مشروع "روناكي".. ضوء كهربائي قد يطفئ شبح السرطان في السليمانية

أربيل (كوردستان24)- في مدينة السليمانية، التي تعاني من ارتفاع مستمر في معدلات الإصابة بالسرطان، يبدو أن مشروعاً حكومياً جديداً قد يحمل بصيص أمل لتغيير هذا الواقع. مشروع "روناكي"، الذي أطلقته حكومة إقليم كوردستان لتوفير الكهرباء على مدار الساعة، لا يعد بتحسين مستوى الخدمات فقط، بل أيضاً بالمساهمة في خفض التلوث وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بانبعاثات مولدات الكهرباء، التي لطالما كانت جزءاً من الحياة اليومية للسكان.

أرقام مقلقة.. وضوء في نهاية النفق

بحسب إحصاءات مستشفى "هيوا" المتخصص في علاج السرطان في السليمانية، تم تسجيل 3310 حالات إصابة بالسرطان خلال عام 2024، من بينها 201 طفلاً. أما في النصف الأول من عام 2025 وحده، فقد تم تشخيص 2681 حالة جديدة، مما يسلط الضوء على حجم التحدي الصحي المتنامي في الإقليم.

مدير المستشفى، الدكتور ياد نقشبندي، أكد في حديثه لكوردستان24 أن تحسين نوعية الهواء ومراقبة الأغذية من الخطوات الجوهرية لمواجهة هذا التحدي، وقال:

"التحكم في مصادر التلوث، وخاصة المولدات الكهربائية والمصانع، أمر ضروري. وقد لا تظهر النتائج فوراً، لكن كما نشهد اليوم تداعيات تدهور البيئة الذي بدأ قبل 15 عاماً، نحن على يقين أن خطوات اليوم ستكون لها آثار إيجابية في العقد المقبل."

دراسة بيئية تكشف المخاطر

فريق من خبراء جامعة السليمانية أجرى دراسة علمية امتدت بين عامي 2018 و2023، توصلوا فيها إلى أن الغازات المنبعثة من المولدات، مثل أول أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين، لها تأثيرات مباشرة على صحة الإنسان وتساهم في التغيرات المناخية.

الخبير البيئي صالح نجيب، قال لكوردستان24:

"ركزنا على ستة أنواع من الغازات، ووجدنا أن بعضها مسبب مباشر للتغير المناخي، بينما تؤثر أخرى بشكل خطير على صحة الإنسان. وجود أول أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين بنسبة عالية في الهواء يعني أننا نعيش وسط بيئة ملوثة، تزيد من فرص الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان."

"روناكي".. مشروع بيئي وصحي

مشروع "روناكي" لا يهدف فقط إلى توفير الكهرباء المستمرة للمواطنين، بل يحمل بعداً بيئياً مهماً. فمع دخول المشروع حيّز التنفيذ في السليمانية، سيتم إيقاف نحو 7 آلاف مولدة أهلية عن العمل، ما يعني خفضاً كبيراً في نسب تلوث الهواء داخل الأحياء السكنية.

وبدل استخدام مصادر كهرباء متعددة، سيدفع المواطن فاتورة واحدة شهرية يتم احتسابها حسب الاستهلاك، مما يشجع أيضاً على ترشيد الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود.

نحو مستقبل أنظف وصحة أفضل

في وقت يبحث فيه المواطنون عن حلول واقعية لمشاكل الكهرباء والتلوث، يبدو أن مشروع "روناكي" قد يمثل تحولاً نوعياً في نمط الحياة بالمدينة، ليس فقط بتحقيق الاستقرار الخدمي، بل أيضاً بكسر الحلقة التي تربط بين البيئة الملوثة وارتفاع الأمراض المزمنة.

ومع الجهود المتواصلة من القطاع الصحي والبيئي، يتطلع سكان السليمانية إلى أن تكون السنوات المقبلة بداية لانخفاض تدريجي في أرقام الإصابة، في مدينة ظلت طويلاً تحت عبء الدخان والضباب. 

تقرير : داليا كمال - كوردستان24 - السليمانية

 
Fly Erbil Advertisment