شاخوان عبدالله يرد على الحلبوسي: كوردستان فتحت صدورها لكل المكونات ولم تمنّ يوماً على أحد

أربيل (كوردستان 24)- ردّ نائب رئيس مجلس النواب العراقي د. شاخوان عبدالله، اليوم الاثنين، على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها "الرئيس المخلوع" لمجلس النواب محمد الحلبوسي، واصفاً إياها بأنها "محاولة فاشلة لتزوير التاريخ وبثّ خطاب طائفي يسيء إلى كوردستان ودورها الوطني".

وأكد عبدالله أن "كوردستان لم تمنّ يوماً على أحد، بل فتحت صدورها قبل حدودها لاستقبال المظلومين من كل المكونات"، مشيراً إلى أن "دماء البيشمركة رسمت حدود الكرامة، وأن المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم جزء لا يتجزأ من كوردستان".

وأضاف أن "اعتراض الحلبوسي على رفع علم كوردستان في تلك المناطق يعكس جهلاً بالدستور وبالمادة 140 التي أقرت كوردستانية هذه المناطق"، لافتاً إلى أن "علم كوردستان ليس راية تحدٍّ بل رمز للهوية والتضحيات".

وشدد عبدالله على أن "كوردستان لا ترد بالكراهية بل بالحقيقة، وستبقى نموذجاً في الحكم الرشيد والشراكة الحقيقية بين جميع المكونات".

وفيما يلي نص البيان: 

ردٌّ على تصريحات الاخيرة لسيد محمد الحلبوسي الرئيس المخلوع من رئاسة مجلس النواب.

من المؤسف أن يتحوّل الخطاب الإعلامي لبعض القيادات السياسية إلى منابرٍ لتشويه الحقائق وتزوير الذاكرة الوطنية، بدل أن تكون ساحاتٍ لترسيخ الثقة وتوحيد الصف في مواجهة التحديات.

لقد استمعنا إلى تصريحات السيد محمد الحلبوسي التي حملت نبرةً طائفيةً مؤسفة، ومحاولةً فاشلة لإعادة رسم التاريخ على هوى السياسة والمصلحة. تلك التصريحات لا تعبّر إلا عن جهلٍ بتاريخ كوردستان ودورها الوطني، وجهلٍ بمعنى الشراكة والدستور.

أولاً: كوردستان لا تمنّ على أحدٍ، بل تؤدي واجبها كما تمارس كرامتها.

من يظن أن كوردستان "احتضنت" النازحين منّةً أو دعاية، لا يعرف شيئًا عن طبيعة هذه الأرض ولا عن قيم أهلها.

لقد فتحت كوردستان صدورها قبل حدودها، واستقبلت المظلومين من العرب والتركمان والآشوريين والشبك والمسيحيين، لأن الإنسانية في كوردستان ليست شعارًا سياسيًا بل عقيدةً تتوارثها الأجيال.

جبال كوردستان لم تفرّق يومًا بين عربي وكوردي، بل احتضنت كل من احتمى بها من بطش الطغاة منذ عقود.

نحن لا نمنّ على أحدٍ بالعطاء، لأن الكرم جزء من هويتنا، لا وسيلة للابتزاز السياسي أو الإعلامي.

ثانيًا: دماء البيشمركة رسمت حدود الكرامة.

حينما داهم داعش تلك المدن والقرى، كانت البيشمركة في الميدان قبل أن يصحو بعض السياسيين من حساباتهم.

في كركوك، مخمور، خانقين، سنجار، وسهل نينوى، امتزج دم الكوردي والعربي والتركماني والمسيحي في خندقٍ واحد دفاعًا عن الحرية.

وليعلم الجميع أن المناطق الكوردستانية الواقعة خارج إدارة الإقليم هي جزءٌ لا يتجزأ من كوردستان، شاء من شاء وأبى من أبى.

هذه المناطق لم تتحرر من داعش إلا بدماء البيشمركة، ولا تُصان اليوم إلا بتضحياتهم، لأنهم أبناء الأرض وحماتها الشرعيون.

ثالثًا: العفو لا يُطلب ممن لا يعرف العدالة

يقول السيد الحلبوسي إن الكورد والحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يقفوا معه في قانون العفو العام، وهذه أكذوبة صريحة وافتراء سياسي مكشوف.

ليتذكر الجميع أن في عهده لم يتجرّأ حتى على إدراج القانون في جدول أعمال الجلسة، رغم المطالبات المتكررة والضرورات الوطنية.

لقد صوّت ممثلو الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالمجمل على قانون العفو العام، وقانون الأحوال الشخصية، وإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحلّ، ما يؤكد حرصنا على العدالة وتطبيق القانون، بعكس ادعاءاته الفارغة.

أما أن يُسوّق العفو على أنه موقفنا الرافض، فهذا افتراء على الحقيقة وتزييف للتاريخ، فالعفو لا يُمنح إلا بعد الاعتراف بالجرائم ومحاسبة الجلادين، لا بعد إنكارهم وتزييف الوقائع.

