 
                        د. ابراهيم احمد سمو
كاتب كوردي
كوردستان 24… عقدٌ من المصداقية والإبداع الإعلامي
 
                    في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتزاحم فيه الأخبار من كل صوب، استطاعت القنوات الفضائية أن تملأ فراغًا كبيرًا في حياة الشباب الكوردي، لتصبح نافذتهم الأولى نحو العالم، ومصدرهم الرئيس للمعلومة الموثوقة. ومن بين هذه القنوات، برزت قناة كوردستان 24 لتشكل علامة فارقة في المشهد الإعلامي الكوردي والعراقي، بما تمتاز به من مهنيةٍ عالية وشفافيةٍ في نقل الحقيقة.
منذ انطلاقتها في 31 أكتوبر 2015، حملت قناة كوردستان 24 رسالةً إعلاميةً واضحةً تقوم على الصدق، الحياد، والالتزام المهني، واضعة نصب عينيها خدمة الجمهور الكوردي والعراقي والعربي عامة، وإيصال صوت كوردستان إلى الداخل والخارج بلغةٍ تجمع بين الأصالة والانفتاح. جاءت هذه القناة لتسدّ فراغًا كان يعيشه المتلقي الكوردي في الحصول على الأخبار بلغته الأم، ولتكون البديل الموضوعي عن بعض الوسائل الإعلامية ذات الطابع الطائفي أو الشوفيني التي كثيرًا ما حرّفت الحقائق أو تجاهلت القضايا الكوردية.
دواعي التأسيس والرؤية الإعلامية
كان من أبرز دوافع تأسيس كوردستان 24 تقديم معلومات حديثة ومحايدة وعالية الجودة للجمهور الكوردي، مع خلق مساحة تواصل حقيقية بين أبناء الإقليم وبقية مكوّنات العراق والمنطقة العربية. فقد أدرك القائمون على القناة أن الإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الخبر، بل هو جسر للتفاهم، ووسيلة لترسيخ قيم التعايش والسلام.
كما جاءت كوردستان 24 لتنهض بمشهد الإعلام في إقليم كوردستان عبر إنشاء منصة إخبارية وتلفزيونية متكاملة تهتم باللغة الكوردية وقضاياها، وتمنح المتابعين صوتًا حرًا ومسؤولًا، قادرًا على التعبير عن طموحات المجتمع وهمومه، بلغةٍ تجمع بين المهنية والتجدد.
قناة الخبر الموثوق والتغطية الشاملة
خلال عشر سنوات من البث المتواصل، أثبتت كوردستان 24 جدارتها في أن تكون القناة الأولى في الصدق والاحترافية لدى الغالبية العظمى من المشاهدين من مختلف الطبقات الاجتماعية والسياسية والثقافية. استطاعت القناة أن تحافظ على توازنها في ظل بيئةٍ إعلاميةٍ مليئةٍ بالتحديات السياسية والتنظيمية والمالية، سواء في الإقليم أو في عموم العراق، وأن تقدم نموذجًا يُحتذى به في الالتزام الصحفي.
تميزت القناة بقدرتها على التغطية الميدانية الدقيقة والسريعة لأي حدث طارئ، سواء في الداخل أو الخارج، لتكون دائمًا في قلب الحدث. لم يقتصر دورها على نقل الأخبار، بل تجاوز ذلك إلى تقديم برامج متنوعة تشمل السياسة، التراث، الفن، الرياضة، والوعي الاجتماعي والبيئي. فقد أولت القناة اهتمامًا كبيرًا بنشر الوعي بأهمية البيئة النظيفة، ومكافحة التلوث والإشعاعات، إلى جانب حملاتها التوعوية في محاربة الإرهاب والمخدرات والتطرف الفكري، ما جعلها شريكًا فاعلًا في بناء مجتمع أكثر وعيًا واستقرارًا.
