"وحدة الاغتيالات" تعصف بآمال ناشطي البصرة وتدفعهم لمغادرة "الجحيم"

قُتل في البصرة - المطلة على الخليج - نحو 64 ناشطاً ومتظاهراً منذ أن تفجرت الاحتجاجات في بغداد ومدن الجنوب

استمرت الاحتجاجات أشهراً عديدة للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي
استمرت الاحتجاجات أشهراً عديدة للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي

أربيل (كوردستان 24)- لا يزال الناشطون المدنيون يتلقون تهديدات بالقتل والتصفية في بغداد والمدن الجنوبية وخصوصاً في مدينة البصرة.

ولعب الناشطون دور المحرك الرئيسي للاحتجاجات المناهضة للنخبة السياسية الحاكمة في البلاد وللأحزاب التي تفرض قبضة حديدية على مدن الجنوب.

ولا تحمل شعارات الناشطين سقفاً مرتفعاً من المطالب بقدر ما هي مطالبات لتحسين الحياة المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية وخلق فرص عمل لجيش من الخريجين العاطلين عن العمل في واحدة من أغنى مدن العالم لكنها ترزح في أسوأ أوضاعها المأساوية.

وقُتل في البصرة - المطلة على الخليج - نحو 64 ناشطاً ومتظاهراً منذ أن تفجرت الاحتجاجات في بغداد ومدن الجنوب للمطالبة برحيل النخبة الحاكمة. وفي الشهر الماضي فقط قتل 12 متظاهراً وناشطاً بطرق مختلفة ومنها التصفيات الجسدية عبر "وحدة الاغتيالات".

ويقول ذوو أحد الناشطين من الذين اغتيلوا بالرصاص إن العديد من الناشطين قد غادر البصرة بسبب التهديدات المستمرة من قبل الجماعات المسلحة.

وبدأت شرارة الاحتجاجات الأخيرة في البصرة التي تشهد تردياً في بنيتها التحتية على الرغم من اعتماد العراق على وارداتها بنسبة 95 بالمئة.

وقال صفاء العراقي، وهو من سكنة البصرة "سنزيل خيامنا هذه المرة، وإذا لم تتم تلبية مطالبنا... سنفصل محافظة البصرة عن العراق".

وأفشلت الأحزاب السياسية ذات النفوذ القوي في الجنوب مبادرات مدنية سابقة لجعل البصرة إقليماً مستقلاً تستلهم فكرتها من إقليم كوردستان.

ولا تزال صور ضحايا الاحتجاجات معلقة في شوارع البصرة، وأغلبهم من الشباب الذين كانوا يحلمون بالعثور على وظيفة ومصدر عيش.

ومن بين تلك الصور واحدة تعود للناشط البارز عمر فاضل الذي اغتيل في الفترة الأخيرة بمدينة البصرة. ويقول أحد أقاربه متحدثاً لكوردستان 24، إن البصرة قد تفرغ من الناشطين.

وقال رائد حسين "معظم الناشطين الآن إما في السجون أو فروا من مدينتهم.. الكثير منهم معرضون للخطر ويُطاردون باستمرار".

وتابع "أصبحت البصرة جحيماً هائلاً للناشطين.. الكثير هربوا والميليشيات المسلحة لا تزال تقتل من تبقى منهم".

وعلى الرغم من عمليات التصفية الجسدية، لا يزال عشرات من الناشطين مجهولي المصير، ليس في البصرة وحدها بل في مدن جنوبية أخرى وكذلك بغداد.

وفي 25 تشرين الأول أكتوبر الماضي، تجمع العديد من العراقيين في الساحات العامة بمحافظات عدة بما في ذلك البصرة، إحياءً للذكرى الأولى للاحتجاجات التي باتت تعرف بـ"ثورة تشرين" والتي تفجرت للتعبير عن رفض الفساد والنخبة السياسية الحاكمة في البلاد منذ 17 عاماً.

