صناديق الاقتراع في مرمى النيران: الاغتيالات والعنف يهددان المسار الديمقراطي في العراق

أربيل (كوردستان 24)- مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، تلقي سحابة قاتمة من العنف بظلالها على المشهد السياسي في العراق، حيث تتصاعد لغة الرصاص لتخفت أصوات الحملات الانتخابية، وتتحول المنافسة السياسية إلى ساحة محفوفة بالمخاطر.
موجة من الاغتيالات ومحاولات التصفية الجسدية استهدفت عددًا من المرشحين، مما أثار مخاوف عميقة بشأن أمن العملية الانتخابية برمتها ونزاهتها.
رصاصة في قلب الديمقراطية
كان المشهد الأكثر دموية هو اغتيال المرشح البارز عن "تحالف السيادة"، صفاء المشهداني، الذي لقي حتفه في انفجار عبوة لاصقة استهدفت سيارته في قضاء الطارمية شمالي العاصمة بغداد.
الحادثة التي وصفت بـ"العمل الإرهابي الجبان"، لم تكن مجرد استهداف لشخص، بل رسالة دموية موجهة إلى كل من يسعى للمشاركة في العملية السياسية.
وفور وقوع الحادث، أمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بفتح تحقيق عاجل، بينما توالت الإدانات من مختلف الأوساط السياسية التي طالبت بوضع حد للانفلات الأمني.
سلسلة من التهديدات لا تتوقف
لم تكن حادثة المشهداني معزولة، بل جاءت ضمن نمط متكرر من العنف المنظم. فقد نجا موكب المرشحة ماجدة العرداوي في كربلاء من هجوم مسلح.
فيما سُجلت حوادث إطلاق نار ومحاولات اغتيال أخرى في بغداد ومحافظات جنوبية، مما يؤكد أن الخطر يتربص بالمرشحين على امتداد الخارطة العراقية.
هذا الواقع المقلق دفع مفوضية الانتخابات إلى الإقرار بتلقيها شكاوى رسمية من مرشحين تعرضوا لتهديدات مباشرة.
وأكدت مسؤولة في المفوضية، في تصريح لها، أن هناك تنسيقًا مع اللجنة الأمنية العليا للانتخابات لمتابعة هذه الخروقات.
مشيرة إلى أن الإجراءات القانونية قد اتُخذت لمخاطبة الجهات المعنية بترشيح بديل عن المرشح المغدور.
السلاح المنفلت.. خنجر في خاصرة الدولة
يرى مراقبون أن تصاعد العنف الانتخابي هو نتيجة مباشرة لانتشار السلاح خارج سيطرة الدولة وهيمنة بعض الفصائل المسلحة.
وفي هذا السياق، دقّ سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، ناقوس الخطر، معتبرًا أنه "طالما وُجدت جماعات مسلحة تستخدم السلاح لتحقيق أهداف سياسية، فلن تقوم ديمقراطية حقيقية في العراق".
وألمح فهمي إلى أن هذه الهجمات غالبًا ما تكون عمليات مدبرة تقف خلفها أجندات تهدف إلى تقويض العملية السياسية وإعادة رسم المشهد وفقًا لمصالحها.
مع كل رصاصة تُطلق وكل تهديد يُعلن، تزداد الشكوك حول إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
فهل ستنجح الدولة العراقية في حماية مرشحيها وتأمين صناديق الاقتراع، أم أن صوت الرصاص سيكون أعلى من أصوات الناخبين؟
الإجابة عن هذا السؤال سترسم ملامح مستقبل الديمقراطية المتعثرة في بلاد الرافدين.