د. عبدالله ويسي
رئيس اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان
المخدّرات أخطر من الإرهاب وتهديد مباشر لمستقبل كوردستان
في وقت تتصاعد فيه التحديات الأمنية والاجتماعية في المنطقة، أطلق الرئيس مسعود بارزاني تحذيرات شديدة اللهجة بشأن تفاقم خطر المواد المخدّرة، مؤكداً أنّ هذا الخطر بات يفوق في حجمه وتأثيره كلّ أشكال التهديدات الأخرى، بما فيها الإرهاب والتطرّف الطائفي والمذهبي.
جاءت تحذيرات الرئيس مسعود بارزاني خلال مشاركته في منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط (MEPS) الذي نُظّم في الجامعة الأمريكية بمدينة دهوك يومي 18-19/ 11/ 2025 ، وشدّد الرئيس بارزاني على أنّ المواد المخدّرة تمثّل اليوم “التهديد الأبرز للأمن القومي الكوردستاني”، بل والأكثر تأثيراً على مستقبل الإقليم واستقراره.
وأشار الرئيس بارزاني إلى أنّ البيانات والمعلومات الاستخبارية تؤكد توسّع نطاق تهريب المخدّرات نحو الإقليم، وتزايد شبكات الترويج، محذّراً من أنّ الخطر الراهن أشدّ مما كان في أي وقت مضى.
بحسب المعطيات المتوفرة لدى الجهات المختصة، يمرّ انتشار المخدّرات بثلاث مراحل رئيسة:
1. النقل والعبور (الترانزيت)،
2. التعاطي،
3. التصنيع.
وتشير البيانات إلى أنّ إقليم كردستان بات ممرّاً رئيساً لعبور المخدّرات نحو الداخل والخارج، كما ارتفعت معدلات التعاطي بصورة مثيرة للقلق.
ورغم انتشار أنباء سابقة عن محاولة تصنيع المخدّرات في منطقة دربندخان، إلا أنّ التعاون الأمني بين أجهزة الإقليم والحكومة الاتحادية نجح في إيقاف تلك المحاولة، ومنع انتقال الإقليم إلى المرحلة الثالثة الأخطر: التصنيع.
ويتردّد على نطاق ضيّق احتمال تورّط شخصيات سياسية أو أمنية نافذة في شبكات التهريب، إلا أنّه لا تتوفر معلومات موثوقة تثبت هذه الادعاءات. غير أنّ مجرّد تداول هذه الشبهات – إن ثبتت صحتها – يعني أنّ حجم التهديد سيتضاعف عدة مرات.
وتبذل اللجنة العليا لمكافحة المواد المخدّرة والمؤثرات العقلية، بالتعاون مع وزارة الصحة في الإقليم، جهوداً واسعة للسيطرة على المواد الدوائية التي تُدرج ضمن المؤثرات العقلية، ونجحت في إحكام الرقابة على جزء كبير منها.
لكنّ التحدّي الأكبر يبقى في المواد المهرّبة عبر الحدود، والتي تتطلب جهداً أمنياً مكثفاً وتنسيقاً مستمراً، وهو ما يتطلب العمل الأكثر من قبل مؤسسات الأمن والاستخبارات في الإقليم بشكل مستمر، وفي الوقت نفسه أرى أنّ الوقت قد حان لإجراء تعديلات صارمة في القوانين الخاصة بالمخدّرات، بحيث لا تتحوّل السجون إلى “ملاذ آمن” لتجار هذه السموم. ويجب أن تبدأ العقوبات بأشدها على كبار التجار، باعتبارهم الخطر الحقيقي، فيما يبقى المتعاطون ضحايا يحتاجون إلى برامج علاج وإعادة تأهيل.
ومن جانب آخر يحذر الخبراء من أنّ المخدّرات لم تعد مجرد ظاهرة اجتماعية، بل باتت “سلاحاً صامتاً” يستهدف المجتمع الكوري، ويستخدمه أعداء الداخل والخارج لضرب استقرار الإقليم ومستقبله. فمن أجل ذلك فإنّ توسيع برامج التوعية في المدارس والجامعات ودور العبادة والمؤسسات الإعلامية والاجتماعية أصبح ضرورة وطنية لحماية جيل الشباب من هذا الخطر المتصاعد، ويجب على الجميع تكثيف الجهود من أجل القضاء على هذا الخطر الذي يهدد جميع مفاصل الحياة.
خلاصة القول : إن رسالة الرئيس بارزاني في MEPS كانت واضحة جدا مفادها : خطورة المخدّرات لم تعد خطراً هامشياً، بل أصبحت تهديداً وجودياً يستوجب تحركاً أمنياً وتشريعياً ومجتمعياً عاجلاً من أجل صيانة المجتمع الكوري والعراقي من هذا العدو الفتاك ….