
د. ابراهيم احمد سمو
كاتب كوردي
مسرور بارزاني.. يواصل ترسيخ التعايش وبناء جسور الأديان في كوردستان

في يومٍ من أيام كوردستان المشرقة، التي ما زالت تنسج بخيوطها تاريخًا من التنوّع الإنساني والتسامح الديني، شهد الإقليم حدثين بارزين يحملان في طيّاتهما رسالة عميقة إلى المنطقة والعالم أجمع.
ففي يومٍ واحد، ووسط أجواء يسودها الفرح والاعتزاز، افتتح رئيس حكومة إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني كنيسةً جديدة ذات طراز عالمي في أربيل، ووضع في الوقت نفسه حجر الأساس لمعهد الأزهر الشريف في المدينة.
إن اجتماع هذين الحدثين في زمانٍ ومكانٍ واحد، وبرعاية مباشرة من السيد مسرور بارزاني، لم يكن مصادفة، بل تجسيدًا عمليًا لنهج كوردستان القائم على التعايش والتسامح، وإيمان قيادتها بأن الاختلاف في الدين والثقافة مصدر غنى يعزز وحدة المجتمع ولا يهددها.
افتتاح كنيسة عالمية في أربيل: رمز التآخي والعيش المشترك
برعاية وحضور السيد مسرور بارزاني، جرى افتتاح كنيسة جديدة تُعد من أبرز المعالم الروحية في الإقليم، إذ شُيّدت وفق أعلى المعايير الهندسية والفنية، لتكون بيتًا للصلاة وملتقىً للسلام والمحبة.
وفي كلمة مؤثرة خلال مراسم الافتتاح، أكد رئيس الحكومة أن كوردستان كانت وستبقى موطنًا لكل الديانات والمكونات، وأن حكومته ماضية في دعم حرية المعتقد وصون كرامة الإنسان أيًّا كان انتماؤه. وقال:
“نحن نؤمن أن التنوّع مصدر قوة، وأن التعايش هو السبيل إلى بناء مستقبل آمن ومزدهر للجميع.”
وحضر الاحتفال ممثلون عن مختلف الطوائف الدينية، ومسؤولون محليون ودبلوماسيون من دول شقيقة وصديقة، إلى جانب رجال دين من المسلمين والمسيحيين والإيزيديين والصابئة. وقد عبّر الحضور عن امتنانهم لما تنعم به كوردستان من أمن واستقرار وحرية دينية، في وقت تفتقر فيه مناطق كثيرة من العالم إلى مثل هذا المناخ المتسامح والمنفتح.
إن افتتاح هذه الكنيسة لم يكن مجرد حدثٍ معماري أو ديني، بل رسالة سلام إلى العالم، تؤكد أن كوردستان أرضٌ تحتضن الجميع، وأن حكومتها بقيادة السيد مسرور بارزاني تمضي بثقة لترسيخ ثقافة التعايش والتفاهم بين مختلف المكونات.
كوردستان.. مهد الحضارات وملتقى الثقافات
لطالما كانت كوردستان مهدًا للحضارات ومنبعًا للثقافة والتاريخ. فمنذ العصور القديمة، تعاقبت على أرضها أمم وإمبراطوريات تركت بصماتها الفكرية والروحية في كل زاوية من هذه الأرض المعطاءة.
واليوم، تواصل كوردستان هذا الإرث العظيم، مستندة إلى تاريخها العريق وإلى إرادة شعبها في الحفاظ على قيم العدل والسلام والتنوع.
وما نشهده اليوم من افتتاح الكنيسة ووضع حجر الأساس لمعهد الأزهر الشريف يعكس بوضوح هذا العمق الحضاري والإنساني الذي تتميز به كوردستان. ففي وقتٍ يشهد فيه العالم صراعات وانقسامات دينية، تبرهن كوردستان من جديد أنها قادرة على جمع المختلفين على أرض واحدة، في ظل قيادة تؤمن بالإنسان قبل أي انتماء آخر.
