حلبجة: مدينة بلا أطفال متسولين.. كبرياء أهلها يحصّنها من الظاهرة

أربيل (كوردستان24)- في مشهد نادر على مستوى المدن العراقية، تخلو شوارع مدينة حلبجة تماماً من ظاهرة تسول الأطفال أو الشحاذة في الأماكن العامة، ما يجعلها نموذجاً فريداً من نوعه ويثير التساؤلات حول سر هذا الواقع المختلف.

ورغم التاريخ المأساوي للمدينة التي تعرضت لهجوم كيميائي مروع في عام 1988 وراح ضحيته أكثر من خمسة آلاف شخص، وما زال العديد من الناجين يعانون من آثار تلك الجريمة، فإن حلبجة ظلت صامدة بكبرياء، وحافظت على خصوصيتها الاجتماعية بعيداً عن ظواهر الفقر المدقع والتسول العلني.

خلال جولة ميدانية لفريق كردستان24 في شوارع المدينة، لم يُشاهد أي طفل متسول، ولا حتى شخص واحد يمارس هذا السلوك. هذا الواقع حظي بإشادة من السكان وسائقي السيارات الذين أكدوا أن هذه الظاهرة لم تكن يوماً جزءاً من حياة أهل المدينة.

عثمان خيل حمه يي، أحد سائقي الأجرة، يقول: "الحمد لله في حلبجة لا نرى أي طفل أو متسول، وهذا يبعث على السرور. أتنقل يومياً في المدينة، وهذه الظاهرة ببساطة غير موجودة".

من جانبه، يرى محمد جلال، عامل نظافة في المدينة، أن "التسول أمر مشين وعيب. على الإنسان أن يعمل بكرامة، حتى لو كان عمله بسيطاً، لا حاجة لأن يمد يده لأحد".

أما علي محمود، سائق آخر، فيعزو الأمر إلى كرامة وكبرياء أهالي حلبجة، ويقول: "حتى في أوقات الحرب والكيماوي والأنفال، لم يلجأ أهل حلبجة للتسول، وهذه قيمة نعتز بها".

وفي الجانب الرسمي، أوضح دانا حمه شريف، مدير التنمية والرقابة الاجتماعية في المحافظة، أن المديرية تعمل بشكل مستمر على الحد من الظاهرة. وقال: "تمكّنا من السيطرة الكاملة على ظاهرة التسول، سواء بين الأطفال أو بين اللاجئين الذين ليسوا من أبناء المدينة. نركز كثيراً على توعية الأطفال وتربيتهم داخل المؤسسات التعليمية والمجتمعية".

وتُعرف حلبجة، التي يبلغ عدد سكانها قرابة 150 ألف نسمة، بأنها مدينة متماسكة اجتماعياً، وتحظى بسمعة طيبة في مجال التعايش والثقافة والانضباط المدني. وتُعدّ خلوّها من المتسولين دليلاً واضحاً على نجاحها في الحفاظ على تلك الخصائص.

وبينما تمتلئ مدن أخرى بمظاهر التسول عند التقاطعات والإشارات الضوئية، تبقى حلبجة استثناءً جميلاً يؤكد أن الكرامة المجتمعية والرقابة الرسمية يمكن أن تصنعا فرقاً حقيقياً.


تقرير اسان محمد – كوردستان24 – حلبجة

 
Fly Erbil Advertisment