سامراء: مدينة التاريخ العريق تعاني من الإهمال وتدهور الخدمات

مدينة سامراء
مدينة سامراء

أربيل (كوردستان 24)- على الرغم من تاريخها العريق الذي جعلها في يوم من الأيام عاصمة للدولة العباسية ومركزًا للحضارة الإسلامية، تعيش مدينة سامراء العراقية اليوم واقعًا مريرًا من الإهمال وتدهور الخدمات الأساسية.

شوارع محفورة، ومشاريع متعثرة، ونقص حاد في الخدمات، هي الصورة التي ترسم ملامح الحياة اليومية لسكان المدينة التاريخية، الذين تحولت آمالهم في التنمية إلى خيبة أمل.

مشروع مجاري متعثر ومعاناة يومية

في شارع "العربوشي" التجاري، يضطر قيس ماجد، وهو صاحب محل، إلى كنس الغبار والأتربة من أمام متجره خمس مرات يوميًا.

هذا المشهد هو نتيجة مباشرة لمشروع شبكة المجاري الذي بدأ منذ أكثر من خمس سنوات ولم يكتمل بعد.

يقول قيس بمرارة: "إنجاز هذا المشروع أصبح أمنية لأهالي سامراء"، مشيرًا إلى أن الشوارع الرئيسية تحولت إلى حفر وأكوام من التراب، مما أثر سلبًا على الحركة التجارية وحياة المواطنين.

وتتفاقم المعاناة مع حلول فصل الشتاء، حيث يتوقع السكان أن تتحول الشوارع المحفورة إلى برك من الطين، مما يجعل حركة الطلاب والمواطنين شبه مستحيلة.

تناقض صارخ: ثروات هائلة وخدمات معدومة

تجلس سامراء على ثروات طبيعية واقتصادية هائلة؛ فالمدينة التي يخترقها نهر دجلة، تحتضن أكبر معمل لإنتاج الأدوية في العراق، ومحطة طاقة كهرومائية، وموارد نفطية، إلا أن هذا الغنى لا ينعكس على حياة سكانها.

يعاني الأهالي من نقص مزمن في مياه الشرب النظيفة وانقطاع مستمر للتيار الكهربائي، بالإضافة إلى تردي الخدمات الصحية، حيث لا تزال المستشفى الوحيدة في المدينة قيد الإنشاء منذ 15 عامًا.

ويعبر أحد المواطنين عن هذا التناقض قائلًا: "مليارات الدنانير صُرفت على سامراء، لكننا لا نرى أي تغيير على أرض الواقع"، مضيفًا أن المشاريع إما وهمية أو تسير ببطء شديد، مما يثير تساؤلات حول مصير الأموال المخصصة لهذه المشاريع.

تراث عالمي يطاله الإهمال

يزيد من حسرة الأهالي أن مدينتهم مدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، بفضل معالمها التاريخية الفريدة، وأبرزها "مئذنة الملوية" الشاهقة.

ورغم تخصيص ميزانية تقدر بمليارين وسبعمائة مليون دينار لإنشاء متحف بجوار هذا الصرح التاريخي، لم ير المشروع النور بعد 12 عامًا من إقراره، ولم يتحقق منه سوى حفرة كبيرة، في صورة تعكس حجم الإهمال الذي يطال تاريخ المدينة وحاضرها.

لقد تحولت "سر من رأى"، المدينة التي سُميت لجمالها الذي يسر الناظرين، إلى "ساء من رأى" في نظر أبنائها، الذين يشعرون بأن مدينتهم العريقة قد تُركت لمصير مجهول، وأن تاريخها وثرواتها لم تشفع لها لتنال أبسط مقومات الحياة الكريمة.

تقرير: هيمن دلو – كوردستان24 – سامراء

 
Fly Erbil Advertisment