وضع حجر الأساس لمعهد الأزهر في أربيل: خطوة نحو العلم والاعتدال
وفي مشهدٍ اخر من الأهمية افتتاح الكنيسة، وضع السيد مسرور بارزاني حجر الأساس لمعهد الأزهر الشريف في أربيل، بحضور وفد رفيع من مؤسسة الأزهر في جمهورية مصر العربية، وعدد من الشخصيات الدينية والعلمية.
ويمثل هذا المشروع خطوة استراتيجية لترسيخ الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل في كوردستان والعراق والمنطقة بأكملها. إذ سيُعنى المعهد بتأهيل طلبة العلم الديني وفق مناهج الأزهر المعروفة بالاعتدال والوسطية، بما يسهم في نشر قيم التسامح ونبذ التطرف، وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات.
وخلال كلمته في المناسبة، شدّد السيد مسرور بارزاني على أن تأسيس هذا المعهد يعكس رؤية حكومة الإقليم في دعم التعليم الديني الرصين، القائم على العقلانية واحترام الآخر.
من جانبهم، أشاد ممثلو الأزهر الشريف بالجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة كوردستان لتعزيز ثقافة التفاهم والتقارب بين الأديان، مؤكدين أن ما تشهده أربيل من انفتاح وتسامح يشكل نموذجًا يُحتذى به في المنطقة.
نهج مسرور بارزاني: رؤية قيادية للتنوع والوحدة
لا يمكن قراءة هذه الأحداث بمعزل عن النهج الذي يتبناه السيد مسرور بارزاني، والذي جعل من مبدأ التعايش والاحترام المتبادل حجر الزاوية في سياسات حكومة الإقليم الداخلية والخارجية.
لقد أثبتت القيادة الكوردستانية، بمرجعيتها الوطنية والإنسانية، أن بناء مجتمع مستقر ومزدهر لا يتحقق بالقوة أو الإقصاء، بل من خلال العدالة والمشاركة وقبول الآخر. ولهذا تعمل حكومة الإقليم منذ سنوات على تطوير الأطر القانونية والمؤسساتية لضمان حرية الأديان وحماية حقوق جميع المكونات القومية والدينية في كوردستان.
إن الرؤية التي يقودها السيد مسرور بارزاني تتجاوز الحدود الجغرافية، لتقدّم للعالم نموذجًا في إدارة التنوع، قائمًا على الاحترام المتبادل والشراكة الإنسانية. فهو يدرك أن كوردستان بتنوعها العرقي والديني والثقافي يمكن أن تكون نقطة التقاء بين الشرق والغرب، ومكانًا تتجسّد فيه معاني الأخوّة الإنسانية بأبهى صورها.
رسالة كوردستان إلى العالم
من أربيل، عاصمة التسامح والتعايش، انطلقت رسالة واضحة إلى العالم: أن كوردستان بقيادة السيد مسرور بارزاني هي أرض السلام والإنسانية، وأنها تُثبت بالفعل لا بالقول أن الأديان يمكن أن تتجاور وتتعاون وتبني معًا.
فالكنيسة التي افتُتحت ومعهد الأزهر الذي وُضع حجر أساسه يشكّلان معًا صورةً مزدوجة لكوردستان الحديثة: روح الإيمان وعقل المعرفة، عقيدة المحبة وفكر الاعتدال.
إنها رسالة تقول للعالم إن في كوردستان نموذجًا يُلهم شعوب المنطقة في كيفية تحويل التنوع إلى فرصة، والاختلاف إلى مصدر قوة بدل أن يكون سببًا للانقسام والاقتتال.
خاتمة
إن يوم التعايش والأخوة الذي شهدته كوردستان بقيادة السيد مسرور بارزاني لم يكن حدثًا عابرًا، بل لحظة تاريخية تُضاف إلى سجلّ الإقليم الزاخر بالمبادرات الإنسانية والحضارية.
لقد أكّد هذا اليوم أن كوردستان، بما تمتلكه من إرث حضاري وإنساني، قادرة على أن تكون منارة للتسامح والتفاهم في منطقةٍ أنهكتها الصراعات.
وهكذا، تواصل كوردستان السير بثبات على نهجها الإنساني، حاملةً إلى العالم رسالةً خالدة مفادها