المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان: العراق يواجه أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 20 عامًا

أربيل (كوردستان24)- أطلق المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، تحذيرًا شديد اللهجة من تفاقم ظاهرة القحط المائي والجفاف التي تضرب مناطق واسعة من العراق، محذرًا من تداعياتها الكارثية على الأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي في البلاد.

وأشار المركز في بيانه إلى أن العراق يمرّ بـ أخطر موجة شح مائي منذ أكثر من عقدين، نتيجة تراجع معدلات الأمطار بأكثر من 60% عن مستوياتها المعتادة، وانخفاض واردات نهري دجلة والفرات بأكثر من 50% مقارنة بالأعوام السابقة، بحسب تقارير وزارتي الموارد المائية والبيئة.

أسباب الأزمة

وأوضح البيان أن أسباب هذا التراجع الحاد تعود إلى التغيرات المناخية العالمية، وسياسات دول المنبع التي قلصت حصة العراق المائية، إضافة إلى ضعف البنية التحتية المائية المحلية، مما أدى إلى تقلص الأراضي الزراعية وازدياد ظاهرة التصحر في مناطق شاسعة من البلاد.

الزراعة في خطر

وبيّن المركز أن القطاع الزراعي هو الأكثر تضررًا، حيث انخفضت المساحات المزروعة بأكثر من 70% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما تسبب في تراجع إنتاج القمح والشعير بنسبة تقارب 60%، وفق بيانات وزارة الزراعة.

كما اضطر العديد من المزارعين إلى ترك أراضيهم الزراعية بسبب نقص المياه وارتفاع كلفة الري، ما أدى إلى خسائر اقتصادية جسيمة وتهديد مباشر للأمن الغذائي الوطني.

الثروة الحيوانية والسمكية تتهاوى

وأشار البيان إلى أن الثروة الحيوانية تواجه خطر الانهيار، إذ سجلت بعض المحافظات الجنوبية نفوق أكثر من 30% من الأغنام والأبقار والجاموس بسبب الجفاف، فيما اضطر مربّون كثر إلى بيع قطعانهم بأسعار زهيدة أو النزوح إلى مناطق أكثر رطوبة.

أما الثروة السمكية، فتعاني من تراجع الإنتاج بأكثر من 50% نتيجة جفاف الأهوار والمسطحات المائية، حيث انخفضت مساحة الأهوار العراقية إلى أقل من 30% من حجمها الأصلي، ما تسبب في نفوق ملايين الأسماك وفقدان أكثر من 15 ألف صياد لمصدر رزقهم.

الهجرة المناخية تهدد التوازن السكاني

كما حذّر المركز من تصاعد الهجرة المناخية الداخلية، موضحًا أن نحو 130 ألف شخص نزحوا من محافظات الجنوب والوسط خلال العامين الماضيين بسبب الجفاف.

وأشار إلى أن استمرار هذه الظاهرة قد يؤدي إلى تحولات ديموغرافية خطيرة، وزيادة الضغط على المدن الحضرية التي تعاني أصلًا من ضعف الخدمات.

تداعيات بيئية وصحية مقلقة

ولم تقتصر آثار الجفاف على الاقتصاد والزراعة، بل امتدت إلى البيئة والصحة العامة.

فبحسب المركز، يهدد التصحر أكثر من 39% من الأراضي الزراعية، وارتفع عدد أيام العواصف الترابية إلى 250 يومًا سنويًا، ما زاد من معدلات الأمراض التنفسية والتلوث البيئي في البلاد.

دعوة عاجلة للحكومة

ودعا المركز الحكومة العراقية إلى تبني رؤية وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية قائمة على العدالة والاستدامة، من خلال:

تعزيز المفاوضات الدبلوماسية مع دول الجوار لضمان الحصص المائية.

تطوير مشاريع تحلية المياه وإعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة والصناعة.

اعتماد الزراعة الذكية وتقنيات الري الحديثة لتقليل الهدر المائي.

تفعيل برامج دعم وتعويض المزارعين ومربي الثروة الحيوانية والسمكية.

وأكد المركز أن مواجهة القحط المائي تتطلب تكاتفًا وطنيًا شاملاً يضم الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، إلى جانب حملات توعية مجتمعية لترشيد استهلاك المياه ومواجهة آثار التغير المناخي قبل فوات الأوان.

 

 
Fly Erbil Advertisment