كارثة مائية في الجنوب.. ومشاريع استراتيجية في كوردستان تؤمن الماء لعقود قادمة

أربيل (كوردستان 24)- يشهد العراق اليوم كارثة بيئية ومائية غير مسبوقة قد لا يكون لها مثيل في تاريخه الحديث.

فبعد أن كان نهر الفرات يروي أراضي محافظة الديوانية ويصل بمياهه العذبة إلى سكان قضاء عفك، تحولت مجاريه اليوم إلى مستنقعات شبه جافة ومكبات للنفايات.

يمرّ النهر في قلب المدينة، لكن سكانها يشترون مياه الشرب بأموالهم، بعدما جفّت ضفاف الأمل واندثرت معالم الحياة على أطرافه.

سيف علي – مواطن من الديوانية: "كنا نعيش على ماء الفرات، واليوم لا نجرؤ حتى على استخدامه للغسل… صار لونه ورائحته لا تطاق".

عباس جبار – مواطن: "الفرات الذي كان رمز الحياة، أصبح مصدر قلق. لم يعد صالحًا للشرب ولا للري".

ووفقًا للإحصاءات الرسمية، تراجعت استفادة العراق من مياه الأنهار بشكل حاد خلال السنوات الأخيرة.

فقد انخفضت نسبة واردات نهر دجلة إلى 29%، ونهر الفرات إلى 73%، ليحصل العراق اليوم على أقل من 35% من احتياجاته المائية.

كما انخفض منسوب الخزين المائي في البلاد من 10 مليارات متر مكعب إلى 8 مليارات فقط بين شهري أيار وأيلول من العام الحالي.

تقول التقارير إن الماء لا لون له ولا طعم ولا رائحة، لكن في الديوانية صار له لون ورائحة وطعم مرّ يعكس مأساة الجنوب العراقي.

مشهد مختلف في أربيل: مشاريع استراتيجية لحماية المياه

وفي مقابل هذا المشهد القاتم في الجنوب، يختلف الوضع تمامًا في أربيل عاصمة إقليم كوردستان، حيث تتواصل المشاريع الاستراتيجية لتأمين المياه الصالحة للشرب وفق أعلى المعايير الدولية.

أحمد عبد الصمد – مراسل كوردستان24 من أربيل:  "هذه القنينة من مياه منطقة دارتوو، لا لون لها ولا رائحة ولا طعم… جلبناها إلى مختبر مشروع إمدادات المياه الطارئة في أربيل للتأكد من مطابقتها لمعايير منظمة الصحة العالمية".

في مختبر فحص المياه التابع لمشروع نقل المياه السريع إلى أربيل، تُجرى يوميًا أكثر من 100 تجربة مخبرية على عينات تُجمع من مختلف أحياء المدينة، وتُقارن النتائج بالمعايير الدولية خلال أقل من 24 ساعة.

مبست عبد الله – موظف مختبر في مشروع إمداد المياه الطارئة:  "نأخذ يوميًا نحو ست عينات من مناطق مختلفة، ونُجري على كل منها ستة عشر فحصًا. نتائج فحوص مياه منطقة دارتوو أكدت أنها صالحة بنسبة 100% للاستخدام البشري".

______________

مشروع إستراتيجي للمستقبل

يُعد مشروع إمدادات المياه الطارئة لأربيل من أبرز المشاريع الاستراتيجية في الإقليم، إذ يوفر في مرحلته الأولى 240 ألف متر مكعب من المياه يوميًا لمركز المدينة، ما يسهم في حل أزمة المياه لمدة تصل إلى 30 عامًا قادمة.

هيمن نظيف – مدير المشروع: "استطعنا من خلال هذا المشروع إيقاف تشغيل نحو 450 بئرًا مائيًا للحفاظ على المياه الجوفية. ندعو المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك لأن المياه ثروة وطنية لا تُقدّر بثمن".

وخلال عام واحد فقط، انتقل المشروع من مرحلة وضع الأساس إلى مرحلة الضخ الفعلي بطاقة بلغت 480 ألف متر مكعب يوميًا من المياه الصالحة للشرب.

كما أنجزت حكومة إقليم كوردستان عددًا من المشاريع المائية الأخرى لتأمين مصادر مستدامة ونظيفة للسكان في عموم محافظات الإقليم.

بين نهر الفرات الذي يختنق في الجنوب والمشاريع التي تنبض بالحياة في كوردستان، تتجلى المفارقة الكبرى بين الإهمال والتخطيط، وبين العطش والنهضة.

فبينما تجف الأنهار في الجنوب، تضخ كوردستان الماء والأمل… بإدارة رشيدة ورؤية بعيدة المدى.

 

تقرير مشترك: ديلان بارزان – الديوانية وأحمد عبدالصمد – أربيل كوردستان24

 
Fly Erbil Advertisment