الأمل غذاء الفقراء: ما يعنيه للأغنياء

الأمل غذاء الفقراء: ما يعنيه للأغنياء
الأمل غذاء الفقراء: ما يعنيه للأغنياء

كثيرًا ما يُوصف الأمل بأنه القوة الخفية التي تُبقي الروح البشرية حية، وخاصةً لمن يُكافحون لتلبية احتياجاتهم الأساسية. الأمل ليس مجرد شعور، بل هو شريان حياة. بالنسبة للفقراء، الأمل أكثر من مجرد مفهوم مُجرد؛ إنه الغذاء الروحي الذي يُبقيهم على قيد الحياة عندما لا تُقدم لهم الحياة شيئًا آخر. بالنسبة للفقراء، الأمل كالطعام؛ يُبقيهم على قيد الحياة عندما لا يملكون سوى القليل مما يعتمدون عليه. إنه يمنحهم الإرادة للاستيقاظ كل صباح، والعمل بجد، والإيمان بإمكانية تحقيق مستقبل أفضل. ولكن ماذا يعني هذا الأمل نفسه للأغنياء؟ إذا كان الأمل غذاءً للفقراء، فغالبًا ما يكون الأمل بالنسبة للأغنياء ترفًا منسيًا، أو أمرًا مُسلّمًا به، أو حتى مسؤولية.

بالنسبة للفقراء، الأمل ضرورة. ليس خيارًا، بل أداة للبقاء. عندما تكون الوجبات غير مؤكدة، والوظائف غير مستقرة، والمستقبل غامضًا، يكون الأمل وقودًا عاطفيًا. يملأ الفراغ الذي يسببه الفقر، ويساعد الناس على تحمل قسوة الحياة. بهذه الطريقة، يصبح الأمل بديلاً عن الرفاهية المادية. إنه ثروتهم الوحيدة عندما يفتقدون كل شيء آخر. لكن الكثير من الفقراء يواصلون الابتسام، والعمل، والكفاح - ليس لأن حياتهم سهلة، بل لأنهم يحملون الأمل في قلوبهم. إنهم يؤمنون بأن الغد قد يكون أفضل من اليوم. هذا الإيمان قوي. إنه يعطي معنى لمعاناتهم ويحفزهم على العمل.

كما أن الأمل بمثابة تمرد صامت ضد الظلم. في عالم يزداد فيه الأغنياء ثراءً، وغالبًا ما يظل الفقراء غائبين عن الأنظار، يكون الأمل مقاومة الفقير الهادئة. يقول: قد أكون جائعًا اليوم، لكنني سأأكل غدًا. سيدرس أطفالي. ستتحسن حياتي. إنه يمنح الناس الشجاعة لمواصلة التقدم، وبناء المجتمعات، ودعم بعضهم البعض حتى في ظل ندرة الموارد.

على النقيض من ذلك، يعيش الأغنياء عادةً في وفرة مادية. فهم لا يعتمدون على الأمل في وجبتهم القادمة أو مأواهم. حياتهم أكثر قابلية للتنبؤ، ومستقبلهم غالبًا ما يكون أكثر أمانًا. لذا، قد يتخذ الأمل بالنسبة لهم شكلًا مختلفًا. قد يكون مرتبطًا بالأحلام أو الطموحات أو النمو الشخصي، لا بالبقاء. أحيانًا، ولأن احتياجاتهم الأساسية مُلباة، قد ينسى الأغنياء المعنى الحقيقي للأمل. يصبح شيئًا سلبيًا، لا فاعلًا - فكرة جميلة، لا طوق نجاة.

غالبًا ما تولد الحركات الاجتماعية والثورات والإصلاحات من رحم الأمل. عندما يؤمن الفقراء بإمكانية التغيير، ينظمون أنفسهم ويحتجون ويصوتون ويعبرون عن آرائهم. الأمل يُحوّل الضحايا إلى مقاتلين، والصمت إلى قوة. إنه المكوّن الأول في أي وصفة للتقدم.

ومع ذلك، فإن هذا الاختلاف لا يقتصر على الراحة فحسب؛ بل يتعلق بالمسؤولية. إذا كان الفقراء يعتمدون على الأمل للبقاء على قيد الحياة، فيجب على الأغنياء أن ينظروا إلى الأمل على أنه دعوة للعمل. يجب أن يلهمهم للمساعدة في تحويل آمال الآخرين إلى حقيقة. من خلال الأعمال الخيرية والتوظيف العادل والقيادة الأخلاقية والإصلاح الاجتماعي، يمتلك أصحاب الموارد القدرة على إعطاء الأمل معنى حقيقيًا. بدلاً من مجرد مشاهدة الفقراء يعيشون على الأمل، يمكن للأثرياء أن يصبحوا جزءًا من الحل الذي يقلل من الحاجة إلى الأمل في المقام الأول.

علاوة على ذلك، يحمل الأمل رسالة أخلاقية للأغنياء. فهو يذكرهم بأن الثروة لا تتعلق فقط بالاستمتاع بالحياة ولكن أيضًا بإسعاد الآخرين. إنه يتحداهم للنظر خارج منطقة راحتهم ورؤية العالم غير المتكافئ من حولهم. عندما يدركون الدور الذي يلعبه الأمل في حياة الأقل حظًا، فقد يعيدون اكتشاف قيمته - ليس كحلم، ولكن كحاجة إنسانية مشتركة.

الأمل وحده لا يكفي. فكما أن الطعام بدون تغذية لا يمكن أن يُبقي شخصًا إلى الأبد، فإن الأمل بدون عمل وسياسة وعدالة لا يمكن أن ينتشل الناس حقًا من براثن الفقر. يجب على المجتمع أن يفعل أكثر من مجرد الإعجاب بقدرة الفقراء على الصمود؛ يجب تهيئة الظروف التي يُصبح فيها الأمل واقعًا. وهذا يعني الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والأجور العادلة وتكافؤ الفرص. يجب دعم الأمل، لا اختباره بلا نهاية.

يبلغ معدل الفقر في العراق حوالي 17.5% على مستوى البلاد (اعتبارًا من عام 2024)، مع تفاوتات إقليمية كبيرة. تتراوح معدلات الفقر بين مستويات منخفضة، مثل 7% في أربيل، وأكثر من 40% في بعض أفقر المحافظات، مثل المثنى، التي بلغت 40% في مسح حديث.

في الختام، الأمل غذاءٌ للفقراء؛ فهو يسدُّ ثغراتِ نقصِ الطعام، ويُغذِّي الروحَ الإنسانيةَ في الأوقاتِ العصيبة. ولكن، كما هو الحالُ مع الطعام، يجبُ تجديدُه ورعايته، وتحويلُه في نهايةِ المطافِ إلى قوتٍ حقيقي: الفرصُ والكرامةُ والعدالة. بالنسبةِ للأغنياء، لا ينبغي تجاهلُ الأمل أو إهمالُه. بل ينبغي فهمُه كتذكيرٍ بأنَّ مع الامتيازاتِ تأتي القدرةُ على تغييرِ العالم، وتخفيفِ المعاناة، والمساعدةِ في تحويلِ الأملِ إلى واقعٍ ملموسٍ لمن هم في أمسِّ الحاجةِ إليه. وبهذه الطريقة، يُمكنُ أن يُصبحَ الأملُ جسرًا قيميًا مشتركًا بين الفقراءِ والأغنياء، يجمعُ بين الكرامةِ والواجب.