لقد عفا الكورد عن كثيرين بعد الأنفال وحملات الإبادة، لا ضعفًا، بل لأننا أقوى من الحقد، لكننا لن نساوم على دماء الأبرياء ولا على ذاكرة الشهداء، ولن نسمح لمن تلطخت يداه بالدم أن يطوّع التاريخ وفق مزاجه السياسي.

رابعًا: الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو صوت كوردستان وامتداد مشروعها الوطني.

حين يقول السيد الحلبوسي إن أكثر المصوّتين للحزب الديمقراطي الكوردستاني في نينوى من العرب، فذلك لا يُضعف الحزب بل يُكرّس حقيقته الراسخة: أن فكر البارتي يتجاوز القومية والمذهب لأنه فكر الحرية والشراكة الحقيقية.

إنّ الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يكن يومًا حزبًا مناطقيًا ضيّق الأفق، بل هو حامل مشروع كوردستاني وطنيّ يؤمن بالاتحاد العادل بين المكونات، لا بالتبعية ولا بالإقصاء.

وفي صفوفه من العرب والتركمان والمسيحيين واليزيديين مناضلون أخلصوا لمبادئ البارتي، لأنهم وجدوا فيه عنوان الكرامة والموقف الصادق حين خذلتهم قوى المركز.

ومن يقيس الأحزاب بعدد أبناء قوميته، لم يفهم بعد أن العراق الذي نحلم به لا يقوم إلا على فيدرالية حقيقية تعترف بكوردستان شريكًا لا تابعًا، وبشعبها ركنًا أصيلًا لا هامشًا في الوطن.

خامسًا: علم كوردستان ليس راية تحدٍّ بل راية هويةٍ ودمٍ وتاريخٍ لا يُمحى.

أما اعتراض السيد الحلبوسي على وجود علم كوردستان في المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم، فنقول له: قبل أن تتحدث عن الأعلام، تعلّم أولًا أن تقرأ الدستور الذي أقسمت على احترامه، فالمادة (140) لم تأتِ عبثًا، بل جاءت اعترافًا رسميًا بأن تلك المناطق كوردستانية الجغرافيا والهوية والانتماء، سُلبت منها معالمها لعقودٍ من سياسات التعريب القسرية التي جلبت إليها الطارئين على الأرض والتاريخ.

ورغم محاولات الطمس والتغيير، بقيت كوردستان هناك، تنبض في الذاكرة، وتتنفّس في الوجدان، وتُروى بدماء البيشمركة والشهداء في كركوك وسنجار ومخمور وخانقين.

إن رفع علم كوردستان في تلك المناطق ليس استفزازًا لأحد، بل تأكيد على أن الأرض تعرف أبناءها مهما طال الزمن، وأن الهوية لا تُلغى بقراراتٍ سياسية ولا تُبدّلها أسماء الطارئين الذين مرّوا عليها مرور الغزاة.

وكما يُرفع علم العراق فوق أربيل بكل احترام، من حقّ علم كوردستان أن يرفرف في سماء كركوك وسنجار ومخمور، لأنه رمزُ الشهداء الذين صانوا الأرض والعِرض، لا شعارُ حزبٍ أو سلطةٍ عابرة.

فعلم كوردستان لا يتحدّى أحدًا، بل يذكّر الجميع بأن العراق الحقيقي لا يقوم إلا حين تتعانق راياته في سماءٍ من العدالة، لا حين تُخنق هوية كوردستان إرضاءً للطارئين أو خوفًا من أصواتهم.

سادسًا: كوردستان تردّ بالحقيقة لا بالكراهية

نحن لا نردّ على الطائفية بالطائفية، بل بالحقيقة.

كوردستان لم تكن يومًا سببًا في أزمة العراق، بل كانت صمام أمانه، ودرعه.لكننا في الوقت ذاته لن نقبل أن يُمسّ تاريخنا أو تُشوَّه تضحياتنا.

نحن أبناء ثورةٍ سالت فيها دماء الشهداء لأجل الحرية، ولسنا ضيوفًا على هذه الأرض، بل صُنّاع تاريخها وشركاء مستقبلها.إن من يتحدث عن الوطنية، عليه أن يحترم التعدد، ومن يتحدث عن الدستور، عليه أن ينفّذه لا أن يلتفّ عليه، ومن يتحدث عن العدل، فليبدأ بالاعتراف بحقوق كوردستان.أما كوردستان، مستمرة علی طريق الاعمار والازدهار وهي نموذج يحتذی به في الحكم الرشيد ونطمح ان تصل تجربتنا الی كل مناطق العراق،لترسی اساسا متینا للعدالة والتنمية والشراكة الحقيقية بين جميع المكونات.

وكوردستان ستبقى كما كانت دائمًا: مهد الكرامة، وملجأ المظلومين، وراية الحرية التي لا تنحني، وجبلٌ لا تهزّه خطابات المنصّات ولا عواصف الطائفية.

د. شاخوان عبدالله

نائب رئيس مجلس النواب

 
 
Fly Erbil Advertisment