المرصد السوري: "530 امرأة سورية قتلت في سنة".. جريمة لا تغتفر
أربيل (كوردستان24)- 530 صرخة ترافقها آلام وأحزان، وضعف ناتج عن قصص لم تُروَ بعد، وحكايات دُمّرت، وروايات تستحق الاطلاع، لكن يد الغدر كانت الأقرب. صرخات النساء السوريات لم يوقفها انهيار النظام السابق وسيطرة أحمد الشرع على السلطة، ولن تتوقف ما دامت الذهنية الإقصائية والعقلية الأبوية والنوايا الخبيثة سائدة.
530 امرأة قُتلن في مختلف المناطق على يد أطراف متعددة وجماعات، وفق توثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان، حيث يستمر التنكيل بالنساء وقتلهن على أساس النوع الاجتماعي دون أن تعير السلطة الملف الأهمية التي يستحق، بل تواصل صمتها إزاء الانتهاكات الخطيرة التي تستهدف النساء وتصل حد الحرمان من الحق في الحياة، هذا الحق الذي يعتبر الحجر الأساس للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فلا حقوق أخرى تلي هذا الحق.
ومع هذه الأيام الأممية ال16 لمجابهة كافة أشكال العنف ضد النساء، يؤكد المرصد أن النساء السوريات الأكثر استهدافًا من قبل صُناع وتُجار الصراعات التي تتفجرُ كل فترة بمنطقة، حيث لا تزال النساء واقعات ضمن دوائر العنف التي تقتحم كل البيوت وتستهدف إيذاء الكل دون استثناء.
وبالرغم من الحديث عن دور جديد ومحوري لهذه الفئة الهشة بتقييم المجتمع الذكوري، إلا أن الواقع يكشف العكس، إذ تغرق السوريات في بحار من التهميش والاستغلال بشتى أنواعه.
ومع الخطف الذي بات اليوم وسيلة ترهيب وتخويف جديدة، والعنف النفسي والمادي والجنسي، تبرز اليوم أنواع أخرى من العنف الخفي على غرار العنف الرقمي، حيث تعاني الناشطات وحتى المواطنات من حملات تشويه وتنمر وتحريض ضدهن بسبب دينهن أو طائفتهن أو توجههن السياسي، ولا أحد اليوم قادر على إيقاف هذا "الاستفزاز الإلكتروني".
العنف الرقمي: بشاعة من وراء الشاشة
وتقول ب. ر. ت. في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان: “فكرتُ في الانتحار مرتين بسبب العنف الذي تلقيته على صفحة الفايسبوك الخاصة بي، ذباب إلكتروني هاجمني بعد إعلان مساندتي للطائفة العلوية، تم تكفيري والتحريض ضدي، وتم إرسال صور لي في مشهد غير لائق باستخدام الذكاء الاصطناعي، ولأني لم أتعرض لهذا العنف سابقًا، خفت من ردة فعل والدي المسن والذي لن يتفهم ما يحدث، هربًا من هؤلاء أغلقت صفحاتي وفتحت أخرى باسم مستعار”.
وتابعت: “كنت على حافة الجنون، التهجم عليّ لأنني ساندت طائفة ما؟ عجب يا وطن تهان فيك النساء، أغلقت صفحاتي خوفا على أسرتي لا منكم”.
تشويه الأخلاق وسيلة ترهيب
أما س. ع، وهي أصيلة إدلب التي يسيطر عليها التوجه اليميني، تقول للمرصد السوري لحقوق الإنسان: “في مجتمع منغلق وشديد الحساسية في ما يتعلق بالسلوك الشخصي للمرأة، واجهت تشويهًا حيث أُتهمت بتهم تمس الجانب الأخلاقي، ولأني أرملة وأم لطفلتين، خفت مما سمعت وخشيت أن تنصب لي المشانق وأنا المتهمة بمرافقة شيخ، فهربت بين ليلة وضحاها حفاظًا على ما بقي لي من كرامة، لأنني أرملة ووحيدة دون أسرة، أُعتدي عليّ لا بالضرب بل اعتداء نفسي وروحي، غادرت إدلب أين تقتل النساء بصمت وتنتهك حرمتهن الجسدية باسم الدين”.
قصص كثيرة من الواقع نتلقاها توثق درجة العنف الذي تعانيه السوريات، بين العنف النفسي والمادي والاقتصادي والسياسي، يكابدن عله يأتي يوم ينصفن فيه بقضاء عادل ونزيه وشفاف ينظر للمرأة كإنسان كامل الحقوق والواجبات، من حقه العيش بأمان وسلام وحرية.
العنف مزدوج: بين السلطة والمجتمع
وقالت الناشطة النسوية نجوى الطويل، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن وضع النساء في سوريا في أسوأ مرحلة مقارنة بأكثر من عقد من الزمن، حيث تعاني النساء من كافة أشكال العنف وتقاومن من أجل العيش في ظل استمرار النزوح والخطف والاغتصاب وتدنيس السمعة كسلاح يُستخدم للترهيب، علاوة على العنف السيبراني أو الرقمي، إذ تكثفت حملات التشويه المستهدفة للنساء الناشطات خصوصًا.
ولفتت إلى أنهن بحاجة إلى الدعم والمناصرة لإيقاف هذه الجرائم ضدهن.
وأوردت أن النساء الدرزيات والعلويات والكرديات وغيرهن يقاومن لا الإقصاء المبني على الطائفة فقط، بل يقاومن الموت لأنهن رفضن أن يكن العصا التي يُضرب بها المجتمع ويصبح مواليا لسلطة لا تعبر عن طموحاته وأهداف ثورته المسروقة.
واعتبرت أن النساء مستهدفات أكثر من أي وقت مضى، ويحتجن لحماية حقيقية وأمان ودعم نفسي وصحي ليعشن. وأشارت إلى معاناة النساء مع النزوح والعنف الذي تتعرضن له لأنهن نساء، مؤكدة أن انتهاء هذه الأساليب يكون بالاستقرار السياسي والأمني وفي دولة تحترم الأقليات والطوائف والاختلاف، ودولة تؤمن وتحترم النساء لا تمارس عليهن الظلم والتحقير والعنف.
وأفادت بأن حكومة أحمد الشرع لا تعترف بالنساء ولا تحترمهن، ليل صعود ست نساء فقط لمجلس الشعب ووجود امرأة في الحكومة في منصب بارز، وغيرها من التصرفات التي تبين أنها حكومة عدوة للنساء. وأشارت إلى غياب القوانين التي تحمي النساء والمعنفات، إضافة إلى عدم إيلاء الموضوع الأهمية القصوى، بل استقصاد عدم التركيز على القضايا النسوية، وكأنها رسالة تغطي الضوء الأخضر لاستمرار التهميش.
وشددت على أن النضال لازال مستمرًا مهما كانت العوائق، وتحتاج المسيرة رؤية واضحة وحقيقية لحماية النساء أكثر وتوفير الأرضية الملائمة للدفاع عن قضاياهن. ودعت بعض المنظمات النسوية إلى إعادة النظر لتبنيها فعلا لقضية النساء وكيفية السير حذو الضغط من أجل حقوق أوسع.
تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان
