ثماني سنوات على أحداث 16 أكتور 2017… الجرح الكوردي الذي لم يندمل بعد

أربيل (كوردستان24)- تمرّ اليوم، الخميس، ثماني سنوات على أحداث 16 أكتوبر عام 2017، التي شكّلت واحدة من أكثر المحطات قسوة في التاريخ الحديث لإقليم كوردستان، إذ أدّت إلى فقدان أكثر من 51% من مساحة الإقليم وخروجها عن إدارته، فيما لا تزال تداعيات تلك الأحداث مستمرة حتى اليوم.
من الاستفتاء إلى الاجتياح
بعد نجاح عملية الاستفتاء على استقلال كوردستان في 25 أيلول 2017، والذي صوّتت فيه الغالبية الساحقة من الشعب الكوردي بـ"نعم" للاستقلال، بدأت ضغوط سياسية وعسكرية من داخل العراق وخارجه ضد الإقليم.
وفي يومي 12 و13 تشرين الأول، انسحبت بعض القوات من جنوب كركوك ومن الطريق الرئيس بين خورماتو وكركوك دون تنسيقٍ مع وزارة البيشمركة، مما مهّد الطريق لتطورات خطيرة.
بعدها في فجر 16 أكتوبر 2017، شنّت قوات الحشد الشعبي بدعمٍ من وحدات الجيش العراقي، وبتنسيق مع أطرافٍ داخلية، هجوماً واسعاً على مدينة كركوك ومناطق أخرى، في خرقٍ واضحٍ للدستور العراقي، الذي يمنع استخدام القوات العسكرية لحسم القضايا السياسية الداخلية ضد أي مكوّن داخل البلاد، أقدمت القوات العراقية على شنّ هجومٍ عسكري مفاجئ أثار دهشة واستغراب الشارع الكوردستاني بأكمله.
وقد تزامن ذلك مع انسحابٍ غير مشروطٍ ومفاجئٍ لبعض القوات التابعة لطرفٍ محدد، كانت تُمسك بزمام الأمور في جميع تلك المحاور، مما زاد من حالة الغموض والارتباك في الموقف الميداني آنذاك.
ذلك الهجوم مثّل، بحسب مراقبين، صَدْعاً عميقاً في الثقة بين كوردستان وبغداد، وأثار صدمةً كبيرة في الشارع الكوردي.
خسائر بشرية وجغرافية فادحة
أسفرت أحداث 16 أكتوبر عن فقدان إقليم كوردستان نحو 44 ألف كيلومتر مربع من أراضيه، أي ما يعادل 51% من مجمل مساحة الإقليم، بما في ذلك مدينة كركوك – تلك المدينة الغنية بالنفط – إضافة إلى 16 ناحية و44 قرية وبلدة خرجت عن السيطرة الإدارية للإقليم.
كما تسببت الأحداث في نزوح أكثر من 53 ألف عائلة من المناطق المستعادة، وتعرّض أكثر من 3 آلاف منزل للنهب والتدمير، فضلاً عن حرق نحو 200 منزل وخمس مؤسسات إعلامية، في مشهدٍ أعاد للأذهان حملات “التعريب” القديمة ضد السكان الكورد.
أزمة إنسانية وهوية مفقودة
حتى اليوم، وبعد مرور ثماني سنوات، ما زال جزء من النازحين غير قادرين على العودة إلى ديارهم، بينما تواجه العائلات الكوردية في كركوك وخورماتو وداقوق وحمدانية وبرطلة تمييزاً إدارياً وقيوداً في التوظيف والتعليم والخدمات.
أحداث 16 تشرين الأول لم تكن مجرّد معركةٍ عسكرية، بل كانت – كما يصفها كثيرون – تحوّلاً سياسياً ومأساة إنسانية غيّرت وجه كوردستان وأثّرت في مستقبل العلاقة بين الإقليم وبغداد، تاركةً جروحاً ما زالت مفتوحة في ذاكرة الكورد حتى اليوم.
ثماني سنوات مضت… لكن آثار تلك الليلة ما زالت تُروى في قصص النازحين، وفي عيون من فقدوا مدينتهم وأرضهم وحقّهم في أن يعيشوا بحريةٍ في وطنٍ حلموا به طويلاً.