السياسة الخارجية للدول والأقاليم، حيث بات الاقتصاد عنصراً محورياً في تحديد موازين القوة والتأثير على المستويين الإقليمي والدولي.
ونقصد هنا بالدبلوماسية الاقتصادية مجموعة السياسات والأنشطة التي تقوم بها الحكومات لتعزيز مصالحها الاقتصادية عبر أدوات العلاقات الدولية، بما يشمل جذب الاستثمارات، وتوقيع الاتفاقيات التجارية، وفتح الأسواق، وبناء شراكات اقتصادية طويلة الأمد.
أما فیما یخص إقلیم كوردستان، ففي ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، برز إسم الإقلیم كنموذجٍ للإدارة الواعية والقيادة المستندة إلى رؤية اقتصادية طموحة.
ويُعزى جزء كبير من هذا التقدم إلى الدور الفاعل الذي اضطلع به دولة رئيس وزراء إقليم كوردستان، السيد مسرور بارزاني، في تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة والانفتاح على العالم.
فمنذ توليه منصب رئاسة حكومة الإقليم في عام 2019، وضع الرئيس مسرور بارزاني الإصلاح الاقتصادي والتنمية المستدامة في صلب برنامجه الحكومي. وقد أدرك مبكراﹰ أن تجاوز الأزمات الداخلية، كالأزمة المالية وملف الرواتب، لا يمكن أن يتم فقط عبر السياسات الداخلية، بل يتطلب انفتاحًا اقتصادياﹰ خارجياﹰ مدروساﹰ، يُعيد تموضع كوردستان كبيئة جاذبة للاستثمار ومركز للتجارة الإقليمية والدولية.
وعلى مدى السنوات الماضية، كثّف دولة الرئیس مسرور بارزاني جهوده في توظيف علاقاته الإقليمية والدولية لخدمة الاقتصاد الكوردستاني. وقد تجلّى ذلك في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال زياراته الرسمية إلى دول مثل الإمارات والولايات المتحدة، عمل على تقديم الإقليم كموقع استراتيجي غني بالفرص في مجالات النفط والغاز، والزراعة، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات وسعی السيد مسرور بارزاني إلى تطوير العلاقات الاقتصادية مع حكومات وشركات دولية، مركّزاﹰ على بناء علاقات قائمة على المنفعة المتبادلة، والابتعاد عن التبعية الاقتصادية لمركز محدد.
أما الترويج لإقليم كوردستان كمركز للأمن والاستقرار فقد كانت هذه رسالة محورية في الكثير من خطاباته، إذ يدرك أن المستثمر يبحث عن بيئة مستقرة وآمنة، وهو ما عملت حكومته على ترسيخه، رغم التحديات الإقليمية المحيطة.
إن أحد أبرز محاور الدبلوماسية الاقتصادية التي يتبناها الرئيس مسرور بارزاني هو السعي لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. وقد بدأت الکابینة التاسعة بالفعل في تنفيذ مشاريع نوعية في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، بالتوازي مع إطلاق عدد من المدن الصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
في سياق تعزيز الثقة مع الشركاء الدوليين، أطلق السيد مسرور بارزاني عدة مبادرات لإصلاح المنظومة المالية والإدارية في الإقليم، بما في ذلك التحول إلى النظام المصرفي في دفع الرواتب و تفعيل نظام الرقمنة في المعاملات الحكومية و مكافحة الفساد عبر آليات رقابة أكثر صرامة.
وهذه الخطوات لا تصب فقط في مصلحة المواطن، بل تعزز من جاذبية الإقليم للمستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن بيئة استثمارية قائمة على الشفافية والاستقرار القانوني.
و رغم الجهود الواضحة، فلاتزال هناك تحديات كبيرة، مثل العلاقة المعقدة مع الحكومة الاتحادية في بغداد، وتأثيرات التوترات الإقليمية على بيئة الأعمال. ومع ذلك، فإن الرؤية الاقتصادية للسيد مسرور بارزاني تُعد من العوامل الحاسمة التي تُمكن الإقليم من الصمود والاستمرار في البناء والتنمية.
و ختاماﹰ، لقد أثبت دولة الرئیس مسرور بارزاني أن الدبلوماسية الاقتصادية ليست ترفاﹰ سياسياﹰ، بل ضرورة استراتيجية في عالم اليوم، حيث تتقاطع السياسة بالاقتصاد أكثر من أي وقت مضى. ومن خلال قيادته الواعية، استطاع أن يحوّل إقليم كوردستان إلى لاعب اقتصادي فاعل يسعى إلى أن يكون نموذجاﹰ للتنمية في بيئة مضطربة.
وإذا استمرت هذه السياسات برؤيتها الثابتة واستقلاليتها المحسوبة، فإن إقليم كوردستان مرشح ليكون مركزاﹰ اقتصادياﹰ مزدهراﹰ في قلب المنطقة، تحت قيادة تعرف كيف توازن بين الطموح والواقعية.