كوردستان تخطط والعراق ينتظر المطر: استراتيجيات متباينة لمواجهة الجفاف

أربيل (كوردستان 24)- يواجه العراق، المصنف خامس أكثر دول العالم تأثرًا بالتغير المناخي، تهديدًا وجوديًا يتمثل في شبح الجفاف والتصحر الذي يزحف بسرعة ليبتلع أراضيه الخصبة.

ففي الوقت الذي تتحول فيه مناطق شاسعة في وسط وجنوب البلاد إلى أراضٍ قاحلة، وتجف فيه الأنهار وتموت بساتين النخيل، يرسم إقليم كوردستان صورة مغايرة تمامًا من خلال مشاريع استراتيجية لحصاد المياه وبناء السدود.

صرخة من الجنوب: "لا ماء ولا زرع"

في مناطق جنوب العراق، المشهد مأساوي. الأنهار التي كانت يومًا مصدر الحياة، مثل نهر الفرات، انحسرت مياهها بشكل كبير، تاركة وراءها قيعانًا متشققة وقوارب صيد مهجورة.

بساتين النخيل الشاسعة، التي كانت فخر الزراعة العراقية، بدأت تموت واقفة، وتحولت إلى هياكل جرداء.

هذه الكارثة البيئية دفعت المزارعين إلى حافة اليأس. علي عبد الكاظم، وهو مزارع تضرر بستانه بالكامل، يلقي باللوم على غياب الخطط الحكومية بعيدة المدى.

ويقول: "يجب على الحكومة أن تضع خططًا لخمسين عامًا قادمة، من خلال بناء السدود وتخزين المياه".

فبدون مياه، لم يعد هناك زراعة، وهو ما أجبر العديد من العائلات على هجرة قراهم وأراضيهم التي عاشوا فيها لأجيال، بحثًا عن مصدر رزق بديل. وقد بدأت ظاهرة الهجرة البيئية بالفعل في أكثر من 20 منطقة في العراق، حيث تختفي قرى بأكملها بعد أن هجرها سكانها.

كوردستان تواجه التحدي: خطط استراتيجية وأمن مائي

على النقيض تمامًا، تتبع حكومة إقليم كوردستان استراتيجية واضحة لمواجهة أزمة المياه.

فمن خلال خطة مدروسة، تعمل على بناء السدود والبحيرات الصغيرة (البحيرات الاصطناعية) لتخزين مياه الأمطار والحفاظ على المياه الجوفية.

وتظهر الأرقام حجم الإنجاز في هذا المجال: 

خلال السنوات الأربع الماضية، تم بناء 8 سدود و 8 بحيرات.

يجري العمل حاليًا على إنشاء 43 حوض مائي أخرى.

من المخطط إنجاز 24 سدًا جديدًا هذا العام فقط.

هذه المشاريع لا تهدف فقط إلى توفير مياه الشرب والزراعة، بل تساهم أيضًا في إنعاش البيئة ودعم قطاع الثروة الحيوانية.

حسن صاير، أحد مربي الماشية، يعبر عن ارتياحه بعد بناء أحد السدود بالقرب من قريته، قائلًا: "في السابق كان الوضع سيئًا جدًا، لكن الآن الحمد لله، السد يوفر المياه لنا ولحيواناتنا".

ويشير الناشطون البيئيون إلى أن غياب خطة مماثلة لدى الحكومة الاتحادية لمواجهة الجفاف هو السبب الرئيسي وراء تفاقم الأزمة في بقية أنحاء العراق، على الرغم من تخصيص ميزانيات ضخمة لقطاع البيئة.

وبهذا، يقف العراق أمام مفترق طرق حاسم، بين مناطق تموت عطشًا بسبب غياب التخطيط، وإقليم يؤمّن مستقبله المائي بخطوات عملية ومدروسة.

 
 
Fly Erbil Advertisment