"اللهم إني أستودعك أغلى ما أملك".. رسالة مؤثرة من طفلة سورية لأبيها قبل وفاتها بالزلزال

بعد وقوع الزلزال، طلب الوكاع المساعدة لإنقاذ أبنائه، وعلم أن ولديه فيصل ومحسن قد لقيا حتفهما

خط أنيق، كتبت هبة "اللهم إني أستودعك أغلى ما أملك، فاحفظه لي، أنت في حفظ الله وفي قلبي أنا، أبو فيصل (كنية أبيها)"
خط أنيق، كتبت هبة "اللهم إني أستودعك أغلى ما أملك، فاحفظه لي، أنت في حفظ الله وفي قلبي أنا، أبو فيصل (كنية أبيها)"

أربيل (كوردستان 24)- حافظ ناصر الوكاع على سلامة أسرته خلال سنوات الحرب والقصف والغارات الجوية حتى هدم الزلزال منزلهم يوم الاثنين في جنديرس بشمال غرب سوريا، مما أدى إلى وفاة زوجته ومعظم أبنائه.

وتمكن رجال الإنقاذ من إخراج اثنين من أبنائه من تحت أنقاض المنزل خلال الليل، وأظهرت لقطات مصورة الطفلين مصابين بكدمات ويغطيهما الغبار، كما نجا طفل آخر، لكن زوجته وخمسة من أبنائه على الأقل لاقوا حتفهم.

وجلس الوكاع وسط الأنقاض والكتل الخرسانية ينعي زوجته وبقية أبنائه محتضناً ملابس أحدهم، وبدأ يتمتم بأسماء أبنائه ذكوراً وإناثاً دون أن يذكر عددهم بالتحديد في حالة من اليأس والارتباك.

222525
ناصر الوكاع يحمل قصاصة ورقية كتبتها ابنته الكبرى هبة قبل وفاتها (رويترز)

وقال الوكاع "نحن اعتدنا على القصف بالطائرات والصواريخ وبالبراميل... لكن يقع زلزال.. هذا أمر الله".

وأودى الزلزال بحياة أكثر من 21 ألفاً، معظمهم في تركيا، بما في ذلك أكثر من 3000 في سوريا.

وشهدت مدينة جنديرس، على الجانب السوري من الحدود مع تركيا، تدمير العديد من المنازل وانهيار بعضها جزئياً في جيب تسيطر عليه المعارضة.

وفي جانب آخر من البلدة، انتشل رجال الإنقاذ الطفل أحمد عبد الجبار (5 أعوام) وهو الناجي الوحيد من بين أفراد أسرته المكونة من ستة أفراد. وأمضى أحد أقاربه ويدعى أحمد أبو شهاب ساعات في رفع الأحجار للوصول إليه قبل نقله إلى سيارة إسعاف.

وقال الصبي وهو يرقد على سريره في مستشفى بالقرب من مدينة أعزاز "كنت أنا وأبي جالسين في غرفة المعيشة عندما سمعت صوت الزلزال".

وحبس إمام أحد مساجد مدينة جنديرس دموعه وهو يلقي خطبة الجمعة.

وقالت وكالة تابعة للأمم المتحدة إن 14 شاحنة مساعدات وصلت إلى شمال غرب سوريا اليوم الجمعة في أول مساعدة خارجية تصل إلى منطقة تسيطر عليها المعارضة المنخرطة في قتال مع حكومة دمشق وهي واحدة من بين أكثر المناطق تضرراً من الزلزال.

وبعد وقوع الزلزال، طلب الوكاع المساعدة لإنقاذ أبنائه، وعلم أن ولديه فيصل ومحسن قد لقيا حتفهما.

222525
أحد أبناء ناصر الوكاع قبل إخراجه من تحت الأنقاض (رويترز)

وعُثر على جثتي الابنة الكبرى هبة وأختها الصغيرة إسراء. كانت هبة ميتة وفي حجرها شقيقتها الصغيرة ميتة أيضاً. وعُثر على جثة شقيقة أخرى هي سميحة بالقرب منهما.

وحمل الوكاع معه قصاصة من الورق كتبتها ابنته الكبرى هبة بخط يديها في دفتر عثر عليه مدفوناً تحت الأنقاض. وبخط أنيق، كتبت هبة "اللهم إني أستودعك أغلى ما أملك، فاحفظه لي، أنت في حفظ الله وفي قلبي أنا، أبو فيصل (كنية أبيها)".

وفي وقت لاحق، وقف الوكاع في ذهول أثناء دفن أحد أبنائه في مقبرة جماعية تضم الكثير من جثث ضحايا الكارثة.