
د. سامان شالي
محلل سياسي واقتصادي
الآثار الإيجابية والسلبية لتعيين السفراء للعراق

ُعدّ تعيين السفراء جانبًا بالغ الأهمية في السياسة الخارجية العراقية وانخراطها الدولي. وبصفتها دولةً تواجه تحديات سياسية وأمنية واقتصادية معقدة منذ عام 2003، يلعب السلك الدبلوماسي العراقي دورًا محوريًا في تشكيل علاقاته الخارجية وتمثيل مصالحه على الساحة الدولية. وبينما يُمكن أن يُحقق تعيين السفراء فوائد جمة، فإنه يُمثل أيضًا تحدياتٍ عديدة، لا سيما عندما تتأثر التعيينات بالديناميكيات السياسية الداخلية وأنظمة الحصص. يستكشف هذا المقال الآثار الإيجابية والسلبية لتعيين السفراء في العراق.
يتضمن قانون وزارة الخارجية الخاص بتعيين السفراء ضوابط ومعايير محددة. تختار الوزارة 75% من موظفيها بناءً على التسلسل الوظيفي التالي:
1. ملحق
2. سكرتير ثالث
3. سكرتير ثان
4. سكرتير أول
5. مستشار
6. وزير مفوض
يتم اختيار السفراء من بين وزراء المفوضين والمستشارين، مع مراعاة المكونات (الشيعة، السنة، الكرد، التركمان، المسيحين ، ألخ) فى التعيينات. أما نسبة الـ 25% المتبقية، فتُعيّنها الأحزاب السياسية.
لقد تغيرت هذه النسبة اليوم إلى 50٪ للوزارة و50٪ للأحزاب السياسية، نتيجةً لضغوط هذه الأحزاب، مع مراعاة المكونات السياسية وعدد مقاعد فى البرلمان العراقي. يُخصص سفير واحد لكل 10 مقاعد. ويمكن للأحزاب الصغيرة أن تتحد لتشكيل كتلة من 10 مقاعد، والحصول على سفير واحد، والاتفاق على الحزب الذي سيرشح السفير. عُيّنت دفعتان من السفراء في عامي 2004 و2009. واليوم، يفترض تعين 80 سفيرًا كدفعة ثالثة، وفقًا لخطة وزارة الخارجية، إذا بقيت على حالها قبل الانتخابات القادمة. ويزداد هذا التغيير أهميةً نظرًا لبلوغ بعض السفراء قد بلغوا سنّ التقاعد القانوني وهو 60 عامًا، و 65 عاما لمن لديه فصل سياسي، لرئيس الوزراء صلاحية تمديد فترة خدمة السفراء المؤهلين لثلاث سنواتٍ بعد التقاعد، مع إمكانية تمديدها مجددًا. لا يستطيع العراق تأهيل سفراء مؤهلين في هذه الفترة القصيرة، لذا عليه الاعتماد على سفراء مؤهلين ذوي خبرةٍ واسعةٍ في السلك الدبلوماسي.
الآثار الإيجابية
من أهم فوائد تعيين السفراء تعزيز العلاقات الدبلوماسية للعراق. يعمل السفراء كممثلين رسميين للحكومة العراقية، ويعززون التعاون السياسي والاتفاقيات التجارية والتبادل الثقافي مع الدول المضيفة. تُعد هذه العلاقات أساسية لتأمين الدعم الدولي في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار.
علاوة على ذلك، يلعب السفراء دورًا رئيسيًا في جذب الاستثمارات الأجنبية. يتمتع العراق، بموارده الطبيعية الغنية وموقعه الاستراتيجي، بإمكانية جذب اهتمام اقتصادي كبير. يمكن للسفراء ذوي الكفاءة العالية الترويج للعراق كوجهة مستقرة ومربحة للمستثمرين الدوليين، مما يعزز اقتصاد البلاد ويخلق فرص عمل.
كما يساعد السفراء في تنسيق المساعدات الإنسانية والمساعدات الدولية. لا يزال العراق يعتمد على المساعدات الخارجية لإعادة بناء بنيته التحتية ودعم النازحين بعد انتهاء الصراع. وغالبًا ما تلعب البعثات الدبلوماسية دورًا فعالًا في تأمين هذه المساعدة من خلال المفاوضات المباشرة مع الدول المانحة والمنظمات الدولية.
كذلك، يمكن أن يُسهم تعيين السفراء في تعزيز القوة الناعمة للعراق. ومن خلال التبادلات التعليمية والدبلوماسية الثقافية والمشاركة العامة، يستطيع السفراء المساعدة في إعادة تشكيل التصورات العالمية للعراق، والابتعاد عن صور الصراع وعدم الاستقرار نحو صور الثقافة والتراث والمرونة.
