د. سامان سوراني
أكاديمي كوردي
جماهير زاخو...حين يهتف القلب باسم كوردستان
من بين هتافات الملاعب، ومن أعالي مدرجات الشغف، ارتفع اسم كوردستان هذه المرة لا بصوت السياسة ولا بوهج السلاح، بل بنبض الإنسانية.
فقد أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "FIFA" فوز جماهير نادي زاخو بجائزة أفضل المشجعين لعام 2025 ضمن جوائز "The Best"، ليكتب جمهور كوردستان صفحة ناصعة في سجل الشرف العالمي، ويغدو أول جمهور في الشرق الأوسط ينال هذا الوسام منذ إطلاق الجائزة عام 2016.
لم يكن هذا الفوز وليد لحظة، بل هو إمتداد لمسيرة طويلة من النضال الكوردستاني، نضال شعب قاوم الإقصاء، وتمسّك بالهوية، وسار عبر العقود حاملاً حلم الحرية والاستقلال.
واليوم، تتجلى هذه الروح ذاتها في مدرجات كرة القدم، حيث تحوّل التشجيع إلى رسالة، والهتاف إلى موقف، والرياضة إلى منبر إنساني يخاطب ضمير العالم.
تفوقت جماهير زاخو في تصويت الـFIFA على جماهير من الأرجنتين وإسبانيا، لا بقوة العدد ولا بضجيج الصوت، بل بسمو الفكرة ونبل الفعل و الدعم اللامتناهي و الوحدوي من شعب كوردستان التوّاق للحرية في كافة أجزاءه.
فجائزة أفضل المشجعين، التي تهدف إلى تكريم التعبير الاستثنائي عن الالتزام والدعم الإنساني بغض النظر عن اللغة أو الجنسية أو القارة، وجدت في جمهور زاخو مثالها الأصدق والأجمل.
في مشهد سيبقى محفوراً في ذاكرة كرة القدم، أمطرت مدرجات زاخو أرض الملعب بدُمى الأطفال، لا احتفالاً بهدف، بل تضامناً مع أطفال أنهكهم المرض.
وفي موسم سابق من دوري النجوم العراقي، قدّم جمهور زاخو آلاف علب الحليب للأطفال المصابين بالسرطان، في لفتة تجاوزت حدود الرياضة، لتصبح فعلاً أخلاقياً إنسانياً خالصاً.
ذلك المشهد النقي و الإنساني هو ما دفع الـFIFA إلى الانحناء احتراماً، واختيار جماهير زاخو لنيل جائزة The Best” “.
وقد أكدت إدارة النادي أن هذه المبادرات الإنسانية لاقت تقديراً واسعاً في كوردستان والعراق وآسيا، مشيرة إلى أن الجماهير ليست مجرد داعم للفريق، بل هي روحه وضميره الحي، وقوته التي لا تنكسر. جمهور لا يكتفي بالتشجيع، بل يبتكر، ويبادر، ويمنح للرياضة معناها الأسمى.
ولا يمكن فصل هذا الإنجاز عن المناخ الداعم الذي وفرته حكومة إقليم كوردستان، ولا سيما في ظل الكابينة التاسعة بقیادة دولة الرئیس مسرور بارزاني، الذي أولی اهتماماً واضحاً بالرياضة وكرة القدم، ودعم الأندية، واحتضن طاقات الشباب، ورسّخ قناعة بأن الرياضة أحد وجوه النضال الحضاري للأمم.
لقد أسهم هذا الدعم في أن تكون الملاعب الكوردستانية فضاءات للأمل، لا مجرد ساحات تنافس.
إن فوز جماهير نادي زاخو ليس لقباً عابراً، بل شهادة عالمية بأن الشعب الكوردستاني، الذي عرف معنى الألم والمقاومة، يعرف أيضاً كيف يصوغ من إنسانيته رسالة، ومن رياضته جسراً، ومن جماهيره سفيراً للقيم النبيلة.
هو انتصار لكوردستان و قیادته الحکیمة، وهتاف طويل يقول للعالم: نحن هنا، نحب الحياة ونؤمن بالإنسان ونشجّع بقلوب لا تعرف إلا الكرامة.
فلتحيا زاخو رمز العطاء، وليحيا شعب كوردستان، شعب ناضل وصبر وانتصر بالأخلاق قبل الألقاب و بالقيم قبل الكؤوس.