رقية أبو الكرم
كاتبة صحفية
الـ(كريسماس) ما بين مُحِبٍ ومنتفعٍ
أضواء جميلة تضيء بيوتًا بسيطة، شوارع تشع فرحًا بقدوم العيد، افتقدتها ذات عيد؛ حين كنت في بلد آخر، لم أشعر حينها ببهجة (عيد رأس السنة) إلا للحظات؛ لم تغمرني. بعد أن اعتدت في كل عام أن أرى أفراح العيد لشهر كامل، وإن كانت بسيطة؛ لكنها تبهجني.
(عينكاوا)، تلك هي مدينة الفرح لرأس السنة، شجرة الميلاد تزيّن مداخلها، وزينة المغارة مشهد حي لقراءة ولادة (المسيح) عليه السلام، وأجراس الكنائس ترن فرحًا بقدومه؛ مكللًا بترانيم الشكر والدعاء.
أصبح احتفال الكريسماس جزءً من الثقافة العالمية، إذ تجتمع معظم أطياف العالم في توديع سنة واستقبال سنة جديدة. ويعتمد العالم على التقويم الميلادي المرتكز أساسًا على ميلاد سيدنا (عيسى) عليه السلام، برغم بعض الاختلافات في تأريخ الولادة؛ حيث وجد هذا الاختلاف بين المسيحيين أنفسهم. وهذا الاختلاف "لا يفسد في الود قضية"، فقد اتفق العالم الحديث على تأريخ لنهاية العام وبداية عام جديد، من دون التركيز على يوم وتاريخ ولادة المسيح.
إن القرآن خص السيدة (مريم) عليها السلام بسورة كاملة، وجاء ذكر اسمها في القرآن الكريم (31) مرةً بضمنها ما جاء في سياق (عيسى ابن مريم)، كما ذُكِر اسم سيدنا عيسى (٢٥) مرة، وولادته كلمة من كلمات الله، وهي دليل على قدرة الخالق في تجاوز المألوف وإحقاق الحق.
قد يعترض البعض على تزيين شجرة، أو تزيين البيوت بمصابيح تعكس حقيقة الفرح بليلة رأس السنة في القلوب، وهذا من حقهم في التعبير عن رأيهم، إلا أنه لا يحق لهم منع الطرف الآخر من الاحتفال، لكونه صاحب القضية، واحتفاله ناتج عن إيمانه بها.
أما العلاقة الاقتصادية والمنفعة التجارية فتأخذ نصيبًا كبيرًا من الاحتفال، حيث تقام حفلات تجارية لرأس السنة، ونجد أن منظّمي الحفلات هم من غير أصحاب الشأن، وكذلك هم أصحاب متاجر تجهيز الزينة لرأس السنة، وهنا يكونون هم المستفيدين تجاريًا.
احتفال العيد عند المسيحيين في بيوتهم مع الأقارب والأصدقاء، تجمعهم وجبة عشاء، على خلاف جمهور الأغلبية الذي يقضي ليلة رأس السنة وسط حفلات صاخبة ووجبات عشاء فاخرة؛ تتجاوز ميزانية العائلة الواحدة لمدة شهر.
نحن نؤمن بالمشاركة في الفرحة، ونؤمن بحرية الآخر بدينه ومعتقده، ولكن من دون أن نشوه حقيقة الآخر؛ دون فهم عميق لحقيقة الموقف.
إن احتفالات الكريسماس باتت لدى الأغلبية حدثًا صاخبًا، ذا منافع ومكاسب اقتصادية، على عكس حقيقة مشهد الاحتفال عند أهله الذين يستقبلونه بالدعاء والتهليل، وجَمعة الأحباء بكِسرة خبز، فالخبر هنا سيد المشهد، وأساس البركة والتلاحم.