التمثيل الكوردي ومسارات تعزيز الشراكة الاتحادية بعد انتخابات 2025

التمثيل الكوردي ومسارات تعزيز الشراكة الاتحادية بعد انتخابات 2025
التمثيل الكوردي ومسارات تعزيز الشراكة الاتحادية بعد انتخابات 2025

أسفرت انتخابات مجلس النواب العراقي لعام 2025 عن حصول القوى السياسية الكوردية بمجموعها على ما يقارب 20% من التمثيل البرلماني. ويمثل هذا الحجم النسبي حضوراً ثابتاً ومؤثراً داخل بنية النظام السياسي الاتحادي، بما يجعله ركيزة أساسية في تثبيت مبادئ الشراكة والفيدرالية التي نصّ عليها دستور 2005.

إن التحديات الدستورية التي واجهها الإقليم في السنوات الماضية - وخاصة في ملفات النفط والغاز، الموازنة، البيشمركة، والمناطق المتنازع عليها - تفرض مقاربة استراتيجية متماسكة، ترتكز على دور مؤسسي منسجم مع طبيعة المشاركة في الدولة الاتحادية، وليس على أي اعتبارات ظرفية أو خلل مؤقت في معادلات القوى السياسية.

المرتكزات الدستورية

يؤكّد دستور 2005 على:

الطبيعة الاتحادية للدولة العراقية.
الاختصاصات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والإقليم.
التوزيع العادل للثروات.
ضمان المشاركة الحقيقية في مؤسسات الدولة.
احترام خصوصية إقليم كوردستان ككيان إداري وسياسي معترف به دستورياً.
ورغم ذلك، برزت إشكالات في التطبيق العملي تمثلت في:

تفسيرات قضائية عززت النزعة المركزية.
قيود على المستحقات المالية للإقليم.
غياب تنفيذ المادة 140.
عدم دمج البيشمركة ضمن منظومة الدفاع الاتحادية وفق مفهوم الشراكة الدستورية.
الاستراتيجية المقترحة لتعزيز الدور الدستوري

1. توحيد الموقف داخل البرلمان:

إن امتلاك ما يقارب 20% من التمثيل البرلماني يمنح القوى الكوردية مجالًا لبناء تأثير تشريعي متوازن. ويتطلب ذلك:

تشكيل موقف برلماني منسق تجاه الملفات الدستورية.
تنظيم آليات العمل داخل اللجان النيابية المختصة.
ضمان الانسجام بين العمل البرلماني والعمل الحكومي للإقليم.
2. المشاركة الحكومية وفق إطار دستوري مكتوب:

لا بد أن تستند أي مشاركة في الحكومة الاتحادية إلى وثيقة اتفاق واضحة تضمن:

الالتزام بتطبيق المواد الدستورية الخاصة بالإقليم.
وضع جدول زمني لمعالجة الملفات العالقة، خصوصًا المادة 140.
تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي بما يضمن الشراكة، لا التبعية.
ضمان تدفق المستحقات المالية وفق آليات ثابتة وغير خاضعة للتجاذبات السياسية.
3. مقاربة قانونية منهجية مع المحكمة الاتحادية:

يشمل ذلك:

تقديم مذكرات طعن ودفاع دستورية ذات بناء قانوني رصين.
الدفع نحو صياغة واصدار قانون جديد او عالاقل تعديل قانون المحكمة الاتحادية بما ينسجم مع المادة 92 من الدستور.
تعزيز الحضور القانوني الكوردي في القضايا الاتحادية عبر مراكز بحث ودعم قانوني متخصص.
4. توسيع الحضور في مؤسسات الدولة الاتحادية:

إن التمثيل المؤسسي يوازي التمثيل البرلماني من حيث الأهمية، ويُفترض أن يشمل:

الوزارات السيادية.
الهيئات المستقلة.
مجلس الخدمة الاتحادي.
الأجهزة الرقابية.
هذا التمثيل ليس مطلباً سياسياً بل استحقاق دستوري يضمن المشاركة في إدارة الدولة.

5. دعم دولي ضمن الإطار السيادي:

يظل الدور الدولي مساعداً في:

متابعة تنفيذ الالتزامات الدستورية.
دعم الاستقرار السياسي.
تعزيز الإصلاحات المؤسسية.
على أن يتم ذلك كله في إطار احترام سيادة العراق ومؤسساته الاتحادية.

6. إدارة الملف الداخلي الكوردي:

لضمان الفاعلية في بغداد، يحتاج الإقليم إلى:

توحيد الخطاب السياسي تجاه القضايا الاتحادية.
تحسين الإدارة المالية والشفافية.
دمج وتنظيم قوات البيشمركة ضمن إطار مؤسساتي موحد.
الخلاصة:

يمثل حصول القوى الكوردية على ما يقارب 20% من المقاعد البرلمانية عاملًا استراتيجيًا مهمًا لتعزيز الشراكة الاتحادية، وليس ورقة ضغط ظرفية. وفي ظل التحديات المتراكمة بين بغداد وأربيل، تبرز الحاجة إلى مقاربة دستورية هادئة، رصينة، ومؤسساتية تستند إلى:

تنسيق برلماني محكم،
مشاركة حكومية مشروطة بوثيقة دستورية،
مسار قانوني منظم،
توسيع التمثيل المؤسسي،
إصلاح داخلي مستدام.
هذه المقاربة تمنح الإقليم القدرة على حماية حقوقه ضمن الدولة الاتحادية، وتُسهم في ترسيخ نموذج دستوري متوازن يعزّز الاستقرار السياسي للعراق ككل.