جسر بين الداخل والخارج
من أبرز إنجازات كوردستان 24 قدرتها على ربط الكورد في الداخل بالخارج عبر تغطياتها اليومية وتقاريرها الميدانية، حتى أصبح المتابع في أوروبا أو المهجر يشعر وكأنه يعيش تفاصيل الأحداث في وطنه لحظة بلحظة. وبالمقابل، منحت القناة للمشاهد الكوردي في الداخل نافذةً واسعة على العالم الخارجي، بما تقدمه من تحليلات ورؤى تسهم في توسيع مدارك الجمهور وتعزيز انفتاحه على الثقافات الأخرى.
هذا التفاعل المتبادل بين الداخل والخارج جعل من كوردستان 24 قناة جامعة، تسهم في ترسيخ الهوية الوطنية الكوردية ضمن الإطار الإنساني والعالمي في آنٍ واحد، ما يعكس نضجًا إعلاميًا قلّ نظيره في المنطقة.
مدرسة إعلامية رائدة
بعد عقدٍ من الزمن، يمكن القول إن كوردستان 24 لم تعد مجرد قناة تلفزيونية، بل أصبحت مدرسة إعلامية متكاملة يتعلم منها الإعلاميون الشباب مبادئ المهنة، ويستلهم منها الجمهور معنى الحقيقة والشفافية. لقد رسخت القناة ثقافة العمل الجماعي، والتعامل المسؤول مع الخبر، وأثبتت أن الإعلام الجاد قادر على صناعة الوعي وتحصين المجتمع من التضليل.
ولعل من أهم أسباب نجاحها المستمر هو التزامها الصارم بالتحقق من الأخبار من مصادر متعددة قبل نشرها، ورفضها للسباق المحموم نحو السبق الصحفي على حساب الدقة. فالأولوية في كوردستان 24 هي للحقيقة، لا للعناوين المثيرة.
بين الإعلام والمجتمع
لقد نجحت القناة في أن تكون همزة وصل فاعلة بين الحكومة الكوردستانية والمجتمع، من خلال تغطياتها المتوازنة التي تسلط الضوء على إنجازات المؤسسات الحكومية، وفي الوقت نفسه تنقل هموم المواطنين بموضوعية واحترام. هذه المعادلة الصعبة أكسبتها ثقة الجمهور، ورسّخت مكانتها كمصدرٍ موثوق للأخبار والتحليل.
كما أن وجود مكاتبها في عواصم عدة، أسهم في توسيع نطاق تأثيرها، وجعل صوت كوردستان يصل إلى المحافل الدولية، في إطارٍ من المهنية والدبلوماسية الإعلامية الراقية.
عشر سنوات من النجاح والتميز
اليوم، ونحن نحتفل بمرور عشر سنوات على تأسيس كوردستان 24، نقف أمام تجربةٍ إعلاميةٍ ناضجة، استطاعت أن تجمع بين المصداقية والحداثة، بين الأصالة والانفتاح، بين الالتزام المهني والإنساني. فقد أصبحت القناة عنوانًا للثقة، ومنبرًا يعكس صورة كوردستان الحقيقية، بماضيها العريق وحاضرها الزاخر وطموحاتها المستقبلية.
إن استمرار كوردستان 24 في عطائها رغم التحديات يعكس روح الإصرار لدى العاملين فيها، وإيمانهم العميق بأن الإعلام ليس ترفًا، بل رسالة ومسؤولية وطنية. ومع كل نشرة خبرية وكل برنامج جديد، تؤكد القناة أنها لم تولد لتكون عابرة، بل لتبقى، ولتكون شاهدًا صادقًا على نهضة كوردستان وشعبها.
خلاصة القول:
كوردستان 24 ليست مجرد شاشة تنقل الخبر، بل هي صوتٌ صادقٌ يحمل رسالةَ وطنٍ وشعبٍ نحو مستقبلٍ أكثر وعيًا وحرية.