فصائل سورية معارضة تتقدم في مدينة حلب وتسيطر على بلدات استراتيجية في إدلب وحماة
أربيل (كوردستان 24)- سيطرت هيئة تحرير الشام وفصائل سورية حليفة لها السبت على "غالبية" مدينة حلب ومطارها في شمال سوريا، وتقدمت في محافظتين مجاورتين، في إطار هجوم مباغت دفع القوات الحكومية الى "الانسحاب" من مواقعها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبحثت روسيا، أبرز داعمي الرئيس بشار الأسد، السبت مع إيران، حليفته الأخرى، وتركيا الداعمة للفصائل المعارضة "التطور الخطير للوضع في سوريا". وأعلنت طهران أن وزير خارجيتها سيزور دمشق الأحد، في وقت دعت باريس إلى "حماية السكان المدنيين" في حلب، ثاني كبرى مدن سوريا.
وبدأت هذه الفصائل التي تشكل محافظة إدلب معقلها في شمال غرب سوريا، هجوماً غير مسبوق الأربعاء على مناطق سيطرة الجيش السوري في محافظة حلب، وتمكنت ليل الجمعة من دخول مدينة حلب، لأول مرة منذ استعادة الجيش بدعم روسي وإيراني السيطرة على المدينة بكاملها عام 2016.
وبعد ثلاثة أيام من هجومها المفاجئ، باتت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة) تسيطر مع فصائل معارضة متحالفة على "غالبية مدينة حلب ومراكز حكومية وسجون"، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وجاء ذلك بعدما تمكنت من التقدم ليلاً في المدينة "من دون مقاومة كبيرة" من الجيش السوري، وفق ما قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس.
وأوضح أن "محافظ حلب وقادة الشرطة والفروع الأمنية انسحبوا من وسط المدينة".
وقتل 16 مدنياً على الأقل السبت جراء "غارة شنّتها القوات الروسية على الأرجح، استهدفت سيارات مدنية لدى عبورها عند دوار الباسل في مدينة حلب"، إحدى النقاط التي تقدمت اليها الفصائل المقاتلة.
وشنّت طائرات حربية روسية غارات ليلاً على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ العام 2016. واستهدفت غارات روسية صباح السبت، وفق المرصد، حي الفرقان في المدينة "تزامناً مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة" إلى الفصائل المقاتلة.
والسبت، أقرّ الجيش السوري بدخول الفصائل المقاتلة إلى مدينة حلب.
ونقلت وزارة الدفاع عن مصدر عسكري قوله "تمكنت التنظيمات الإرهابية خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب" بعدما كان الجيش نفّذ عملية "إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع".
وقال إن ذلك جرى بعد "معارك شرسة" على "شريط يتجاوز 100 كيلومتر لوقف تقدمها وارتقى خلال المعارك عشرات من رجال قواتنا المسلحة".
وأعلنت إيران السبت أن "عناصر إرهابية" هاجمت مقر قنصليتها في حلب، مع تأكيدها أن جميع أفراد الطاقم الدبلوماسي بخير.
"خطوط انهارت"
وتمكنت الفصائل المعارضة بعد ظهر السبت من السيطرة على مطار حلب، ثاني أكبر مطار دولي بعد دمشق، ليصبح أول مرفق جوي مدني تحت سيطرتها.
وترافق ذلك مع تقدمها والفصائل المعارضة الناشطة معها إلى ريفي حماة الشمالي وإدلب الشرقي، حيث سيطرت على "عشرات البلدات الاستراتيجية" فيهما، بينها خان شيخون ومعرة النعمان (إدلب) واللطامنة ومورك وكفرزيتا (حماة).
وأتاح الهجوم سيطرة مقاتلي الفصائل على أكثر من 80 بلدة ومدينة في شمال سوريا بحسب المرصد، بما فيها مدينة سراقب الرئيسية جنوب حلب، والواقعة عند تقاطع طريقين سريعين يربطان دمشق بحلب واللاذقية.
منذ بدء الهجوم الأربعاء، أسفرت العمليات العسكرية عن مقتل 327 شخصاً على الأقل، 183 منهم من هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة ومئة من عناصر الجيش السوري والمجموعات الموالية له، إضافة إلى 44 مدنياً، وفق آخر حصيلة للمرصد.
ويثير التقدم السريع للفصائل الجهادية والمعارضة "من دون مقاومة" من القوات الحكومية، وفق المرصد تساؤلات.
ولاحظت الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة إن "خطوط النظام انهارت بوتيرة مذهلة فاجأت الجميع".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن "النظام السوري يبدو في هذه اللحظة كأنه متروك من حليفيه الرئيسيين، إيران وروسيا التي اكتفت حتى الآن بشنّ غارات شكلية".
وجاء الهجوم المباغت في وقت كان يسري في إدلب منذ السادس من آذار/مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو وأنقرة، وأعقب حينها هجوماً واسعاً شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.
حماية المدنيين
قالت الخارجية الروسية في بيان السبت إن الوزير سيرغي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان أعربا في اتصال هاتفي عن "قلقهما البالغ حيال التطور الخطير للوضع في سوريا.. وأكدا "ضرورة تنسيق عمل مشترك لضمان استقرار الوضع" فيها.
وأجرى لافروف اتصالاً مماثلاً بنظيره الإيراني عباس عراقجي، توافق خلاله الطرفان على ضرورة "تكثيف الجهود المشتركة بهدف ضمان استقرار الوضع في سوريا".
وفي وقت لاحق، قال متحدث باسم الخارجية الإيراني أن عراقجي "سيتوجه إلى دمشق الأحد لإجراء محادثات مع السلطات السورية"، قبل التوجه إلى تركيا لعقد "مشاورات حول القضايا الإقليمية، وخصوصاً التطورات الأخيرة".
ودعت الخارجية الفرنسية في بيان جميع الأطراف إلى "حماية السكان المدنيين" في حلب. وقالت إن التطورات العسكرية "تظهر الحاجة، بعد مرور ثلاثة عشر عاماً على بدء الحرب الأهلية السورية، إلى استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدون تأخير، من أجل التوصل أخيراً إلى حل سياسي" ينهي النزاع القائم.
وبدأ الهجوم الأربعاء خلال مرحلة حرجة يمر بها الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل وحزب الله الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب قوات النظام بسوريا.
ومنذ العام 2015، تمكنت القوات السورية بدعم من حليفيها إيران وروسيا من استعادة مناطق شكلت معاقل للفصائل المعارضة في شكل تدريجي. وساهم التدخل الجوي الروسي في تعديل كفة الميدان لصالح دمشق. ورغم ذلك، بقيت مناطق واسعة خارجة سيطرة القوات الحكومية.
واحتفظت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها بمناطق في محافظة إدلب وأجزاء متاخمة من محافظات حلب وحماة واللاذقية الماجورة، فيما سيطرت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد.
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً أودى بأكثر من نصف مليون شخص، ودفع الملايين إلى النزوح وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.
المصدر: أ ف ب