البصرة.. أغنى مدن العراق نفطاً وأفقرها خدمياً: السوداني يزورها وسط انتقادات وسخط شعبي

مدينة البصرة
مدينة البصرة

أربيل (كوردستان 24)- في وقت تشهد فيه المدن الجنوبية أوضاعاً معيشية وخدمية صعبة، أثارت زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى محافظة البصرة موجة من التعليقات والانتقادات، إذ اعتبرها مراقبون جزءاً من الحملة الانتخابية المبكرة أكثر من كونها جولة حكومية خدمية.

المحلل الاقتصادي نبيل المرسومي، وهو من سكان البصرة، كتب في منشور له على فيسبوك تعليقاً على الزيارة، قال فيه إن البصرة “التي تنتج ثلاثة أرباع نفط العراق وتُعدّ بوابته البحرية الوحيدة، لم تتلقَّ هذا العام ديناراً واحداً من أموال تنمية الأقاليم أو البترودولار، كما لم تستلم إيرادات منافذها الحدودية منذ شهر آب الماضي.”

البصرة: ثروة بلا نصيب

البصرة، التي تموّل الموازنة العامة بأكثر من 100 تريليون دينار سنوياً، تعاني من غياب الخدمات الأساسية، وارتفاع نسب التلوث والبطالة، وشحّ المياه الصالحة للشرب.

فهي المدينة التي تنتج النفط وتستنشق السموم وتشرب الماء المالح، كما وصفها المرسومي، مشيراً إلى المفارقة الكبيرة بين ما تقدّمه البصرة للعراق وما تحصل عليه بالمقابل.

ويضيف المرسومي: "البصرة هي العاصمة الاقتصادية للعراق، لكنها تُدار بعقلية المحافظات المهمشة. لا مشاريع خدمية حقيقية، ولا إنفاق يتناسب مع ما تمنحه من موارد مالية ضخمة للحكومة الاتحادية."

جنوبٌ يئنّ تحت وطأة الإهمال

لا تقتصر الأزمة على البصرة وحدها، إذ تشهد محافظات الجنوب الأخرى مثل الناصرية وميسان والمثنى أوضاعاً خدمية متردية مشابهة:
انقطاع شبه دائم للكهرباء، مياه غير صالحة للشرب، طرق متهالكة وارتفاع البطالة بين الشباب رغم وجود الثروات النفطية.

ويؤكد ناشطون من هذه المحافظات أن “الزيارات الحكومية المتكررة لا تتعدى الصور الإعلامية، فيما يظل الواقع كما هو، إن لم يكن أسوأ.”

زيارة انتخابية؟

جولة السوداني في المحافظات الجنوبية، بحسب مراقبين، تأتي في سياق محاولة كسب التأييد الشعبي قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، خصوصاً في البصرة التي تمثل جائزة سياسية واقتصادية كبرى لأي قوة سياسية.

فالمدينة ليست فقط مصدر ثروة النفط والغاز، بل هي أيضاً مركز النفوذ الشعبي في الجنوب، ما يجعلها محطة انتخابية محورية لكل الأحزاب والمرشحين.

في بلد يمتلك رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، تقف البصرة كرمز صارخ للتناقض بين الثروة والحرمان.

مدينة تموّل العراق، لكنها ما زالت تنتظر ماءً نظيفاً وكهرباءً مستقرة.

وزيارة رئيس الوزراء إليها، رغم أهميتها السياسية، لم تُبدّد شعور مواطنيها العميق بـ الخذلان من الوعود المتكررة، ولا تزال أسئلتهم القديمة حاضرة: متى تحصل البصرة على نصيبها من خيراتها؟

يأتي هذا في وقت فرّقت القوات الأمنية في محافظة البصرة، صباح اليوم السبت، تظاهرة نظمها عدد من خريجي التخصصات النفطية أمام مصفى الـFCC، حيث طالب المحتجون بتوفير فرص عمل بالأجر اليومي داخل الشركات النفطية التابعة لوزارة النفط، خصوصاً تلك التي تحقق أرباحاً عالية.

وجاءت التظاهرة بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى المحافظة لافتتاح عدد من المشاريع الخدمية والتنموية، إذ حاول المتظاهرون إيصال صوتهم إلى الوفد الحكومي، مؤكدين أن مطالبهم تمتد منذ سنوات دون استجابة، رغم حاجة القطاع النفطي إلى الكفاءات المحلية.

وذكر شهود عيان أن القوات الأمنية تدخلت لتفريق المحتجين وإعادة فتح الطريق المؤدي إلى المصفى بعد أن قطعوه لساعات محدودة، في حين أكد المشاركون في التظاهرة أنهم سيواصلون تحركاتهم السلمية إلى حين تحقيق مطالبهم المشروعة بالحصول على فرص عمل داخل شركات النفط في محافظتهم.

 
Fly Erbil Advertisment