واستمرت الاحتجاجات أشهراً عديدة للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي، وأسفرت عن سقوط مئات القتلى وآلاف المصابين في مواجهات دموية مع قوات الأمن. وتكللت في نهاية المطاف بإسقاط الحكومة التي كان يقودها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

وبعد الإطاحة بعبد المهدي، انتخب البرلمان مصطفى الكاظمي لقيادة الحكومة في مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات مبكرة في ظل وضع اقتصادي صعب وسط أزمة صحية في أعقاب تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط عالمياً وارتفاع العجز المالي للبلاد.

وقد بلغ السيل الزبى بالعراقيين الذين يعيشون في أوضاع متدهورة بعد أعوام من هزيمة تنظيم داعش رغم ما تملكه بلادهم من ثروة نفطية هائلة. ولم تمتد يد الإصلاح إلى البنية التحتية التي حاق بها الخراب، كما أصبحت الوظائف نادرة في ظل فساد متنامٍ.

ويقول الكثير من المحتجين في أحاديث متفرقة لكوردستان 24، إن مظاهراتهم لن تتوقف وإنهم ماضون في هذا الطريق حتى التغيير الشامل.

  • تسلسل زمني للاحتجاجات
  • حشّد ناشطون للتظاهرات في تشرين الأول 2019 لإسقاط عبد المهدي، لتبدأ بعدها الاحتجاجات لكنها قوبلت برد عنيف من قوات الأمن باستخدام الرصاص الحي.
  • استخدمت قوات الأمن القنابل الصوتية ورشاشات المياه والغاز المسيل للدموع وبنادق الصيد وحرق الخيام ووسائل عنيفة أخرى.
  • أعلنت السلطات العراقية عن حظر التجوال في العاصمة بغداد، وأغلقت الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير. وكذلك تم حظر مواقع التواصل الاجتماعي وقطع خدمة الإنترنت في جميع أنحاء البلاد باستثناء إقليم كوردستان.
  • بعدها بدأت حملة اغتيالات وقتل منظمة ضد الناشطين والناشطات كذلك تم اختطاف العديد منهم بينما لا يزال بعضهم مجهول المصير.
  • طالبت منظمات عالمية ودول عديدة بغداد بالكف الفوري عن استخدام العنف ضد المتظاهرين، وطالبت بإنهاء الحظر على شبكة الإنترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
  • وجهت المرجعية الدينية الشيعية في النجف أربعة مطالب للحكومة، تقضي بتشكيل لجان حكومية لمحاربة الفساد، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وتحسين الخدمات، وإنهاء الفساد، غير أن تلك المطالب لم تتحقق رغم الوعود المتكررة.
  • وعد عبد المهدي بتنفيذ حزمة قرارات لمكافحة الفساد، ووعد بتوزيع قطع أراضي سكنية وتوفير رواتب للعوائل التي لا معيل لها، ووعد بفتح باب التطوع في الجيش، لكن ذلك لم يتحقق وطالب المتظاهرون رئيس الوزراء بمغادرة السلطة.
  • المتظاهرون أخذوا يصعّدون فبدأوا بحرق مقار الأحزاب الحاكمة في الكثير من مدن الجنوب وخصوصاً في البصرة وذي قار وميسان.
  • في 25 من تشرين الأول حاول المتظاهرون اقتحام المنطقة الخضراء، لكن قوات الأمن ردت بقوة وسقط على إثر تلك الصدامات الكثيرون.
  • دعا المتظاهرون إلى العصيان المدني والإضراب العام، فشُلّت الحياة في الكثير من المؤسسات العامة بعد أن أغلقوها عنوة بما في ذلك المرافق النفطية.
  • استمرت الاحتجاجات لحين استقالة عبد المهدي في 29 من تشرين الثاني نوفمبر 2019، كما استقال عدد من المحافظين وقادة الشرطة.
  • بعد استقالة عبد المهدي، خفت حدة التظاهرات لكنها لم تنته كلياً وظلت القلة القليلة في ساحة التحرير على الرغم الاعتداءات المتكررة عليهم.
  • إلى جانب المطالب الخدمية، ردد المتظاهرون شعارات ضد النفوذ الإيراني والأمريكي في العراق، وما زالوا يرددون تلك الهتافات.

 

شارك في التغطية سوران كامران

Fly Erbil Advertisment