بالإضافة إلى النقاط التالية:
1. التمثيل الشامل
يضمن تمثيل جميع المجموعات العرقية والطائفية الرئيسية (الشيعة، السنة، الكرد، التركمان، المسيحيين، إلخ) في السياسة الخارجية والدبلوماسية العراقية.
2. الاستقرار السياسي
يمكن أن تساعد الحصص في تخفيف التوترات بين الفصائل من خلال منح كل مجموعة حصة في المؤسسات الحكومية، بما في ذلك السفارات.
3. الحفاظ على توازن القوى
يمكن أن يمنع هيمنة مجموعة سياسية أو عرقية واحدة على التمثيل الخارجي للعراق، مما قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية أو مزاعم بالتهميش.
4. علاقات أقوى مع مناطق محددة
قد يراعى أحيانا فى أختيار السفراء من خلفيات محددة بشكل أفضل مع الدول المضيفة ذات الروابط الثقافية أو الدينية (على سبيل المثال، سفير سني في إحدى دول الخليج العربي، وسفير شيعي فى دولة شعية، أو سفير كردي في أوروبا).
الآثار السلبية
على الرغم من هذه المزايا، إلا أن عملية تعيين السفراء في العراق لا تخلو من العيوب. ومن أبرز المخاوف تسييس التعيينات. ففي كثير من الحالات، تُسند مناصب السفراء بناءً على الانتماءات السياسية أو المحاصصة الطائفية بدلاً من الجدارة. هذه الممارسة، المتجذرة في نظام تقاسم السلطة العراقي بعد عام 2003 المعروف باسم المحاصصة، ولا بأس أذا تم مراعاة الكفاءة لكن غالبًا ما تؤدي إلى تعيين أفراد يفتقرون إلى المؤهلات أو الخبرة أو التدريب الدبلوماسي اللازم.
ولا ينبغي لنا أن ننسى أن تعيين سفراء غير مؤهلين في المهارات اللغوية أو التفكير الاستراتيجي أو المعرفة بالعلاقات الدولية اللازمة للتعامل مع البيئات الدبلوماسية المعقدة سيؤثر سلبا على الدبلوماسية العراقية
يمكن أن تُقوّض هذه التعيينات فعالية السياسة الخارجية العراقية. فقد يجد السفراء غير المؤهلين صعوبة في تمثيل مصالح البلاد أو يفشلون في بناء علاقات قوية مع الحكومات الأجنبية، مما قد يؤدي إلى ضياع فرص التعاون والاستثمار والدعم الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي التعيينات القائمة على المحاصصة إلى سياسة خارجية غير متسقة. فعندما يُمثل السفراء فصائل سياسية مختلفة ذات أجندات متباينة، قد تبدو الرسائل الدبلوماسية العراقية مجزأة أو متناقضة. وهذا يُضعف المكانة الدولية للبلاد ويُقلل من مصداقية مواقفها بشأن القضايا الرئيسية. الأمن مصدر قلق آخر. ففي البيئات المضطربة، قد يصبح وجود السفراء والسفارات أهدافًا للإرهاب أو العنف السياسي. وقد تجلى ذلك في الهجمات على البعثات الدبلوماسية في بغداد ومدن أخرى. ويزداد الخطر عندما يُنظر إلى المناصب الدبلوماسية على أنها امتدادات للقوى الأجنبية أو الأحزاب السياسية المحلية، بدلًا من أن تُعتبر مؤسسات حكومية مهنية.
الخلاصة
أن تعيين السفراء في العراق يحمل العديد من الفوائد المحتملة - بما في ذلك تعزيز العلاقات الدبلوماسية، والنمو الاقتصادي، والدعم الدولي - إلا أنه يطرح أيضًا تحديات خطيرة عندما يكون مدفوعًا بالمحاصصة السياسية أو المصالح الطائفية أذا كانت بعيدة عن الكفاءة. لكي يستفيد العراق استفادة كاملة من مشاركاته الدبلوماسية، يجب عليه إعطاء الأولوية للتعيينات القائمة على الجدارة، وتعزيز مهنية السلك الدبلوماسي، وضمان تمثيل سفرائه للمصالح الموحدة للدولة بدلًا من الأجندات السياسية الضيقة. عندها فقط، يمكن للعراق تحقيق حضور أكثر تماسكًا ومصداقية وفعالية على الساحة الدولية.
. ختاماً، نستنتج أن العودة الى النسبة 75% من الوزارة هي الأكثر أيجابية لتعين السفراء لتمثيل السياسة الخارجية للعراق، ويجب على البرلمان العراقي أحترام قوانين وزارة الخارجية و عدم التتدخل بأعمالها و الأبتعاد عن المحاصصة بتعين السفراء